..ويتساءل الكثيرون عن العيوب التي تعيب القرار الإداري وتجعله باطلا وقابلا للإلغاء إذا ما تم الطعن فيه أمام القضاء الإداري، هذه العيوب التي تعيب القرار في العالم المعاصر هي عيب عدم الاختصاص، وعيب الشكل، وعيب مخالفة القانون، وعيب إساءة الموظف لسلطته أو إساءة استعمال الوظيفة.
وتقرر مدى مشروعية القرار الإداري وقت إصدار القرار، وعلى القاضي الإداري أن يرجع إلى تاريخ إصدار القرار ليتحقق من توافر أو عدم توافر أوجه الإلغاء في القرار.
فماذا يقصد بعدم الاختصاص؟
نقول إن عدم الاختصاص باعتباره عيبا من العيوب الجوهرية هو عدم قدرة الموظف قانونا على اتخاذ تصرف معين ذلك أن اختصاص أعضاء السلطة يحدده القانون أو المبادئ القانونية العامة والقواعد القانونية المنظمة للاختصاص تتعلق كقاعدة عامة بالنظام العام وبالتالي لا يجوز قانونا تعديل قواعد الاختصاص، فالموظف الذي منحه القانون اختصاصا معينا لا يستطيع أن يتنازل عن هذا الاختصاص أو يقوم بالتفويض فيه إلا إذا أجاز له القانون ذلك.
ومن العيوب التي تعيب القرار عيب الشكل أو الإجراءات.
فماذا نقصد بعيب الشكل في القرار الصادر من الموظف؟
الأصل العام أن القانون قد يفرض على الإدارة اتباع إجراءات خاصة أو شكليات وذلك لضمان حسن إصدار القرارات الإدارية.
فالقرارات الإدارية الصادرة بتوقيع جزاءات تأديبية يجب ألا تخل حق الدفاع، فأي جزاء تأديبي يجب أن يسبقه تحقيق يواجه فيه الموظف بأدلة الثبوت وتسمع فيه أقواله ويحقق معه دفاعه وأن يحاط الموظف علما بالتهم الموجه إليه على أن تترك له الفرصة بعد ذلك ليعد دفاعه.
إن عدم الإخلال بحق الدفاع هو من المبادئ القانونية العامة التي توجد بغير نص، ومن العيوب التي تعيب القرار أيضا عيب مخالفة القانون.
فماذا نقصد بعيب مخالفة القانون؟
نقول أن هناك قاعدة عامة تقضى بأن القرارات الإدارية يجب أن يكون محلها متفقا مع القانون أما إذا كانت مخالفة للقانون فان القرار الإداري يعد باطلا.
ومن الشروط الجوهرية الواجب توافرها في القرار الإداري هو أن يكون ممكنا وجائزا قانونا، فإذا كان محل القرار من المستحيل تنفيذه فانه يعد باطلا أعمالا للقاعدة الأصولية والتي تقضي بأن الإنسان لا يكلف بالمستحيل.
نخلص من ذلك انه لكي يعد القرار مشروعا يجب ألا يخالف القانون والمبادئ العامة للقانون.
والمبادئ القانونية العامة هي مجموعة من القواعد استخلصها القضاء الإداري من الاتجاهات العامة للتشريع فهي قواعد غير مكتوبة لها قوة القانون يجب احترامها ومن أهم هذه المبادئ مبدأ المساواة.
ونلاحظ أن عدم المساواة والعدالة بين الموظفين مما يولد الإحباط الإداري لبعض الموظفين في الدولة مما يؤدي إلى عرقلة حسن سير العمل وهذا ما نلاحظه بصفة خاصة في البلاد النامية.
أن الإدارة الحسنة التي يتعين اتباع مبادئها تقوم على مبدأ العدالة والمساواة مما يعد عاملا رئيسيا في نجاح الإدارة في تحقيق أهدافها.
وأخيرا من العيوب التي تعيب القرار عيب إساءة استعمال الموظف لسلطته هذا العيب يجعل القرار باطلا.
ويتساءل البعض عن حكم ما إذا كان مصدر القرار قد أراد تحقيق مصلحة شخصية أو محاباة شخص أو الانتقام من شخص آخر؟
نجيب بالقول أن عيب إساءة الموظف لسلطته هو من العيوب التي تعيب القرار الإداري وتجعل القرار باطلا.
فالقاعدة العامة تقضى أن كل قرار يجب أن يستهدف المصلحة العامة، فإذا جاء قرار الموظف مثلا كما يحدث أحيانا ولاسيما في البلاد النامية بعيدا عن تحقيق المصلحة العامة، فان هذا القرار يقبل الطعن فيه بعيب إساءة استعمال السلطة أو إساءة استعمال الوظيفة ويقضى القضاء الإداري بإبطال القرار الإداري الصادر من الموظف إذا كان الموظف أراد تحقيق مصلحة شخصية تحت ستار المصلحة العامة.
نخلص من هذا أنه يجب اتباع مبادئ الإدارة الحسنة واحترام المبادئ العامة للقانون العام ومن أهمها مبدأ المساواة وتحقيق العدالة حتى يتحقق حسن أداء العمل الوظيفي.

د. طلال بن سالم الحسني
خبير القانون الدولي العام
[email protected]