مسقط ـ الوطن
انطلقت مساء أمس الأول بقاعة جامع السلطان قابوس الأكبر ببوشر، ندوة قراءة في فكر الشيخ المؤرخ سرحان بن سعيد السرحني الأزكوي صاحب الكتاب الشهير (كشف الغمة في جمع أخبار الأمة) والتي أقامها المنتدى الأدبي تحت رعاية سعادة عيسى بن حمد محمد العزري وكيل وزارة العدل وعلى مدى يومين متتاليين، حيث اختتمت مساء أمس.
في بداية انطلاقة الندوة ألقى راشد بن صالح الشيادي مدير المنتدى الأدبي كلمة بالمناسبة تحدث فيها عن أهمية هذه الندوة وما تلاقيه من حضور أدبي كما تطرق إلى العمل الفكري الذي يقوم به المنتدى في إظهار العلماء والأدباء والفقهاء على حد سواء وأن هذا العمل هو رسالة المنتدى الأدبي في توجهاته الثقافية.
وقدم في هذه الندوة خمس أوراق عمل متخصصة. ففي الجلسة الأولى قدمت ورقتا عمل تناولت حياة العالم السرحني، حيث قدم الورقة الأولى الدكتور محمد حبيب صالح بعنوان (حياة المؤرخ الأزكوي وثقافته) ، والتي أشارت إلى أن الشيخ سرحان بن سعيد الإزكوي من علماء القرن الثاني عشر الهجري ، الثامن عشر الميلادي ، وعاش في عصرين كان لكل منهما خصوصيته السياسية والفكرية والثقافية ، هما: عصر اليعاربة ، وعصر الدولة البوسعيدية ، الأمر الذي كان له تأثير مهم على شخصيته العلمية والسياسية. كما انه شغل بسطاء الناس من محبي الاطلاع على التاريخ وأحداثه والمؤرخين العمانيين الذين جاءوا من بعده ، وحملوا رسالته ، وأكملوا مسيرته، الشيخ حميد بن محمد بن رزيق والشيخ نور الدين عبد الله بن حميد السالمي ، والشيخ سالم بن حمود السيابي.أما الورقة الثانية والتي عنونت بـ" المؤرخ الأزكوي وآراؤه الفقهية فقدمها" الدكتور يوسف إبراهيم السرحني، حيث تطرق السرحني إلى الحياة الفقهية للشيخ سرحان مبرحا في العديد من الأطروحات والدلائل والحديث عنها بشكل مفصل، كما طرقت إلى جوانب العلم وسيرته مع الفقهاء ورجال الدين الذين عاصروه في ذلك الوقت.أما في الجلسة الثانية قدم الباحث موسى بن صالح البراشدي ورقة عمل تحت عنوان"الأزكوي مؤرخا"، والتي تطرقت إلى رؤية الشيخ سرحان بن سعيد الازكوي التاريخية ، من حيث تناول نظرته إلى علم التاريخ وأهمية ذلك العلم، بالإضافة إلى أسلوبه في الكتابة التاريخية كما ورد في مؤلفه الموسوم "كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة" ، والعوامل المؤثرة في كتابته التاريخية، بالإضافة إلى ضرورة تناول قراءاته ومصادره في مجال التاريخ والتي كان لها الأثر الواضح في تأليفه للكتاب المذكور، واختتمت الورقة باستعراض بعض الآراء التي كُتبت حول المؤرخ الإزكوي والمآخذ التي عُدت عليه في مجال الكتابة التاريخية من خلال كتابه "كشف الغمة" مع بيان رؤية الباحث حول تلك الآراء والأهمية التي قدمها المؤرخ الإزكوي لتاريخ عمان بشكل عام . ونظراً لعدم وجود دراسات مستقلة حول المؤرخ سرحان بن سعيد الإزكوي واللغط الذي وقع فيه الكثير من الباحثين في تاريخ عمان سواء من العرب أو من المستشرقين الأجانب الذين اهتموا بهذا المجال ، والدور الذي قدمه بعضهم في تحقيق كتاب "كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة" واختلافهم في اسم المؤلف الحقيقي والسنة التي انتهى فيها من تأليف الكتاب ، فقد كان لزاماً على الباحث العودة إلى أقدم تلك المخطوطات للتثبت من اسم المؤلف وسنة التأليف ، كما كان من الضروري الاعتماد على إحدى الطبعات المحققة للكتاب لدراستها ومقارنة ما كُتب حول مؤلفها سابقاً للتوصل إلى رؤية حيادية نوعاً ما بشأن الأهمية التاريخية التي قدمها المؤرخ الإزكوي للمدرسة التاريخية العمانية .
أما الورقة الثانية فجاءت بعنوان "خصائص الخطاب الديني لدى الازكوي" قدمها الدكتور أحمد بن يحيى الكندي، تحدث فيها الكندي عن سلوك الخطاب وماهيته مع الشيخ الازكوي موضحا في ذلك الخصوصية الرائدة التي تميز بها هذا الخطاب والذي اتسم بالعديد من النقاط التي تتصف بها حياة الفقهاء والعلماء وما تناولوه في سلوك أدبهم الديني الفقهي. أما الورقة الأخيرة فقدمها الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي وجاءت بعنوان "قراءات في كتاب كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة" حيث أشار الهاشمي إلى أن القراءة لهذا الكتاب تأتي لأهميته وما تضمنه من معلومات قيمة ومصدر هام للتاريخ العماني السياسي والثقافي والديني، فضلا عن القضايا العقيدية التي يتبناها المذهب الإباضي، كما تهدف الدراسة إلى عمل مقارنة بين المطبوع والمخطوط حيث عثرت على بعض الاختلافات إما تحريفا أو سهوا أو سوء قراءة. والتعريف به حيث إن الكتاب ليس كتابا تاريخيا فحسب بل تناول الفرق الإسلامية من وجهة نظر الإباضية والفقه وغيرها وهو يحتوي على أربعين بابا. وقسمت هذه الدراسة إلى محورين، المحور الأولى يتناول نسخ مخطوطات الكتاب وأهم الأعمال التي قام بها الباحثون للعناية بهذا الكتاب, أما المحور الثاني خصص لوصف الكتاب والتعريف بمحتوياته ومصادره. وينتهي الكتاب بخاتمة توضح أهم النتائج التي توصل إليها الكتاب. وتأتي هذه الندوة ضمن اهتمام المنتدى بتاريخ الأعلام العمانيين الذين ساهموا في إثراء الثقافة والفكر في عمان والعالم أجمع.