قالوا لنا : يأتي غدٌ ...
ثُمَّ انتهى ألفُ غدٍ ...
لمْ يبْقَ منهم
غيرِ أنهارِ الدما
لمْ يأتِ يوْمٌ بَعْدَهُ
إلا الصدى ...
لمْ يأتِ إلا أمسُنا
إذْ في بلادي لن ترى
يوما له ... أيَّ غدٍ
يا أيُّها الغائب عنْ
أزماننا ...
أفعالنا ...
عنْ كلِّ شيءٍ غيرَ آهاتِ المنى
هلّا أتيْتَ مِنْ دروبِ التيهِ كيْ
تُزجي مطايانا إلى
هذا الذي ...
يأبى اصطحابَ الحُلْمِ منْ
دنيا أمانينا... إلى دُنيا الرؤى
مَلَّتْ حروفُ الشِّعْرِ مِنْ
رَسْمِ الغدِ المسجونِ في
أذهانِنا ...
ما عاد مَعْنى الصُبْحِ في قاموسنا
ما عاد طَعْمُ الحُلْمِ يحلو أوْ
يَزيلُ المرَّ منْ أفواهنا
حتّى أغانينا التي نشدو بها
ما عاد فيها غيرِ أمسٍ لم يَعُدْ مِلْكا لنا
صرنا نعيشُ الأمسَ فخرا
في رداء يومنا
كأنّنا ... والذاتَ بينَ الأمس واليوم المسجى
في متاهات العَنا
طفلٌ كسيحٌ لم يَجِدْ
دربَ الخلاصِ للغدِ المصلوبِ في أحلامنا
قالوا لنا : ....
يأتي غدٌ ...
وها أنا ...
وبعْدَ أن شاختْ خُطانا نحوه
ما زلتُ في تيه الحروفِ والمعاني باحثا
إذ إنّنا .. حين اشتهيناه مضى
كأنّهُ ضيفٌ قبيحُ الوجهِ والذكرى
قد توارى بيْنما
نحثو كؤوسَ الوهمِ والتغريبِ في
دنيا التَّمني وانكساراتِ المنى
قالوا لنا : ...
يأتي غدٌ ...
لكنهم لم يُخْبرونا ..
كيف يأتينا غدٌ...
ليس له يومٌ
يقيهِ من يدِ الأمسِ المُعادي ... للغدِ

هشام مصطفى