[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]يخلط بعض المحللين الاقتصاديين بين تفسير الكلفة والتكلفة لتحديد حجم المال المصروف في هذا النشاط الاقتصادي أو ذاك، واعتبار هذين العنوانين عنوانًا واحدًا في التناول، في حين أن الواقع يشير إلى خلاف ما ذهب إليه هؤلاء المحللون، إذ يشار إلى الكلفة حين يكون هناك رأس مال مخصص لمشروع من المشاريع، بينما تحسب التكلفة على أساس ما يمكن أن يؤدي نشاط اقتصادي ما إلى هامش من الخسارة غير المحسوبة، وفي كل الأحوال ينظر إلى التكلفة على إنها أحد المآخذ التي ينبغي التحسب ضدها بدراسة جدوى مشاريع لئلا تكون النتائج مخيبة للآمال المرسومة بشأنها، وعلى أي حال بدأت الكثير من الدول تأخذ بنظر الاعتبار ضرورة التحسب للتكلفة الباهظة واحتمال استمرارها وتأثيرها السلبي على الوضع الاقتصادي العام.ولكي نكون على بينة من بعض صور التكلفة نشير إلى أن النظام الغذائي الذي يعتمده البريطانيون فيه هامش تكلفة تزيد على الملياري دولار سنويًّا وذلك من خلال الأسلوب الغذائي المعتمد وما يخلف من بقايا ترمى في المكبات، ولنا أيضًا في صورة اخرى عن حجم التكلفة في الاشارة إلى ما تسببه استخدامات البلاستك على البيئة حيث قدرت التكلفة بـ75 مليار دولار سنويًّا مقابل ما ينتجه العالم من هذه المادة حيث يقدر الإنتاج الكلي 280 مليون طن كل عام، وهناك أمثلة أخرى للتكلفة منها ما شهدته روسيا من خسائر سنوية جراء استخدام أنواع من الخبز وكيف أن المواطن الروسي لا يأكل إلا الغطاء الخارجي، بينما يرمي (اللب)في المكبات، وتحضرني هنا دعوة طريفة وجهتها إحدى المنظمات المعنية بشؤون البيئة في فرض ضريبة على الأسر والأشخاص الذين تكون المادة الغذائية الجزء الأكبر من مخلفات منازلهم، ولا يعرف بعد كيف يمكن قياس ذلك، كما أن في الولايات المتحدة الآن دعوات كثيرة لإعادة ترشيد حجم الأطعمة التي يمكن أن يخلفها المواطن الأميركي من الوجبات الغذائية التي يتناولها في مقدمتها الوجبات السريعة المشبعة بالدهون.والواقع أن هناك تقارير مؤكدة تفيد بأن الصينيين والهنود هم أكثر شعوب الأرض تقنينًا من أجل خفض حجم التكلفة الغذائية المرتبطة بالنظام اليومي المعتمد وما يمكن أن يخلفه الفرد الواحد من بقايا الطعام، ولكن بالاقتراب من الواقع العربي فإن الصورة محزنة حقًّا لجهة التكلفة المرتبطة بالنظام الغذائي الذي نعتمده، وكيف أن بيوتنا تحولت إلى مصدر لأطنان من بقايا الطعام التي تذهب هدرًا لا لشيء إلا لإرضاء طموحنا بأننا كرماء على أنفسنا وعلى الآخرين بإحياء مسرحي لذكرى الكرم الغابر!!إن هناك أطنانًا من الغذاء تذهب هدرًا كبقايا طعام يوميًّا حتى بالنسبة لأسر المتوسطة الحال أو بالتعبير الاقتصادي الأسر ذات الدخل المحدود، ولكي نتبين الصورة أكثر من الأسواق الخاصة بالأغذية الجاهزة وكيف أن شركات كثيرة دخلت على هذا المجال لأن التجارة في هذا النوع من الأغذية أصبحت رائجة دون أن ننسى التكلفة الجسدية الكبيرة في تناول أنواع عدة من الأطعمة والوقوع في فخ التخمة.وما دمنا في شهر رمضان الآن فعلينا أن نتصور حجم التكلفة المالية للأسرة الواحدة لتلبية حاجات غذائية يومية متنوعة قد لا يأكل منها الصائم إلا القليل ثم يتم الاستغناء عنها خلافًا للقيمة الروحية في الصوم وما ينبغي أن يتعلمه الإنسان من ترشيد وصبر وزهد وقناعة وتعفف عن الاستهلاك.إننا اليوم في عالم عنوانه ((النهمة)) من النهم، بالرغم من تقلص حجم الموارد الغذائية، وما نشهده بين الحين والآخر من ارتفاعات في أسعارها وفق بيانات منظمة الزراعة والأغذية (الفاو).الخلاصة تكمن في قول خبير اقتصادي عربي إن البعض يصنع فقره بيده نتيجة الإسراف تحت طائلة (أن النفس وما اشتهت) فهل نصلح أنفسنا بإعادة ترشيد حاجاتنا لخفض معدل التكلفة، سؤال قد يتهمنا البعض بعدم ضروريته ولكن من الأخلاق أن لا نستكبر على الوقائع.ويكفينا من التكلفة أيضا أن نشير إلى ما قاله أرنولد توينبي (إن إنجازات الإنسان التكنولوجية تحولت إلى أدوات لتدمير المحيط الحيوي)، أليست هذه تكلفة خطيرة!!