تضم معبد آمون وما يشهده من ظاهرة الاعتدال الربيعي مرتين كل عام ومقابر أثريةالقاهرة ـ من حسام محمود:سيوه واحة في الصحراء الغربية المصرية تبعد حوالي 300 كم عن ساحل البحر المتوسط إلى الجنوب الغربي من مرسى مطروح وتتبع محافظة مطروح إدارياً. ينتشر في أرجائها الآبار والعيون التي تستخدم لأغراض الري والشرب وتعبئة المياه الطبيعية والعلاج وبها أربع بحيرات كبرى فيما اكتشف بها عدة أماكن أثرية مثل معبد آمون الذي يشهد ظاهرة الاعتدال الربيعي مرتين كل عام ومقابر جبل الموتى وأعلنت بها محمية طبيعية تبلغ مساحتها 7800 كم تضم عدة أنواع لأشكال الحياة الحيوانية والنباتية. ويقطن الواحة ما يقارب من 35 ألف نسمة تقريباً ويعمل أغلبهم بالزراعة و السياحة .طبيعة خاصةتشتهر سيوه بالسياحة العلاجية حيث يتوفر برمالها العناصر الطبيعية الصالحة لأغراض الطب البديل. فيما تعتبر رحلات السفاري باستخدام سيارات الدفع الرباعي من الرحلات المحببة لزائري الواحة. وتشير بعض الإحصائيات إلى أن سيوه تستقبل حوالي 30 ألف سائح سنوياً من المصريين والأجانب وصنفها عدد من المواقع الأجنبية والعربية ضمن أكثر 9 أماكن عزلة على كوكب الأرض.للعمارة في سيوه طابع خاص ومميز حيث تبنى المنازل التقليدية بحجر الكرشيف الذي يتكون من الملح والرمال الناعمة المختلطة بالطين وتصنع الأبواب والنوافذ من أخشاب شجر الزيتون والنخيل. وتعد فنون التطريز والصناعات الفخارية اليدوية من أميز الحرف التقليدية بالواحة والتي يأتي على رأسها طحون الطاجين وأواني الطهي الصحراوية ذات الشكل الهرمي التقليدي والمزخرفة بشكل جميل.يرجح البعض أن اسم سيوه جاء من كلمة "سيخت آم" وتعني أرض النخيل أو يعود إلى الاسم القديم "ثات". وسميت الواحة قديماً بأسماء عديدة منها "بنتا" وقد وجد هذا الاسم في أحد النصوص المدونة في معبد إدفو وسُميت "بواحة آمون" حتى عهد البطالمة الذين سموها "واحة جوبيتر آمون" وعرفها العرب باسم "الواحة الأقصى" وهو الاسم الذي ورد في خطط المقريزي. في حين أشار إليها ابن خلدون باسم "تنيسوة" وهو اسم لفرع من قبائل الزنتانة في شمال إفريقيا كما أشار إليها الإدريسي باسم "سنترية" وقال إنه يسكنها قوم خليط بين البربر والبدو.تاريخ عريققبل عام 2900 ق.م دأب قوم يعرفون بأهل التمحو أو التنحو على مهاجمة الوجه البحري وكانوا يتخذون من واحة سيوه مركزاً لزحفهم على مصر فقام الملك "سنفرو" آخر ملوك الأسرة الثالثة بمهاجمة الواحة والاستيلاء عليها ليتقي شرهم. وفي عام 1970 ق.م أغارت بعض القبائل على الوجه البحري عن طريق سيوه فقاتلهم الملك "سيزوستريس" ثاني ملوك الأسرة الثانية عشر ليردهم إلى بلادهم منهزمين. وفي عام 1547 ق.م هاجمت هذه القبائل مصر مستغلين انشغال حاكمها بالحرب في بلاد النوبة إلا أن الملك "أمنحتب الأول" أنزل بهم خسائر فادحة. وفي عهد الملك "منفتاح" صد الفرعون هجومهم براً وبحراً.وعقب احتلال الفرس لمصر أرسل قائدهم قمبيز جيشه لاحتلال سيوه التي كان كهنة الإله آمون في معبدها قد تَنبوؤا له بنهاية هالكة فجهز جيشاً قوامه خمسون ألف جندي لهدم معبد آمون واحتلال الواحة إلا أن هذا الجيش ضل طريقة وهلك في الصحراء ولم يصل إلى سيوه. وبعد تلك الحادثة تحققت نبوءة الكهنة في قمبيز فمرض ومات. وبعد دخول الإسكندر الأكبر مصر وإنشائه مدينة الإسكندرية قرر زيارة معبد آمون بسيوه الذي نال شهرة واسعة بعد حادثة جيش قمبيز. وفي شتاء عام 331 ق.م وصل الإسكندر إلى معبد آمون بسيوه .وظلت سيوه مستقلة في حضارتها وأسلوب حياتها بعد الفتح الإسلامي لمصر وقد حاول القائد موسى بن نصير فتحها في عام 708م خلال العصر الأموي بصفته حاكم شمال أفريقيا فتحرك إليها فوجد مدينة يحيط بها حصن عظيم له أبواب حديدية ولكنه وجد صعوبة في دخولها فتركها ومن المرجح أن دخول الدين الإسلامي إلى سيوه كان قبل نهاية القرن الأول الهجري. وفي عام 969م استولت الجيوش الفاطمية على الواحة. وفي فبراير 1820 جهز محمد علي باشا تجريدة من 1300 جندي بقيادة حسن بك الشماشرجي لفتح سيوه ونشب قتال بين القوات وأهل الواحة انتهت بانتصار قوات محمد علي واعترافهم بالولاء للحكومة المصرية. وفي العصر الحديث دخلت جيوش المحور الواحة واحتلتها في 20 يوليو 1942 وجلائهم عنها في 8 نوفمبر 1942 بعد انكسارهم في معركة العلمين.