د. سالم الفليتي:
من المسلم به أن لكل قانون فترة زمنية معينة، يكون خلالها القانون واجب التنفيذ، هذه الفترة ـ كما يسميها البعض ـ حياة القانون، وتبدأ هذه الحياة من وقت نفاذه وتنتهي ـ بإلغائه صراحة أو ضمناً ـ.
أولاً: إلغاء القانون
إلغاء القانون معناه: رفع قوته الملزمة وإنهاء العمل به بالنسبة للمستقبل دون مساس بالفترة السبقة على الإلغاء .. ومن هنا يختلف إلغاء القانون عن إبطاله، حيث أن الإلغاء يفترض بداية وجود قانون استوفى جميع شرائط صحته، ثم ترى السلطة وجوب إنهاء العمل به لعدم ملاءمته لحاجات المجتمع وتطوره، فيترتب على ذلك إنهاء العمل بالقانون ورفع قوته الملزمة، بحيث لا تمس المراكز القانونية التي تنشأ في ظله أي قبل إلغائه.
خذ على ذلك مثال المادة (2) من المرسوم السلطاني رقم 7/2018م بإصدار قانون الجزاء، والذي يجري نصها بالآتي: "يلغي قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/74، كما يلغي كل ما يخالف هذا القانون أو يتعارض مع أحكامه".
أما إبطال القانون، فيفترض بطلانه منذ نشأته وبالتالي ينصرف أثر الإبطال إلى المستقبل وعلى ما تحقق في الماضي أيضاً من مراكز قانونية، فهذه بمثابة إعدام لحياة القانون واعتباره كأنه لم يكن من البداية.
ثانياً: طرق الإلغاء
إلغاء التشريع يكون صريحاً وقد يستفاد ضمناً أو دلالة إستناداً إلى ما تقضي به المادة (4) من قانون المعاملات المدنية العماني "لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع النص التشريعي القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع".
الطريقة الأولى: الإلغاء الصريح
وتتحقق هذه الطريقة عندما ينص المشرع صراحة على إلغاء التشريع السابق بأكمله أو ينص على إلغاء بعض نصوصه .. خذ على ذلك مثالاً: ما جاء به المرسوم السلطاني رقم (65) لسنة 2008م بإصدار قانون المؤلف والحقوق المجاورة، حيث تقضي المادة (3) منه، بأن يلغي قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (37) لسنة 2000م.
الطريقة الثانية: الإلغاء الضمني
وفي هذه الطريقة لا يصرح المشرع بإلغاء النصوص القديمة، ولكنه يستفاد بالضرورة من وجود تعارض بين نصوص التشريع الجديد وهذه النصوص القديمة، بحيث يستحيل التوفيق بينهما .. وهذه الطريقة تأخذ صورتين هما:
الصورة الأولى: تعارض النصوص التشريعية الجديدة مع النصوص التشريعية القديمة، وتأخذ فروضا أربعة:
1- التعارض بين نص عام في التشريع الجديد ونص عام في التشريع القديم.
وهنا في هذا الفرض تتحقق قاعدة العام ينسخ العام مثال: أن يجعل التشريع القديم سن الرشد ثماني عشرة سنة ثم يأتي التشريع الجديد ويجعل سن الرشد إحدى وعشرين سنة.
2- التعارض بين نص خاص في التشريع الجديد ونص خاص في التشريع القديم.
وتطبق في هذه الحالة قاعدة: الخاص ينسخ الخاص مثال: 1- التعارض بين نص في قانون العمل القديم بمنح العاملة إجازة حمل وولادة (45) يوماً، ونص آخر في القانون الجديد يجعل المدة (90 يوماً).
3- التعارض بين نص عام في التشريع الجديد ونص خاص في التشريع القديم.
في هذا الفرض تطبق قاعدة أن العام لا يقيد الخاص ولا ينسخه، بمعنى آخر أن النص الخاص القديم يظل قائماً ونافذاً بوصفه استثناء من الحكم العام الوارد في النص العام في التشريع الجديد.
3- التعارض بين نص خاص في التشريع الجديد ونص عام في التشريع القديم.
في هذه الحالة تطبق قاعدة أن الخاص يقيد العام ولا ينسخه، بمعنى آخر أن يطبق كل من النصين في حدود نطاقه ...
الصورة الثانية: صدور قانون جديد ينظم نفس الموضوع ويفترض في هذه الحالة أن المشرع أراد تنظيم موضوع معين فأعاده بتنظيم جديد سبق وأن قرر قواعده تشريع قديم فأصدر له تشريع. خاص أغفل فيه ما سبقه من تشريعات متعارضة في حكمها ...


استاذ القانون التجاري والبحري المساعد - بكلية الزهراء للبنات
[email protected]