ضمن أمسية أدبية احتضنها النادي الثقافيكتب ـ خميس السلطي:احتضن النادي الثقافي ليلة أمس الأول أمسية أدبية نقدية حول (التقنيات الأسلوبية في السرد .. القصة القصيرة السودانية نموذجاَ)، قدمتها الكاتبة والناقدة السودانية الدكتورة لمياء شمت. الأمسية الأدبية النقدية التي أدارتها الكاتبة أزهار بنت أحمد الحارثية، حضرها عدد كبير من الكتاب والأدباء العمانيين والعرب، الذين تفاعلوا مع العوامل الأولى التي تطرقت إليها الناقدة في ورقتها النقدية والأهداف التي أسستها كإضاءة لحزمة التقنيات السردية المستثمرة في القصة القصيرة عن طريق انتخاب بعض نماذج من القصة القصيرة السودانية.في بداية الأمسية النقدية تناولت الدكتورة شمت خصائص الأسلوب الذي يتأثر حسب رأيها في القصة القصيرة حيث التعريف بمفهومه يأتي براهن الدراسات الحديثة وتطور المعارف والعلوم الإنسانية، في ظل الكشوفات النفسية والاجتماعية والفلسفية واللسانية الحديثة. ويجتمع تعريف الأسلوب بما يشمل أنه صورة لمبدعه، تبرز حسه ومزاجه، وطريقته في التفكير، وتصوره للعالم. في إشارة إلى تعريف "بيفون" الشهير: أما الأسلوب فهو الإنسان نفسه.متطرقة في حديثها إلى التقنيات اللغوية التعبيرية في القصة القصيرة السودانية، وقد يحوي البناء الروائي أنماطاً مختلفة من التقنيات التعبيرية اللغوية والتي تشمل على سبيل المثال اللغة التسجيلية والتقريرية والتصويرية والشعرية، وهناك الاشتغالات اللغوية التي تعمل على تطويع اللغة لأقصى حدودها لخدمة المتن السردي وإعمار أفقه الدلالي. فعلى سبيل المثال يشكل اللعب اللغوي الفاعل والمفعم بالحيوية واحد من أبرز التكنيكات الفنية والجمالية للقاص بشرى الفاضل. والتي تتطلب بطبيعتها قدراً كبيراً من الحذق والدربة اللغوية.ثم انتقلت الناقدة لتسبر أغوار الـتناص مع الحكي الـشعبي في القصة القصيرة حيث تحتشد البنى الحكائية بالجريانات التحتية المعبأة بالمرموزات والموروثات والطقوسيات، فى نزوع وجداني مُلحّ لاستبطانات المخيلة الشعبية، بالإضافة إلى استثمار الذاكرة التراثية والشعبية، وكذلك التدفق السردى المشحون بحمولات إخبارية متتالية، مع الحفاظ على التوتر السردي، وتنامي درامية النصوص. كما هو النموذج في سرود استيلا قايتانو وبركة ساكن حيث النصوص المكتوبة من داخل وقائع اللحظة الحية التي تعاين زوايا قاع وأطراف المدن وتسجل تفاصيل الشقوة والانكسارات اليومية والفقر الجارح، كما تستبين الهجانة اللغوية الطريفة الناتجة عن استلهام المنبع الصوفي والمثلوجي والفلكلوري الشعبي، كما في نصوص عبد الغني كرم الله حيث يفلح القاص كثيرا في نسج أمشاج الخيالي والصوفي والفلسفي بأبعادها الرؤيوية، كما قدمت الناقدة نموذجا في ذلك متمثلا فيما قدمه الناقد معاوية البلال عن أثر الأصوات في المنجز القصصي لمعاوية محمد نور. وإبرازه لتلك الخاصية الأسلوبية المهمة، والعمل على إضاءة إضطرادها وثقلها التعبيري، الذي يحولها إلى أبنية دلالية قائمة بذاتها، تدعم مشروع التفسير الكلي للنص.