[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/06/aa1.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سالم الفليتي[/author]قراءة في قانون المعاملات المدنية العقود المسماة 3- أركان عقد البيع (التراضي)يعد عقد البيع ـ في الأصل ـ من العقود الرضائية التي تنعقد وتتكون بمجرد التراضي بين كل من البائع والمشتري.وطبقاً للقواعد العامة، فإن لعقد البيع أركانا ثلاثة تتمثل في التراضي والمحل والسبب.ونخصص هذه المقالة لدراسة الركن الأول التراضي من حيث وجوده وصحته.الجانب الأول: وجود التراضيويتوقف وجود التراضي في عقد البيع على مطابقة القبول بالإيجاب في المسائل الجوهرية التي تفاوض عليها الطرفان أي المتعاقدان ويمكننا إيجاز المسائل الجوهرية المكونة لعقد البيع على النحو الآتي:1- طبيعة العقد: فيجب أن تنصرف نية المتعاقدين إلى البيع، وعلى هذا لو أعطى أحد الأشخاص شيئاً بنية بيعه وأخذه الطرف الآخر بنية الهبة، هنا لا نكون أمام عقد البيع لعدم مطابقة القبول بالإيجاب فيما يخص طبيعة العقد.2- المبيع: أيضاً يجب أن تنصرف نية الطرفين إلى ذات الشيء، وبالتالي لا ينعقد البيع فيما لو قصد البائع بيع إحدى السيارتين اللتين يملكهما، وقصد المشتري شراء السيارة الأخرى، بمعنى آخر يجب تعيين المبيع تعييناً كافياً نافياً للجهالة.3- الثمن: يجب أخيراً أن يحدد الإتفاق بين المتعاقدين مقدار الثمن، أو على الأقل تحديد الأسس التي بموجبها يتم تحديد ثمن المبيع، وبالتالي لو انصرفت نية البائع إلى البيع بثمن معين، واتجهت نية المشتري إلى ثمن أقل لم ينعقد البيع.هذا حول المسائل الجوهرية، أما بالنسبة للمسائل التفصيلية الثانوية فإن المشرع لم يشترط وجوب الاتفاق عليها لغرض انعقاد العقد، ولكن لو انصرفت واتجهت نية الطرفين إلى اعتبار بعض المسائل عناصر داخلة في الاتفاق، عندها يجب أن يحصل الاتفاق عليها، وإلا فإن العقد لا ينعقد. هذه الأحكام جميعها تناولتها المادة (356) والمادة (357) من قانون المعاملات المدنية، حيث يجري نص المادة (356) على أنه: "يجب أن يكون المبيع معلوماً عند المشتري علماً نافياً للجهالة الفاحشة وذلك ببيان أحواله وأوصافه المميزة له فإذا كان المبيع حاضراً تكفي الإشارة إليه".في حين المادة (357) من القانون ذاته تنص على أنه: "إذا ذكر في عقد البيع من المشتري عالم بالمبيع علماً كافياً فلا يحق له طلب إبطال العقد لعدم العلم إلا إذا أثبت أن البائع غرر به".الجانب الثاني: صحة التراضيويشترط لصحة التراضي أن يتمتع طرفا العقد بالأهلية القانونية، وأن تخلو إرادتهما من جميع العيوب. ويكون الشخص كامل الأهلية عندما يبلغ سن الرشد وهي ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، متمتعاً بقواه العقلية غير محجور عليه. كما يجب أن تكون إرادة المتعاقد سليمة من العيوب بحيث لم تتعرض إلى إكراه أو غلط أو تغرير مع الغبن.وعقد البيع كما هو معروف من عقود المعاوضات التي تدور بين النفع والضرر والتي إذا ما صدرت من الصغير المميز تكون موقوفة على إجازة الولي أو إجازة الصغير عند بلوغه سن الرشد أي تمام سن الثامنة عشرة سنة ميلادية.ولإكتمال قراءتنا في ركن التراضي، نورد نوعاً من البيوع التي يتطلب المشرع العماني أوصافاً معينة تتعلق بالتراضي وهو البيع بشرط التجربة، أي البيع الذي يحتفظ فيه المشتري في تجربة المبيع بهدف التأكد من صلاحيته للغرض الذي أعد من أجله، بحيث يستوثق المشتري من مدى إشتماله على الصفات و الخصائص التي يرغب فيها المشتري أو مدى مناسبته له شخصياً، حتى يستطيع أن يقدم على شرائه نهائياً.ولو رجعنا إلى قانون المعاملات المدنية العماني نجد أن المشرع لم يورد نصاً صريحاً كنص المادة (421) من القانون المدني المصري الذي يجري نصها بالآتي: "1- في البيع يشترط التجربة يجوز للمشتري أن يقبل المبيع أو يرفضه، وعلى البائع أن يمكنه من التجربة....". ومع أنه لم يرد نصاً صريحاً في قانون المعاملات المدنية العماني إلا أنه يمكننا و بنظرة تحليلية عميقة لنص المادة (362) من القانون ذاته يمكن القول بأن المشرع العماني تبنى إتجاهاً عكسياً عن الإتجاه الذي تبناه المشرع المصري بشأن طبيعة عقد البيع بشرط التجربة، فجعل الأصل فيه أنه بيع معلق على شرط فاسخ هو فشل التجربة ما لم يتفق على غير ذلك، حيث يجري نص المادة (362) على أنه: "إذا هلك المبيع في يد المشتري بعد تسليمه لزمه أداء الثمن المسمى للبائع، وإذا هلك قبل التسليم بسبب لا يد للمشتري فيه يكون مضموناً على البائع".* أستاذ القانون التجاري و البحري المساعدكلية الزهراء للبنات[email protected]