[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/07/ssaf.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"] ناصر اليحمدي [/author] كان للعلماء المسلمين الأوائل فضل كبير على البشرية فيما توصلت له من نهضة حديثة شاملة .. ورغم إنكار الأوروبيين لهذا الفضل إلا أن الجميع يعرف بأن علماء الغرب توصلوا للنهضة الحديثة نتيجة ترجمة الحضارة الإسلامية والعبقرية العربية واستغلالها والإضافة عليها في جميع المجالات إذ لم يترك العلماء المسلمون القدامى مجالا وإلا كانت لهم بصمة بارزة فيه.ويعد أبو ريحان محمد البيروني واحدا من هؤلاء العلماء العظماء فقد كان موسوعة علمية متنقلة وكانت له إسهامات في مجالات عدة منها الفلك والجغرافيا والجيولوجيا والفلسفة والتاريخ والرياضة والطب والفيزياء والصيدلة والترجمة حتى وصلت مؤلفاته لأكثر من 120 كتابا في مختلف العلوم ويكفي أنه أول من اكتشف أن الأرض تدور حول محورها كما فتح الباب لحساب الجاذبية الأرضية.لاشك أن البيروني لم يكن لينطلق في سماء الإبداع والابتكار والاختراع وتأليف الكتب لولا الاهتمام وقتها بالثقافة والعلم من قبل الحاكم حيث إن أول كتاب ألفه البيروني كان في بلاط السلطان قابوس بن وشكمير الملقب بشمس المعالي ومنه بدأت مسيرته العلمية والإبداعية حتى أثرى البشرية بأمجاد وحضارة إنسانية مبهرة .. وشاءت الأقدار أن يتم إحياء المجد البيروني على يد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ فلم يكتف جلالته بامتلاك كتبه في مكتبة قصر العلم وحصن الشموخ بل أقام مكتبة تحمل اسم "أبي الريحان البيروني" بطشقند عاصمة أوزبكستان اعترافا بفضل هذا العالم وتقديرا لدوره في خدمة البشرية قام بافتتاحها مؤخرا صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد.لاشك أن إنشاء مكتبة البيروني في أوزبكستان ليس مستغربا على مولانا حضرة صاحب الجلالة ـ أبقاه الله ـ فمنذ انطلاق نهضتنا المباركة وجلالته يولي الثقافة والعلم أهمية خاصة وهذا ليس على المستوى المحلي فقط بل العربي والإسلامي والعالمي إيمانا من جلالته بأن التواصل الحضاري بين الشعوب هو أفضل الطرق لتحقيق التكامل الإنساني والسلام العالمي فحرص على توطيد العلاقات التاريخية بين السلطنة والدول الشقيقة والصديقة وتعزيز التواصل بين الشعب العماني الوفي وشعوب العالم .. ناهيك عن الكراسي العلمية المنتشرة في جامعات العالم من أقصاها لأقصاها وغيرها من المظاهر التي تشهد على جهوده المشكورة في الحفاظ على كنوز الثقافة العربية الإسلامية والإنسانية لكي تستفيد منها الأجيال القادمة.لا يخفى على أحد ما تتعرض له الثقافة العربية الإسلامية من تهميش تارة وتشويه تارة أخرى سواء من أعدائها أو من أبنائها أنفسهم الذين يسيرون في ركاب الحضارة الأوروبية بزعم التمدن متناسين أن أجدادهم هم أصل هذه الحضارة .. من هنا فإن كنوزنا الثقافية وتراثنا الإسلامي والإنساني يحتاج لمثل هذه الجهود المشكورة التي يبذلها المخلصون للأمة للحفاظ عليها وتوعية الأجيال الجديدة بأهميتها حتى يدركوا مدى ما قدمه العظماء الأوائل من إسهامات في الحضارة الإنسانية .. فالصرح العماني الثقافي بالعاصمة الأوزبكية برهان جديد على العناية السامية بالتراث والثقافة والحرص على نشر السلام والاستقرار حول العالم عن طريق تخليد مآثر العلماء والمفكرين وتخليد ذكراهم وتعميق التواصل الحضاري بين الشعوب.إن الرؤية المستنيرة لعاهل البلاد المفدى لمكانة العلماء وإنتاجهم الفكري والإبداعي وتقدير عقولهم وصون تراثنا التليد أحد الوسائل الفاعلة التي تؤدي إلى التنمية المستدامة لأنه يخلق أجيالا تدرك قيمة العلم والمعرفة وبالتالي تصبح قادرة على بناء أمتها باتخاذها المبدعين الأوائل قدوة ومثلا في الإسهام في نهضة ورقي وتطور الأمة.لقد أصبح الصرح البيروني الجديد منارة ثقافية وقبلة لكل من ينشد البحث في التراث الإسلامي ففيه أكثر من 80 ألف مخطوطة في جميع المجالات تقريبا وبعضها يرجع إلى القرن التاسع الميلادي إلى جانب ما يتضمنه من خدمات حديثة كغرفة للتصوير والنسخ وأخرى للمختبر والترميم ومكتبة للقراء وغيرها من المرافق المتعددة.