القدس المحتلة ـ العمانية
يتغلغل الفنان الفلسطيني محمد صالح خليل في تفاصيل حياتية يومية عادةً ما تمضي دون أن يكترث لها أحد، ويعيدها بعفوية مقصودة إلى مركز الضوء مقدمًا لها منبرًا لتدافع منه عن وجودها في عالمٍ يسهو عن التفاصيل.
ففي معرضه "يوميات" الذي يقام في مؤسسة المعمل بالقدس ويستمر حتى ٢٨ يوليو المقبل، يبتعد خليل عمّا هو سياسي مباشر، ويركز على العفويّ واليومي والأمور العابرة في الحياة والتي قلّما ينتبه إليها الفلسطينيون الذين يرزحون تحت نير الاحتلال وهمّهم اليوميّ هو الثبات على الأرض.
وبحسب بيان صدر بمناسبة المعرض، يحاول خليل "منع هذه التفاصيل اليومية الصغيرة التي تضفي معنى للحياة، من الانسلال من أذهاننا وذاكرتنا البصرية ومن الضياع في خضم همومنا الكبرى ومشاغلنا التي لا تنتهي". يلج خليل إلى عوالم من الخيال، دون تردد أو خوف، متناولًا كل ما هو يوميّ وعابر، ماضيًا خلف ضربات فرشاته القوية التي تأخذ زمام الأمور.
ويقول في ذلك: "الحياة داخل مرسمي موضوعٌ تفاعليّ. فلا أدخل بأفكار جاهزة ولا يوجد لدي مخطط لما أريد رسمه.
أدخل إلى المرسم حاملًا معي الحماسة والشغف لأعيش لحظات كاملة من الفن". ويضيف: "بالنسبة لي، الرؤية الجمالية للأشياء هي رؤية شمولية، أيْ أنّ بإمكاني أن أرى في أكثر الأشياء بساطة مادةً تستحق الرسم، كصورة عابرة ظهرت على التلفاز أو زهرة رأيتها في مكان ما.
ألتقط من الحياة اليومية كل ما هو بسيط وعابر، وأستخدمه كمفتاح لعملي الفني."
خطوط خليل تضج بالحركة وألوانه صارخة تنتشر على مساحات واسعة من القماش بتوتر، وهي تعكس شغفًا بالعلاقة ما بين المساحة والشكل واللون وتلقائية في تناول الموضوع.
ثمة أشجار تستعد لفصل الخريف، وكلاب تكشر عن أنيابها الحادة غير مترددة في تمزيق أي شيء، ونساء بنظرات لامبالية، وأجساد تسترق لحظات حميمة، وشخصيات خيالية وكأنها خرجت للتو من قصة "أليس في بلاد العجائب".
"أنا من تلاميذ المدرسة التعبيرية الألمانية، والإنسان بالنسبة لي هو محور تفكيري.
تشدني العلاقة ما بين الألوان والتكوين ومساحة القماش الأبيض.
أستخدم ضربات ريشة عريضة وأرسم بتوتر وأوظف خطوطًا متحركة ذات صدى، لذا أرتاح بالعمل من خلال لوحات كبيرة الحجم، أما اللوحات الصغيرة فتضيّق عليّ مساحاتها، وتحدّني من السير في المغامرة حتى النهاية".
وُلد محمد صالح خليل في الأردن عام 1960، ودرس الفن التشكيلي في ألمانيا حيث حصل على الماجستير في الفنون التشكيلية عام 1988.
بعد تخرجه أقام في دمشق وهناك نظم معرضه الفردي الأول في صالة ناجي العلي. ثم انتقل إلى نيقوسيا قبل أن يعود إلى فلسطين سنة 1994.
استطاع خليل أن يطور أسلوبًا فنيًا خاصًا يتميز بطابعه التعبيري ـ التجريدي.
شارك في عدد من المعارض الفردية والجماعية، ونال جائزة لجنة التحكيم في بينالي الإسكندرية عام 2000، ويعيش في رام الله حيث يعمل في وزارة الثقافة.