أحمد السيابي:

"بدر" المعركة الفاصلة بين الحق والباطل في تاريخ الاسلام، وسماها الله معركة الفرقان

خروج النبي كان من أجل العير (وهي القافلة) وليس النفير (وهم المشركون)

المسلمون اعتمدوا على اسلوب الصفوف كأنهم بنيان مرصوص والمشركون اتبعوا أسلوب الكر والفر

المعركة تحمل الكثير من الدروس والعبر ورسمت الكثير من المعالم الاسلامية

التقى به ـ علي بن صالح السليمي:
يقول سعادة الشيخ احمد بن سعود السيابي الامين العام بمكتب المفتي العام للسلطنة بوزراة الاوقاف والشؤون الدينية : يحق لمعركة بدر الثانية او معركة بدر الكبرى ان يطلق عليها (أم المعارك) فهي كانت المعركة الفاصلة بين الحق والباطل في تاريخ الاسلام، لذلك سماها الله تعالى معركة الفرقان في سورة الانفال في الآية (41) في قوله عز من قائل:(وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير) لانها فرقت بين الكفر والايمان.
موضحا سعادته بأن المعركة سميت بمعركة بدر نسبة الى المكان الذي وقعت فيه المعركة ، كما ان ذلك المكان سمي بدرا باسم بئر هنالك، وسميت تلك البئر بدرا نسبة الى رجل من جهينة ، وقيل من غفار، من بني النار منهم، وقيل نسبة الى بدر بن قريش بن يخلد الذي سميت قريش به، وقيل لصفاء مائها ورؤية البدر فيها، وقيل لاستدارتها كالبدر، وقيل باسم وادٍ هنالك، وكانت تعقد به سوق للعرب، وفي رأيي ان هذه التسمية نسبة الى الرجل الذي حفر تلك البئر هنالك واسمه بدر لان كثيرا من الاماكن في الجزيرة العربية تنسب الى الاشخاص.
وبيّن هنا سعادته ان تاريخ المعركة كان في السابع عشر من شهر مضان في السنة الثانية للهجرة ويوافق هذا التاريخ ميلاديا يوم الثلاثاء عام 624م.
وقال سعادته: ان هناك اسبابا مهدت لحدوث هذه المعركة وهي: اخراج النبي (صلى الله عليه وسلم) من مكة المكرمة الى المدينة المنورة هو ومن معه من المسلمين، وكذلك استيلاء مشركي مكة على اموالهم مما اضطرهم الى الخروج من مكة من دون مال، وايضا من ضمن الاسباب ايذان الله تعالى لهم بالقتال بعد ان كانوا ممنوعين من ذلك، بالاضافة الى تحرش قريش بالمسلمين بعدما رأت نمو قوتهم وبروز كيانهم وبداية ظهور دولتهم، وقيام النبي (صلى الله عليه وسلم) ببعض الغزوات كغزوة الابواء وغزوة بواط وغزوة العشيرة او بدر الاولى، واخيرا من هذه الاسباب خروج ابي سفيان بن حرب ومعه عدد كبير من وجوه قريش في قافلة تجارية كبيرة لقريش الى الشام وكانت قريش تعنى الى حد كبير بالتجارة.
مشيرا سعادته الى ان خروج النبي (صلى الله عليه وسلم) كان من أجل العير (وهي القافلة) وليس النفير (وهم المشركون) اي للاستيلاء على الاموال وليس لخوض معركة قتال مع المشركين، ولكن الله لحكمة يعلمها اراد امرا آخر اراد القتال.
واوضح سعادة الشيخ السيابي بأن استعدادات المسلمين تجلت للمعركة في اعطاء الرايات والألوية وصنع حوض الماء وبناء مقر للقيادة وترتيب الجند، مبينا سعادته هنا بأن اسلوب المسلمين في القتال اعتمد على اسلوب الصفوف كأنهم بنيان مرصوص وهو اسلوب لم تعهده العرب في القتال من قبل ، اما المشركون فقد اتبعوا الاسلوب التقليدي المعروف وهو اسلوب الكر والفر، كما ان المسلمين كانوا موحدي القيادة تحت قائد واحد هو الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) اما المشركون فليسوا موحدي القيادة، حيث جرى قتالهم كأفراد لا كمجموعة موحدة.
وقد اشار سعادته الى ان المعركة جرت من اول النهار الى المساء وقد اسفرت نتائجها عن هزيمة ساحقة للمشركين ، حيث قُتل منهم سبعون رجلا وأُسر سبعون ، حيث امر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالقتلى ان يطرحوا في القليب أي البئر الموجودة هناك، ووقف عليهم قائلا لهم:(يا اهل القليب هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فإني وجدت ما وعدني ربي حقا)، ام الاسرى المشركون فقد توجه بهم المسلمون الى المدينة وعددهم سبعون اسيراً وامر النبي (صلى الله عليه وسلم) بقتل اسيرين منهم لشدة عداوتهما للاسلام وللنبي (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين، ولعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) اعتبرهما مجرمي حرب لا اسيرين وهما:(النضر بن الحارث وعقبة بن ابي معيط)، اما بقية الاسرى فقد امر الرسول (صلى الله عليه وسلم) اصحابه ان يستوصوا بهم خيراً، فاستجاب الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ الى ذلك بشهادة الاسرى انفسهم.
وقال سعادته: ومن هنا تجلت الانسانية الحقة في أبهى صورها، حيث اصبحت معاملة الاسير معاملة الانسانية الكريمة دليلاً على السلوك الحضاري، وهو ما أخذت به القوانين الدولية في الحرب والسلم في العصر الحاضر، حيث تنص على معاملة الاسير طبقاً للمبادئ الانسانية وحمايته من الاعتداء والاهانة.
ونوه سعادته هنا بأن المسلمين قد غنموا من المعركة مغانم كثيرة وكبيرة الى حد ان اختلفوا فيها شيباً وشباباً حتى نزلت سورة الانفال في ذلك لتحدد وتوضح كيفية تقسيم تلك المغانم، وبعد انتهاء هذه المعركة عاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمسلمون الى المدينة المنورة بعد ان مكثوا ثلاثة ايام في بدر لأخذ الراحة ولترتيب الغنائم وتدبير شؤون الاسرى، وبالمعنى العام لوضع خطة العودة الى المدينة، وقد تلقى واستقبل اهل المدينة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالروحاء مقدمين له التهنئة بهذا النصر العظيم والفتح المبين، اما قريش فقد ناحت على قتلاها وبكتهم بكاء مرًّا لانها رزئت رزءا عظيما بمقتل سادتها وكبرائها الذين كانوا شامة في جبين العرب والعروبة.
واخيرا ذكر سعادة الشيخ احمد السيابي في ختام حديثه عن الدروس المستفادة من هذه المعركة والتي اسماها (ام المعارك) حيث قال: لا شك ان معركة بدر الكبرى ذات دلالات عظيمة تحمل الكثير من الدروس والعبر والعظات لكونها اول معركة كبيرة بين الاسلام والكفر وافرزت الكثير من الامور ورسمت الكثير من المعالم الاسلامية ، ومن هذه الامور المستفادة من هذه المعركة هي: المساواة والشورى وبروز القوة الاسلامية والعقيدة كعامل مهم فب الحرب وتحقيق العبودية لله والمبدأ قبل النسب وتكريم العلم وقضايا تشريعية واخيرا نصر المؤمنين.