ثم انتقلت في حديثها إلى استخدام العوالم الموازية كجزء من التقنيات الأسلوبية في السرد وهو شكل قديم من أشكال التعبير الفنّي، والإفراغ الإبداعي، الذي يهدف إلى إنشاء علاقات جديدة مع الواقع، أما فيما يتعلق بالانزياح الاستعاري في القصة القصيرة حسب قولها إنما هو تجمّع معظم التعريفات على سمات أساسية باعتباره تشكيل لغوي إبداعي تخييلي خلاق، يتقصد الانزياح عن المعيار التقليدي، وذلك بخرقه لحدود المستقر والمألوف تطلعاً إلى سعة المجاز وانفتاحه. ويعد الانزياح الاستعاري من الظواهر المركزية الجديرة بالمتابعة النقدية في المشروع الإبداعي للطيب صالح، حيث إن الروائي يسخره بحذق كنشاط لغوي خلاق لإعادة تشكيل العلاقات بين المفردات، وصوغها في أطر جديدة ومبتكرة. وهو بذلك يضمر رهان الكاتب الفني لإنتاج تشكيلات لغوية ذات حمولات دلالية مفيضة ومتجاوزة.وأشارت الدكتورة لمياء شمت إلى ان الترميز في القصة القصيرة السودانية حسب قولها يتطلب بطبيعته التلميحية دربة وحذق لغوي سواء تم توظيفه بمضمون ضمني، أو عن طريق اللجوء لكنف إشاري دلالي يراوغ الحدود الثقافية والاجتماعية، ليتخطى كوابح الأعراف وأسيجة الرقابة، أضف إلى ذلك السخرية في القصة القصيرة فغالباً ما يتم الاستناد إليها كذريعة إبداعية لتمرير تضمينات عميقة مواربة في طيات المسرود، تأتي كاستدعاء تهكمي جدلي ينتج من قطبي المفارقة والتناقض.وفيما يتعلق بالمفارقة والتي هي جزء من التقنيات الأسلوبية في السرد تقول إنها نوع من المحو الخلاق، والنفي المنظم، والهدم البانى باعتبارها لعبة عقلية وجمالية جد معقدة وراقية، بل تمثل أرقى صور النشاط الجمالي الجدلى فهي توتر متواتر بين حدود الواقع وحدود الإمكان. مروا بالحلم الذي يضاف إلى التقنيات ويأتي شائعا كحلم سردي وهو من مظاهر تشظي اللغة، حسب قولها وهي غالبا ما تعتمد على الزمن النفسي، والغوص في لاشعور الشخصية عن طريق الحلم. كما حاولت التقرب من العنوان كجزء من التقنيات الأسلوبية في السرد والذي تعتبره من أعقد مكونات المتن الإبداعي السردي لذلك فهي تعتبر من الاستراتيجيات الكتابية الهامة التي يعمل مبدع النص على وصوغها وإحكامها لتنهض بنيتها التركيبية والدلالية بعدة وظائف مركبة.وهناك ما يسمة بتقنية المونولوج التي ترتكز بشكل أساسي على التداعي، والذي يسخر أيضاً كوسيلة كاشفة للعمق النفسي والوجداني. وحاولت الناقدة الذهاب إلى القيم السينمائية في التقنيات الأسلوبية في السرد وهنا تشير إلى التخليق التصويري المستأني، الذي تهندسه حزمة من التقنيات السينمائية، فعلى سبيل المثال نجد أن تركيب المشاهد يتم عبر توظيف مهارات الإختزال، والمونتاج، والقطع والتشظي، وتوظيف المفارقات التصويرية المختلفة. ، وأخيرا أفادت الدكتورة شمت رؤيتها حول القارئ النموذجي كجزء من التقنيات الأسلوبية في السرد وهو ما يدعم فكرة التشارك النصي والتعاضد التأويلي بين مثلث (القاص- النص- القارئ). باعتبار أن النص يفترض قارئه كشرط حتمي لقدرته الإبداعية التواصلية.وفي ختام الأمسية تم فتح باب النقاش للحضور الذي تداولو الكثير من الأفكار حول التقنيات الأسلوبية في السرد.