د. سالم الفليتي:يقصد بنطاق تطبيق القانون انبساط سلطته على الوقائع والأشخاص المخاطبين بأحكامه وقواعده. وفي الحقيقة هناك مذهبان يحددان نطاق تطبيق القانون، فبعض الدول تأخذ بمبدأ إقليمية القوانين ويقصد به: أن قانون دولة ما يطبق ويسري على جميع ما يقع علي إقليمها من وقائع، وعلى كافة الأشخاص المقيمين في هذه الدولة أياً كانت جنسيتهم، بمعنى آخر أكانوا وطنيين أم أجانب، وسواء أكانت إقامة هؤلاء الآخرين إقامة دائمة أم إقامة مؤقتة .. والدول التي تأخذ بهذا المبدأ إنما تطبق فكرة سيادة الدولة بالمعنى الواسع لهذا الأخير.في حين أن بعض الدول تأخذ بمبدأ شخصية القوانين ويقصد به: أن قانون الدولة يطبق فقط على رعاياها، وسواء أكانوا مقيمين على إقليمها أم رحلوا للإقامة خارج إقليم تلك الدولة، والدول التي تأخذ وتتبنى هذا المبدأ إنما تقرر مبدأ سيادة الدولة على رعاياها. والمشرع العماني ـ كما هو الشأن في القوانين الحديثة عموماً ـ يأخذ بصفة عامة أو أصلية بمبدأ إقليمية القوانين، ويعني أن التشريعات العمانية تطبق على كل ما يقع من وقائع وأحداث في إقليم السلطنة، وسواء وقع من قبل عمانيين أم من قبل أجانب. إلا أنه في المقابل يأخذ المشرع بمبدأ شخصية القوانين، ولكن في حالات إستثنائية محددة يمكننا إيجازها على النحو الآتي: الحالة الأولى: الاستثناءات الخاصة بالحقوق والواجبات المنصوص عليها فى النظام الأساسي للدولة، وهي بطبيعة الحال مقررة للعمانيين دون الأجانب، وسواء أكان هؤلاء العمانيون إقامتهم داخل السلطنة أم كانوا خارجها ـ خذ على ذلك ماتقرره المادة (58) مكرر (10) من النظام الأساسي للدولة والذي يجري نصها بالقول "يشترط فيمن يترشح لمجلس الشورى الآتي: أن يكون عماني الجنسية بصفة أصلية ....".خذ مثالاً آخر على ذلك ما تنص عليه المادة (16) من القانون وأنه: "لا يجوز إبعاد المواطنين أو نفيهم أو منعهم من العودة إلى السلطنة". خذ مثالاً ثالثاً المادة (37) من القانون ذاته وهي تقرر واجب الدفاع على الوطنيين وحدهم دون غيرهم: "الدفاع عن الوطن واجب مقدس والاستجابة لخدمة القوات المسلحة شرف للمواطنين ينظمه القانون". الحالة الثانية: الإستثناءات الواردة في قانون الجزاء ينظم قانون الجزاء العديد من الاستثناءات على مبدأ إقليمية القوانين مثال المادة (17) من قانون الجزاء التي يجري نصها بالآتي: "تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب خارج الدولة أياً من الجرائم الآتية: أ- جريمة ماسة بأمن الدولة أو سنداتها المالية المأذون بإصدارها قانوناً أو طوابعها أو جريمة تقليد أو تزوير محرراتها أو أختامها الرسمية. ب- جريمة تزوير أو تزييف أو تقليد عملة أو مسكوكات معدنية عمانية أو ترويجها أو حيازتها بقصد تداولها، أو إدخالها إلى الدولة أو إخراجها منها ...).الحالة الثالثة: ما يقرره القانون الدولي العام من حصانة عامة لرؤساء الدول الأجنبية وكذلك أفراد أسرهم والسفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية وغيرهم. فجميع هؤلاء لا يخضعون حال ارتكابهم لجريمة ما لقانون الدولة التي يتواجدون فيها طالما وقعت الجريمة أثناء ممارستهم لوظيفتهم أو بمناسبة ممارستهم إياها أم لا وقد أخذ المشرع العماني بهذه الأحكام إستناداً للمادة (19) من قانون الجزاء العماني. الحالة الرابعة: قواعد القانون الدولي الخاص فهذه القواعد التي تعين القانون الواجب التطبيق في العلاقات التي يتوافر فيها العنصر الأجنبي، خذ على ذلك مثالاً ما تنص عليه المادة (12) من قانون المعاملات المدنية العماني التي يجري نصها بالآتي: "يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج على أنه إذا اتحدت جنسية الزوجين بعد الزواج يطبق قانون جنسيتهما على آثار الزواج".* استاذ القانون التجاري والبحري المساعد ـ كلية الزهراء للبنات [email protected]