[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/05/salahdep.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. صلاح الديب[/author]
إن للإدمان عموما أثرا سلبيا على كافة الأفراد المدمنين ثم على عائلاتهم وعلى مجتمعاتهم عموما، فيؤدي إلى انتشار الأمراض والاعتماد على وسائل غير قانونية من أجل الحصول على المواد التي تؤدي إلى الإدمان مثل القيام بالسرقة أو جرائم القتل والتي ترتبط ارتباطا مباشرا في حالات الإدمان على المواد المخدرة.

أستكمالا للمقالات السابقة والتي بدأنا فيها الحديث عن أمر غاية في الخطورة، وأوضحنا أن الإدمان أصبح هو أحد أهم الأسلحة الفتاكة للنيل من الشعوب والأوطان، لذا علينا أن نتصدى له بكل ما أوتينا من قوة وحتى نجب شعوبنا وأوطاننا الدمار المحقق الذي قد يتحقق جراء سقوط العنصر البشري في فخ الإدمان، وعلى أن يكون هذا بنشر الوعي، وأيضا الضرب بيد من حديد لكل من يثبت تورطه في استهداف العنصر البشري في بلادنا؛ لأنه يستهدف بهذا الأمن القومي لأن العنصر البشري يعد إحدى أهم الركائز التي تبنى بها وعليها البلدان، كما أنه ينبغي عرض الحقائق التي تخص هذا الأمر بكل صراحة لأن في بعض الأحيان تكون مصارحة المريض بحالته الصحية ومهما كانت متدهورة أمرا مهما وضروريا، وذلك لأن يعي أهمية العلاج أو التدخل الجراحي، ويلتزم بكل ما هو من شأنه مساعدته على التماثل للشفاء وإلا سيكون الطبيب والأدوية وحتى الجراحة في اتجاه والمريض بعدم وعيه ومعرفته بحقيقة مرضه في اتجاه آخر، وبالتأكيد ستكون النتيجة ليست هي المرجوة لا من الطبيب ولا حتى من المريض أيضا.
ينبغي علينا أولا معرفة الإدمان ويطلق عليه أيضا مسمى التعود وهو عبارةٌ عن حالة نفسية وسلوكية تؤثر على الإنسان وتجعله يرغب في القيام بشيء ما من أجل تحقيق الراحة النفسية كالتعود على تناول طعام معين بشكل دائم أو غسل اليدين المتكرر وغيرها من العوامل الأخرى المؤثرة في الإدمان.
وعادةً يرتبط المفهوم العام للإدمان بالتعود على تناول جرعات زائدة من أدوية معينة أو أنواع من الأعشاب التي تحتوي على مواد مخدرة أو شرب كميات كبيرة من مواد كحولية، وهذا ما يؤدي إلى تحول الإدمان إلى مرضٍ شديد يدفع الإنسان إلى القيام بأي شيء من أجل تحقيق الراحة العقلية والنفسية التي يريدها من الإدمان، وعند التأخر في علاج المدمن قد ينتج عن ذلك تطور الحالة المرضية عنده مما يؤدي إلى وفاتهِ.
فالإدمان هو أحد الاضطرابات السلوكية التي تجعل المصاب يقوم بعمل متكرر للوصول لنشاط معيّن من دون أي اهتمام بعواقب ما يقوم به، وإن كان يؤدّي للموت أو يسبب الأذى.

ومن أهم الأشياء التي لا بدّ من التحدّث عنها بشكل موسّع الإدمان على المواد المخدّرة التي تجعل الشخص يدمن عليها بمدة قصيرة والتي قد تؤدّي إلى الموت والتهلكة أو التفكير في الانتحار وجرائم القتل دون وعي، لذلك فمن المهم معرفة أعراض الإدمان وعلاجه وكيفيّة الوقاية منه وهذا الذي سنتعرف عليه في هذا المقال.
فمن أعراض الإدمان تدنّي مستوى الفرد في العمل أو الدّراسة، والغياب المتكرّر، واختلاق الأعذار، وعدم الرغبة في البقاء مع العائلة، وتجنّب الجلوس معهم، والغياب خارج المنزل لفترة طويلة، والعصبيّة الشديدة، وتقلّب المزاج، وكثرة الغضب بسبب أمور بسيطة، والابتعاد عن تحمّل المسؤولية، واللامبالاة في جميع الأمور، وازدياد الإنفاق المالي بشكل واضح ودون أسباب تُذكر، والانضمام لأصدقاء جدد والابتعاد عن الأصدقاء القدامى، وفقدان في الوزن بشكل ملحوظ، وقلة النوم، وتغيّر في لون العيون إلى الاحمرار.
ينبغي علاج الإدمان بعد التعرّف على أعراض الإدمان، فلا بدّ من إيجاد الحلول المثالية وتقديم العلاج المناسب للشخص المدمن، فهناك العديد من الطرق والوسائل والأماكن المختصة والمؤهلة التي يمكن أن تعالج المدمنين وتقدّم التوعية الكاملة إليهم، فيجب الاتجاه إليها فورا وأخذ الشخص المدمن إليها، فيعالجه الأطباء وذلك بسحب المادة المخدّرة من جسمه بشكل تدريجيّ، وسيتم إبقاء المدمن في مركز العلاج لمنعه من تناول المواد المخدّرة والحرص على عدم حصوله عليها، ويتم علاجه نفسيا، والحرص على عدم تعرضه لانتكاسة مرة أخرى، ولا بد من وجود رغبة وإرادة من الشخص المدمن في العلاج لزيادة نسبة الشفاء بشكل أسرع، وبعد الانتهاء من فترة العلاج يجب التركيز والانتباه من قبل الأهل على المدمن كي لا يعود لتناول المخدرات.
