[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
من قديم شعرنا العربي تلك الرؤية التي تقول " ماكل مايتمنى المرء يدركه .. " هنالك دائما جدل بين الواقع والتمني .. اشياء كثيرة يتمناها المرء في حياته، تداعب خياله واحلامه فيفرح، لكنه يستيقظ دائما على واقع مغاير ومختلف فيحزن.
تأخذنا تلك المقدمة لنقول، ان ثمة امنيات اسرائيلية بالهجوم على لبنان (حزب الله) .. كلام نسمعه مرات، وتدريبات ومناورات اسرائيلية علنية تحاكي حربا من هذا النوع وضد عدو محدد هو حزب الله.
هذا التمني الاسرائيلي تحول الى احساس شاق وصعب .. عندما يتعذر تحقيق امر ما ويظل قائما فانه يتحول الى هدف مقلق ومتوتر. تملك اسرائيل احدث السلاح الاميركي، وتملك الرغبة الدائمة في شن الحروب التي لاتملك غيرها وسيلة للاحساس بتفوقها .. بل يعتبر الاسرائيلي انه عبر معاركه و" صموده " تمكن من القضاء على قيادات عربية خطرة على مستقبلها .. فمن جمال عبد الناصر الى صدام حسين الى المقاومة الفلسطينية، سنوات من الصراع الذي قاومته باسلوب وحيد وهو الاعتماد على القوة والسلاح والحروب.
في العمق الاسرائيلي تردد بين ان تخنق كل الاصوات المعادية لها، وبين ان تبقي من تبقيه .. هنالك اكثر من احساس، بل ربما دراسات بهذا المعنى، بان زوال العدو بوجه اسرائيل قد يخلق لها مشاكل داخلية، خصوصا وان بنيتها الاجتماعية والسكانية هشة، وتماسكها الوحيد هو بقاء عدو خارجي يهددها.
ومع تلك الافكار المشكوك بأمرها، يظل هاجس الحروب قائما لدى كل قادتها .. انه احساس من ارتكب ذنبا كبيرا وجريمة كبرى ضد آخر مازال حيا يشكل خطرا عليه. لهذا السبب مازال العقل الصهيوني الاسرائيلي متأهبا على الدوام لاستنهاض مجتمعه باساليب العداء ذاك وفي يد قادته مفتاح اللحظة التي يأخذه فيها الى حرب ما .. صحيح ان اجيال اسرائيل الجديدة متذمرة من مشاريع الحروب، الا ان الصراع يأكل عقلها، والغاء الآخر من اولوياتها، وحين تمشي الى الحرب فهي تحت فكرة انها الاخيرة، ولا بد ان تخوضها كي تذهب الى السلام الآمن.
لكن من قال ان ثمة في اسرائيل من لايعرف ان الصراع مع الفلسطيني وجودي، وان كل فلسطيني يفهم العكس فهو مختل العقل لايؤتمن الى وجوده على رأس العمل السياسي او القيادي. لذلك لاخيار امام الاجيال الفلسطينية سوى اتمام الصراع بكل اشكاله، واما الاسرائيلي وان كان يملك القوة التي يفرض من خلالها شروط تصرفاته ازاء واقع الصراع، فاغلب الظن انه يستعجل ترتيب حاجة اسرائيل الى اكتمال شروط اقامتها الداخلية وبالتالي فرضها كأمر واقع لايمكن تغييره، وهذا مايجري بالفعل في الضفة الغربية تحديدا.
سيظل هنالك جدل بين الواقع والتمني .. قادة اسرائيل يريدون الحرب ويسعون اليها لكنهم يصطدمون بواقع مابعدها. يرون دمارا في اسرائيل لايمكن تخيله، وقتلى وحرائق، ومصاعب جمة مابعد تلك الحرب، واهتزاز نفسي حاد لدى عموم اسرائيل وهجرة قد تشكل نسبة خطيرة على مجتمعهم.
وفوق ذلك، حتى وان ربح الاسرائيلي المعركة فان الحرب لن تنتهي والصراع لن يتوقف والعداء سيزداد والجرح سيبلغ مداه وستظل هنالك تربة عربية ولادة، اشد عداء واقوى هدفا، ولديها من خمائر الغضب مايفوق كل اجيال سبقت. لابد ان يفهم الاسرائيلي انه طاريء وعليه ان يستعد دوما ليخرج ويغلق باب المطار وراءه كآخر مستوطن.