محمية وآثارتبلغ مساحة المحمية في سيوه 7800 كم وتنقسم إلى 3 قطاعات هي: القطاع الشرقي ومساحته حوالي 6000 كم القطاع الغربي ومساحته حوالي 1700 كم القطاع الأوسط الجنوبي ومساحته حوالي 100 كم. وتم تصنيف المنطقة كمحمية طبيعية لما تزخر به من تنوع بيولوجي وتراث طبيعي وثقافي حيث يقطن بها العديد من الثدييات والزواحف والطيور واللافقاريات والحشرات ومنها الغزال ذو القرون النحيلة المهدد بالانقراض والثعلب الفينيقي والشيتا والقطط المهددة بالانقراض ويجتمع على أرضها أنواع الطيور الشائعة كالحمام والطيور المهاجرة بالإضافة إلى أشكال الحياة النباتية.وتوجد في سيوه مناطق أثرية تضم جبل الموتى وهو جبل يضم مجموعة من المقابر الأثرية التي تعود للفترة ما بين القرنين الرابع والثالث ق.م والتي أعيد استعمالها خلال العصرين اليوناني والروماني . وكذلك مقبرة باتحوت وهي مقبرة كاهن للإله أوزيريس حصل على لقب العظيم في مدينة العادل والمستقيم. وبالمقبرة نحت لنشيد موجه للإله تحوت بالإضافة إلى منظر لطقس ديني يعرف باسم سحب الثيران الأربعة.وهناك مقبرة سي آمون وهي من أهم مقابر الصحراء الغربية الأثرية والتي عثر بداخلها على عدد كبير من المومياوات. تتمثل أهمية المقبرة في توضيحها للتزاوج بين الفن المصري القديم والفن اليوناني ومن أهم الصور الفنية بالمقبرة منظر قاعة محكمة أوزيريس ومنظر للإلهه نوت أما مقبرة التمساح فهي إحدى أهم المقابر الأثرية المحفورة بجبل الموتى اكتشفت في عام 1940 وعرفت بهذا الاسم نظراً إلى اندثار اسم صاحب المقبرة وإعجاب أهالي سيوه بمنظر التمساح الموجود بالمقبرة. وتزخر المقبرة بمناظر كتاب الموتى ومناظر أخرى لصاحب المقبرة وهو يتعبد لبعض الآلهة وعلى جانب المدخل صور ثلاثة آلهة ممسكين بالسكاكين وذلك لغرض حماية المومياء. وتوجد بالواحة مقبرة ميسو ايزيس وهي أحد المقابر الأثرية بالمنطقة .مناطق تراثيةتوجد مناطق أثرية في سيوه تجذب السائحين بطبيعتها الخلابة مثل جبل الدكرور وهو عبارة عن سلسلة من التلال المتجاورة وفي قمته مغارة منحوتة في الصخر وأسفلها يوجد أثر يسمى "بيت السلطان" مصنوع من الحجر الجيري ويشتهر الجبل برماله الساخنة ذات الخصائص العلاجية واحتوائه على الصبغة الحمراء المستخدمة في تصنيع الأواني الفخارية السيوية. أما معبد آمون ويسمى أيضاً معبد الوحي أو معبد التنبؤات أو معبد الإسكندر هو أحد أهم المعالم الأثرية في واحة سيوه وأقيم في العصر الفرعوني واشتهر بزيارة القائد المقدوني الإسكندر الأكبر بعد فتحه مصر في عام 331 ق.م. كما يوجد معبد أم عبيدة وهو معبد آمون الثاني بالواحة ويقع بالقرب من معبد الوحي وشيده الفرعون المصري نكتنابو الثاني أو نختانبو الثاني من الأسرة الثلاثين . ويوجد أيضا ضريح سيدي سليمان وهو إمام السيويين وأشهر شخصيات الواحة على الإطلاق وكان قاضياً شديد الورع والتقوى .وفى العصر الحديث أقيم مركز سيوه لتوثيق التراث وهو مركز يتبع مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية ومدعم من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية. ويهدف المركز إلى توثيق كافة جوانب التراث السيوي من عادات وتقاليد وحرف وصناعات يدوية وفن قديم وموسيقى وشعر ونحت والمحميات الطبيعية وطرق الري والبناء القديمة. يتعاون المركز مع عدة جهات منها مؤسسة كوسبي الإنمائية الإيطالية وجمعية البوغاز بمدينة طنجة بالمغرب وبرنامج التراث الأوروبي المتوسطي التابع للاتحاد الأوروبي.أما متحف البيت السيوي فأنشئ المتحف بالتعاون مع الحكومة الكندية في حديقة مجلس المدينة على مساحة ثلاثة أفدنة على طراز البيت السيوي التقليدي باستخدام الطوب اللبن وجذوع النخيل ويجمع بين أرجائه تاريخ الحياة السيوية وتطورها ويحوي العديد من المقتنيات التي تعبر عن التراث السيوي الأصيل مثل المجوهرات الفضية والآلات الموسيقية وأزياء الأفراح والسلال والأواني الفخارية وأدوات الزراعة.