وللوقاية من الإدمان فإن أفضل النصائح التي تمنع الإدمان عدم تناول المواد المخدّرة بشكل نهائي مهما كانت الأسباب.
التوعية الكافية بخطر المخدّرات وسرعة انتشار مفعولها في الجسم، وكما يجب الحذر من جميع الأصدقاء، وعدم أخذ أي نوع من الدواء منهم ولا بد من تواصل الأهل مع أولادهم باستمرار وتوعيتهم والاستماع إليهم، وتقوية العلاقة معهم، ويجب على الوالدين أن يكونوا قدوة حسنة لأولادهم، وأن يبتعدوا عن المواد المخدّرة التي قد تعرّض الحياة للخطر، وتواصل الأهل المستمر مع المدرسة والمعلمين وذلك لملاحظة أي تغير يطرأ على تصرفات الابن ومعرفة الأصدقاء المحيطين به.
وتوجد مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الإدمان ومن أهمها أسباب نفسية هي الأسباب الرئيسية التي تساهم في توجيه سلوك الإنسان نحو الإدمان، فعادةً يلجأ الفرد إلى الإدمان على شيء ما لأنه يجد راحة نفسية في التعامل معه، وأنه يقدم له كافة أسباب السعادة. فمثلا يدمن بعض الأطفال على الألعاب الإلكترونية ويجلسون لساعات طويلة أمام أجهزة الحاسوب مما يؤدي إلى إصابتهم بالعديد من الأمراض ومن أهمها البدانة، وأيضا من الأمثلة على الإدمان تناول جرعات زائدة من العقاقير المنومة أو التي تحتوي على مواد تهدئ الأعصاب وخصوصا عند التعرض لمشكلة ما خلال اليوم.
تعد الأسباب الثقافية هي الأسباب التي ترتبط بالمجتمعات وطبيعة نظرته للإدمان، وتعريف الشعوب لمصطلح الإدمان، ففي بعض الدول يكون الإدمان شيئا عاديا، ويعد من العادات والتقاليد الشعبية وخصوصا الإدمان على تناول بعض أنواع الأعشاب المخدرة من خلال تدخينها، ومن الأمثلة على ذلك الإدمان على تناول عشبة القات في بعض الدول العربية والذي يؤدي إلى نتائج مرضية تؤثر تأثيرا سلبيا على حياة المدمن.
إن للإدمان عموما أثرا سلبيا على كافة الأفراد المدمنين ثم على عائلاتهم وعلى مجتمعاتهم عموما، فيؤدي إلى انتشار الأمراض والاعتماد على وسائل غير قانونية من أجل الحصول على المواد التي تؤدي إلى الإدمان مثل القيام بالسرقة أو جرائم القتل والتي ترتبط ارتباطا مباشرا في حالات الإدمان على المواد المخدرة.
يؤدي الإدمان أيضا إلى آثارٍ سلبية على المجتمع كتدمير النسيج العائلي وضياع أفراد العائلة، وخصوصا عندما يكون الوالد فيها مدمنا، فيصير هدفه الوحيد هو تحقيق سعادته الشخصية بغض النظر عن سعادة عائلته، وأيضا يغفل دوره الرئيسي في العائلة والذي يعتمد على توفيره العيش الكريم لهم، ويتحول من معيلٍ إلى عائلٍ، يعتمد على زوجتهِ وأبنائه في توفير العوامل التي تساعده على الإدمان.
وحتى يتمكن المدمن من التخلص من الإدمان مهما كان نوعه أو طبيعته يجب أن يتم تطبيق الأمور التالية: الرغبة الشخصية في التخلص من الإدمان، وهي من أهم الوسائل المساعدة والخطوة الأولى في التخلص منه والبحث عن الوسائل العلاجية والتي تعتمد على دور العائلة أولا ثم العلاج النفسي والطبي والتأهيلي والذي يساهم في تقديم العلاج المناسب للمدمن، والحصول على الدعم والتحفيز المعنوي والذي يساهم مساهمةً كبيرةً في التخلص من الإدمان.
وعلى الجميع أن يكونوا على مستوى المسؤولية فإن التصدي إلى الإدمان يحتاج أن يقف الجميع صفا واحد من أجل العمل على حماية أبنائنا وشعوبنا من أن يقعوا فريسة للإدمان، ونحن في أشد الحاجة إلى سد كل الثغرات التي من شأنها إتاحة الفرصة لأن يكون للإدمان في بلادنا مكان، وذلك بأن نقيم الواقع بكل ما فيه من مرارة دون أن نتعامل مع الأمر مثل النعامة التي تدفن رأسها في الرمال خشية الخطر الذي تواجهه، وأيضا دون تهويل الواقع فنراه أمرا يصعب علينا مواجهته أو التصدي له.
وسوف نستكمل سرد مجموعة من المقالات للتعامل مع كافة عناصر الإدمان علنا نستطيع المساهمة ولو بشيء بسيط في التصدي لهذا الخطر الذي يستهدف الشعوب والأوطان.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
مع أمل اللقاء والشرف بكم في العدد القادم إن شاء الله تعالى.