إن الدور الحضاري العماني يتنامى مع الأيام ويزداد ألقا وهو يجوب العالم من مشرقه لمغربه ناشرا المبادئ الإسلامية الصحيحة والثقافة العربية الأصيلة والإنجازات التي خلفها المفكرون والعلماء الأوائل على كافة المستويات العلمية والأدبية والفقهية وغيرها والتي امتدت إشعاعاتها للعصور التالية حتى وصلت ليومنا هذا لتبرهن على أن الدين الإسلامي برئ من الاتهامات الباطلة بالجمود والتخلف بل هو أساس البناء والحضارة والرقي.شكرا سيد عمان مولانا حضرة صاحب الجلالة المعظم على هذا الدور الريادي الذي يرفع اسم عماننا عاليا ويفخر به كل مواطن .. فتقدير العلماء والمفكرين والمثقفين يعكس شخصية عظيمة راقية تنتصر دائما للعلم والحضارة الإنسانية وتثبت بالدليل القاطع أننا أهل سلام ومحبة وتسامح وتواصل وتنمية .. حفظك الله ورعاك وأبقاك لنا ذخرا وسندا وعاهلا مفدى.* * *كل عام وكل أم بخيرتحتفل بعض البلدان العربية بما يسمونه "عيد الأم" وهي مبادرة أطلقها الكاتب الصحفي المصري مصطفى أمين لتكريم الأمهات وتسليط الضوء على مدى تأثيرهن في المجتمع تأسيا ببعض الدول الأوروبية وأميركا وهو ما يجعلنا نتساءل هل الأم في حاجة لعيد أو احتفال حتى نذكر فضلها ؟.للأسف في وقتنا الحالي لم يعد يشعر بعض الأبناء بقيمة الوالدين مع انشغالهم باللهث وراء لقمة العيش بدليل انتشار دور المسنين التي تكتظ بقصص عقوق وتجاهل ولكن في ذات الوقت مازالت هناك نسبة كبيرة من الأبناء يقدرون التضحيات الكبيرة التي قدمها الأبوان من أجل إسعادهم.لقد أوصانا الله عز وجل بالوالدين واختص رسول الله صلى الله عليه وسلم الأم بالرعاية والاهتمام في أكثر من حديث نبوي شريف أبرزها حينما أتى له صحابي جليل وسأله : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك .. وهو ما يدل على مكانة الأم في الإسلام فقد تحملت الكثير في سبيل أبنائها بداية من الولادة وما فيها من ألم مرورا بالتربية بما فيها من معاملة قد تكون حسنة أو سيئة حتى زواجهم وأحيانا يمتد دورها لتربية الأحفاد لذلك فقد وضع الله الجنة تحت قدميها.إن الأمومة تعني الرحمة والحنان والدفء والأمان .. يولد الإنسان فيظل في حضن الأم حتى يبدأ خطواته الأولى في المشي فتمتد له يد أمه لتساعده ويكبر قليلا فيجدها بجواره تحكي له الحكايات لينام ثم توقظه بصوتها الحنون وتقدم له الطعام وتنظم له يومه وتساعده في دراسته وتسهر بجواره في مرضه ومذاكرته إلى أن يصبح قادرا على اقتحام العالم الخارجي والتعامل خارج نطاق الأسرة مستندا على ما علمته إياه من مبادئ وقيم تجعله فردا إيجابيا يثري مجتمعه ويساهم في بناء بلاده.في عصرنا المشحون بالتوتر والجحود نحتاج إلى توعية الجيل الجديد لكي يوجه مشاعره وأحاسيسه وحبه في مكانها الصحيح .. فحب الوالدين فطرة زرعت في قلب الإنسان منذ أن كان جنينا وعلينا أن ننمي هذه المشاعر ونفعلها لتصبح في حيز التصرفات برا واعترافا بالجميل حتى يسود المجتمع الحب والتراحم ويرضى عنه رب العالمين.. فالآباء والأمهات يمنيهم الأمل دائما بأن الأبناء سيردون لهم الدين عندما يحول الزمن أحوالهم من قوة في الشباب إلى ضعف ومرض عند الكبر .. ورد الدين هنا ليس في الملبس والمأكل والمشرب بل معاملة حسنة وكلمة طيبة ونظرة حانية.كل عام وكل أم وامرأة بخير.* * *حروف جريئة• حلقة العمل النقاشية التي نظمها مجلس البحث العلمي ممثلا في برنامج المرصد الاجتماعي والتي تتعلق بالعوامل المؤثرة على الهوية الوطنية العمانية وسبل تعزيزها لدى الشباب العماني غاية في الأهمية نظرا لما يتعرض له الشباب من تيارات وافدة ومعاول هدم للهوية تحت مظلة العولمة والتمدن .. فهويتنا المميزة سر بقائنا واستمرار حضارتنا.• مؤتمر المانحين بروما قرر مؤخرا تقديم نحو 100 مليون دولار كمساعدات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" .. ليس المهم التعهد بقدر التنفيذ فكم من توصيات لمؤتمرات لم تراوح الورق المكتوبة فيه.• الحرب الدبلوماسية بين روسيا وبريطانيا على أشدها على إثر تسميم جاسوس مزدوج روسي سابق وابنته في المملكة المتحدة .. فكل طرف يقوم بعمل استفزازي ليرد عليه الآخر بتصرف أكثر استفزازا .. ترى إلى ماذا ستنتهي هذه الحرب الاستفزازية ؟.* * *مسك الختامقال تعالى : "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا".