القاهرة – حسام محمود:
المقاهي هي ساحة خصبة احتوت لعقود الأدب فضلا عن احتضان الكفاح السري والمقاومة على مدى التاريخ ضد الاستعمار والاحتلال وربما يكون مقهى الفيشاوي الأشهر بفضل الأديب العالمي نجيب محفوظ حيث كان يرتاده بصحبة أصدقائه ومحبيه من الأدباء المشاهير والفنانين وشهد ولادة روايات كثيرة له حيث امتد عمره إلى 220 عاما وهناك مقاه أخرى نالت شهرة عربية منها مقاهي الحرافيش وريش وزهرة البستان والحرية والتكعيبة والسنترال وأم كلثوم حيث كانت فيه أغانيها وكان الصمت والإنصات هو السائد للاستمتاع بفنها الأصيل. وكانت المقاهي الشعبية المنتشرة في جميع أحياء المحروسة هي الملاذ الآمن المتاح للتسلية واللقاءات خارج البيوت بل والمكان المفضل لعقد الصفقات وإتمام المصالح خاصة تلك المجاورة للشهر العقاري مثلا والضرائب والمرور والجمارك وسائر الأنشطة وربما بعض الأفراح.

أماكن زاخرة
يقول حسن العربي صاحب مقهى إن المقاهي هي صوت الشارع ونبضه في كثير من البلدان العربية وكانت تفوح منها سحابات البخور تنثر على الأرض بعد تنظيفها يوميا بالمياه والصابون لزوم التطهير والنظافة بجانب ضرورة تنظيف جميع الأدوات لعمل الشاي والقهوة وكل المشروبات فضلا عن النارجيلة التي كانت تنقسم إلى قسمين: شعبي وفاخر وكان الأدب والحوارات الأخوية هي السائدة في تلك الأيام . لقد صار المقهى أي مقهى مصدر للكسب المالي الكبير من خلال ممارسات تشغيل القنوات الفضائية التي انتشرت وكذلك للمقابلات في المعاملات اليومية لدرجة أصبح المرء يتردد عليها لإنشاء حوار هادئ رصين وسماع الأصدقاء ومتابعة مباريات كرة القدم المحلية والدولية . فيما يقول وليد بعرة عامل مقهى أن المقاهي تشكل قيمة ثقافية كبيرة فروادهم خاصة بمناطق وسط العواصم يحرصون على التلاقي من اجل المصالح وتبادل وجهات النظر حول الموضوعات العامة والخاصة ومشاهدة التلفاز والفضائيات في جو من الصحبة الطيبة كما أن العمل بالمقاهي لم يصير لفئات غير المتعلمين بل هناك أصحاب شهادات جامعية يعملون في الكافيتريات والمقاهي وذلك لا ينتقص منهم. أما مجدي إبراهيم سائق من المترددين على المقاهي فيقول إن الصحبة الجميلة تجمع بين عشاق المقاهي وهذا ما يجذب الكثيرين لها بجانب حاجة الفرد للسكن والراحة على المقهى مع الأصدقاء والأحباب بعد يوم عمل شاق. ويضيف أنه يحرص مع الكثيرين من أصدقائه على تناول القهوة وقراءة الكتب والصحف والمجلات على المقهى وتجاذب أطراف الحديث حيث إن المقاهي والكافيتريات تشهد جوا خصبا للحوار والحديث الشيق حول قضايا المجتمع.
تطور المقاهي
ومن جانبه يؤكد طه الحداد أعمال حرة أنه يحرص على التواصل مع رواد المقاهي للترويج لبضاعته وللتجارة عن طريق زيادة المعارف والأصدقاء الذين يقبلون على دكانه المجاور لأحد المقاهي الشهيرة بوسط القاهرة حيث يوضح انه يحرص أيضا على تلبية احتياجات العديد من أصحاب ورواد المقاهي فهي بزنس مشروع وكبير يزيد من التواصل بين الناس بشرط ألا يساء للمقاهي عن طريق الخارجين عن العادات والتقاليد من بعض الشباب فوجود المقاهي له نواح إيجابية تتعلق بكيفية استثمار التواجد فيها لإبرام الصفقات المشروعة تمهيدا لتوسيع دائرة النشاط التجاري.
وتلفت عبير سعيد مندوبة مبيعات إلى أنها تقوم بارتياد المقاهي كبائعة حيث تجد زبائن كثيرين ممن يقبلون على الشراء للسع والإكسسوارات التي تقوم ببيعها لهم ومن ثم هناك مهن هامشية لكنها مربحة تقوم بجوار المقاهي أو من خلال التردد عليها حيث يمكن بيع كل شيء بشرط الجودة والسعر المناسبين.
أما أسامة السيد فيقول إنه يجد ضالته في الجلوس على المقهى المجاور لمنزله وسط العاصمة القاهرة حيث يكتب مذكرته ويتناول إفطاره ويقوم بتأليف القصص والروايات التي ترى النور عن طريق سماسرة النشر للمؤلفين كما يقول حيث يتلاقى الكتاب الصغار مع أصحاب دور النشر في بعض المقاهي والكافيتريات التي باتت تأخذ شهرتها في القاهرة من خلال شباب المؤلفين والملحنين وبهذا تتجاوز دورها من مجرد أماكن لقضاء وقت الفراغ إلى كونها خلية نحل لنزول وحى التأليف على المؤلفين وتضمن لهم التسويق عن طريق أصحاب دور النشر والدعاية والإعلان الذين باتوا يعرفون عن كثب تلك الأماكن ويترددون عليها باستمرار لاكتشاف المواهب وشراء المؤلفات من أصحابها. فالمقاهي والكافيتريات ذات الصيت تكون منارة للمعرفة والتأليف والفكر بتلاقي المثقفين والنابهين وأصحاب الأقلام الجريئة.