” هي لغة دخيلة على المجتمع العربي, وانتشارها جعل منها طريقة جديدة للتواصل, ولكنها وعلى المدى البعيد وفي ظل ضعف الوعي للحؤول دون تمادي هذه الظاهرة قد تطمس اللغة العربية والأبجدية الأصلية وستشوهها, وربما تهدم الموروث الثقافي اللغوي وتقطع الصلة بين الجيل الجديد والتراث العربي والإسلامي المكتوب بأحرف عربية.”
ـــــــــــــــــ
هل التخاطب بين الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة صحية أم بدعة مفتعلة مهمتها التسلل الى لغتنا العربية للعبث بمقوماتها ؟! سؤال يجب الإشارة إليه لما يحمل من مؤشرات تمس جوهر هويتنا العربية خصوصاً وأن اعتماد هذا التخاطب بات منتشراً في السنوات الأخيرة كلغة أوجدها الشباب في الكتابة عبر برامج الدردشة على الإنترنت أو عبر رسائل المحمول وبرامج التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية.
كما أن هذه الحالة أصبحت تستخدم على نطاق واسع حتى أصبحت سمة سائدة للتواصل فيما بينهم، هي أبجدية مستحدثة غير رسمية وأسلوب في الكتابة غير محدد القواعد, ولغة هجينة تنطق مثل العربية تماما ولكنها تكتب بحروف إنجليزية وأرقام ليكون الرقم 7 للدلالة على حرف الحاء والرقم 5 للدلالة على حرف الخاء وغيرهما من الرموز, تسمى بالإنجليزي المعرب, فرانكو آراب, وغيرها من المسميات.
عوامل عديدة تسببت في انتشار هذه الظاهرة بين الشباب، منها افتقار الهواتف المحمولة والحواسيب للوحة مفاتيح باللغة العربية أو لنظام تشغيل يدعم اللغة العربية للمقيمين أو الطلبة في الدول الغربية, وهذا العذر لم يعد مقبولاً لأنها بدأت تنزل في الأجهزة بشكل رسمي مع اللغات الأخرى. فضلاً عن ذلك، النظرة الدونية للغة العربية وعدم الاعتزاز بها، والرغبة فى التميز وإضفاء نوع من الوجاهة الاجتماعية, فهناك شريحة واسعة خاصة من فئة الشباب تعتبر الكتابة بهذه الطريقة عصرية أو موضة أو حداثة أو مسايرة لعصر التقدم والتطور، أو تقليدا اعتقادا منهم إن الإنجليزي المعرب ثقافة وأن اللغة العربية "دقة قديمة" وعاجزة عن مواكبة التقدم.
هي لغة دخيلة على المجتمع العربي, وانتشارها جعل منها طريقة جديدة للتواصل, ولكنها وعلى المدى البعيد وفي ظل ضعف الوعي للحؤول دون تمادي هذه الظاهرة قد تطمس اللغة العربية والأبجدية الأصلية وستشوهها, وربما تهدم الموروث الثقافي اللغوي وتقطع الصلة بين الجيل الجديد والتراث العربي والإسلامي المكتوب بأحرف عربية.
إن استخدام الحروف والأرقام الإنجليزية المعربة دليل على وجود أزمة هوية لدى الشباب, ورغم خطورة وتداعيات هذه الظاهرة، إلا أنها لم تنل حقَّها من الدراسة والتحليل، ولم تُفرَد لعلاجها بحوثٌ علمية جادة، وعلى الإعلاميّين واللُّغويُّين أن يُسارعوا الى وأدِ هذه الحالة وهي في مهدها، قبل أن تستفحل وتتعمَّق أكثر مما هي عليه الآن, ومن الضرورة نشر الوعي اللغوي في المدارس والجامعات وتنبيه الطلاب إلى آثار هذه الظاهرة السلبية, وعدم الخجل من التعامل بها على وسائل التواصل الاجتماعي.
الظاهرة بحاجة إلى مشاريع وأنشطة ثقافية وعلمية جادة لإحياء العربية الفصحى لجميع المراحل العمرية وتعزيز استخدامها والتواصل بها، وتذوقها، وتبصيرهم بقيمتها ومكانتها, وأصولها وقواعدها الصحيحة, وإلى حملات توعية تعرف بخطورة الكتابة بالإنجليزية المعربة وبأهمية تعلم اللغة العربية, وإلى حملات توعية مكثفة على شبكات التواصل الاجتماعي ضد الإنجليزية المعربة وترفض التواصل مع من ينتهج هذا الأسلوب غير الصحي, وترد عليه بــــ « أكتب عربي ».

سهيلة غلوم حسين
إنستقرام/ suhaila.g.h تويتر/ suhailagh1 إيميل/ [email protected]