أعرق معابد حضارة طيبة جنوب مصر

القاهرة ـ من حسام محمود:
معبد الأقصر معبد كبير، وهو من المعابد المصرية القديمة المعقدة يقع على الضفة الشرقية لنهر النيل في مدينة الأقصر المعروفة باسم طيبة القديمة تأسس سنة 1400 قبل الميلاد. شُيد معبد الأقصر لآمون رع وزوجته موت وابنهما خونسو وتم تشييد معبد الأقصر في عهد ملوك الأسرة الثامنة عشرة والأسرة التاسعة عشرة. وأهم الأبنية القائمة بالمعبد هي تلك التي شيدها الملكان أمنحوتب الثالث ورمسيس الثاني الذي أضاف إلى المعبد الفناء المفتوح والصرح والمسلتين. كما أقام الملك تحتمس الثالث مقاصير لزوار ثالوث طيبة المقدس كما قام توت عنخ آمون باستكمال نقوش جدرانه. وقد دمرت المقصورة الثلاثية التي كانت قد شيدت من قبل في عهد الملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث من الأسرة الثامنة عشرة ثم أعيد بناؤها في عهد الملك رمسيس الثاني. سمي المعبد أيضاً "إيبت رسيت" وتعني الحرم الجنوبي أو المكان الخاص بآمون رع وهو من أحسن المعابد المصرية حفظاً وأجملها بناء وفيه يتجلى تخطيط المعبد المصري أوضح ما يكون.

تاريخ البناء
في عصر الدولة الوسطى كان يوجد في نفس المنطقة التي أقام فيها أمنحتب الثالث المعبد وبقايا معبد قديم ومقصورة مقدسة ترجع إلى عصر الدولة الوسطى وأغلب الظن انه كان في عصر الأسرة الثانية عشرة. ويرجع الفضل للملك أمنحتب الثالث في بناء المعبد في صورته الحالية على الضفة الشرقية للنيل على محور واحد من الشمال إلى الجنوب . أما الملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث فقاما بتشيد مبنى صغير مكون من ثلاث مقاصير خصصت لثالوث طيبة ومن المحتمل أن الملك رمسيس الثاني قد أعاد بناء هذه المقاصير وسجل اسمه عليها. وأضاف الملك رمسيس الثاني وهو من ملوك الأسرة التاسعة عشرة صرحا كبيرا وخلفه فناء فسيحا ذو أساطين بردية .
ويمكننا أن نلاحظ أن المعماريين القدماء أنشؤوا المعابد على الجانب الشرقي للنيل في اتجاه محور غربي شرقي بينما شيدوها على الجانب الغربي في اتجاه محور شرقي غربي ومع ذلك فإن معبد الأقصر الكائن في البر الشرقي شيد في اتجاه محور شمالي جنوبي ربما لكي يكون على خط واحد مع مجموعة معبد الكرنك الذي يقع إلى الشمال منه ومع طريق أبى الهول أو الكباش الذي كان يربط بين المعبدين. وربما اضطر معماريو الملك رمسيس الثاني إلى تغيير محاور الأبنية التي أضيفت في عهده وكذلك الصرح والبهو لمعبد الملك أمنحوتب الثالث عندما أعادوا تشييد المقصورة الثلاثية الأقدم للملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث.
كان أمنحتب الثالث قد أمر بإقامة هذا المعبد لثالوث طيبة أغلب الظن لأمرين: الأول كان لتأكيد نسبه لآمون نفسه والثاني هو إرضاء لكهنة آمون لكي يتقبلوه فرعونا شرعيا لمصر ولذلك خصص هذا المعبد لآمون ولصورة من صوره .
ومدخل معبد الأقصر هو البرج الأول بارتفاع 24 مترا بناه رمسيس الثاني وزين البرج بمشاهد انتصارات رمسيس العسكرية لا سيما معركة قادش كما سجلت انتصارات الفراعنة في وقت لاحق لا سيما انتصارات الأسرة 25 .

مسلات المعبد
كان يتقدم صرح الملك رمسيس الثاني مسلتان من حجر الجرانيت الوردي تزين الغربية منهما الآن ميدان الكونكورد في باريس وتزن 220 طنا أما المسلة الشرقية وهي القائمة الآن أمام البرج الشمالي فتزن 257 طنا وتتميز بمجموعة القردة البارزة التي تهلل للشمس عند شروقها والمنحوتة على قاعدتها وقد سجل على هاتين المسلتين بالنقوش الهيروغليفية اسم الملك رمسيس الثاني وألقابه كما مثل على قمتها وهو يقدم القربان . ولعل سبب وجود المسلة أمام صرح المعبد بجانب كونها رمزا من رموز الشمس لتعلن من بعيد عن مكان المعبد وخاصة أن هذه المسلات ذات قمم مدببة وكانت مغطاة أغلب الظن بطبقة نحاسية مذهبة حتى تظل براقة ساطعة . أما صرح الملك رمسيس الثاني فقام بتشييده رمسيس وهو عبارة عن بوابة ضخمة يتوسطها مدخل المعبد ويبلغ عرض هذا الصرح 65 مترا وارتفاعه 24 مترا.
وفى الجناح الأيمن الغربي تصطف نقوش غائرة على واجهة الصرح لمعارك حربية قام بها الملك رمسيس الثاني ضد الحيثيين في العام الخامس من حكمه فنشاهد رمسيس الثاني ومعه مستشاروه العسكريون وفى الوسط نرى الموقع أو المعسكر الذي هزم فيه أعداءه من الحيثيين وفى أقصى اليمين نشاهد الملك في عربته الحربية وسط المعركة .
أما الجناح الأيسر الشرقي فنشاهد على هذا الجناح الملك رمسيس الثاني في عربته الحربية يرمى الأعداء الحيثيين بوابل من السهام والأرض مغطاة بالقتلى والجرحى أما الأحياء فيهربون مذعورين ويتركون قادش . وفى أقصى الشمال على هذا الجناح منظر الأمير قادش يصوره خائفا في عربته . وهناك وصف كامل لهذه المعركة كتب باللغة المصرية القديمة بأسلوب شعري موجود أيضا على الجزء الأسفل من هذا الصرح والنص يبدأ من الجناح الغربي الأيمن وينتهي على الجناح الشرقي . ويوجد على واجهة الصرح أيضا أربع فجوات عمودية فجوتان في كل جناح وقد خصصت لكي توضع فيها ساريات الأعلام كما يوجد أيضا في أعلى الصرح أربع فتحات خصصت لكي تثبت فيها هذه الساريات .
وكان يتقدم الصرح وظهورها إلى جداره ستة تماثيل ضخمة للملك رمسيس الثاني أربعة واقفة واثنان على كل جانب ولم يبق منهما إلا تمثال واحد فقط هو المقام إلى أقصى اليمين بالنسبة للداخل . وهناك تمثالان كبيران على جانبي المدخل يمثلان الملك رمسيس الثاني وهو جالس على عرشه ونقش على جانبي العرش منظرا يمثل اتحاد القطرين وعلى جانب كرسي العرش تمثال صغير للملكة نفرتارى على الجانب الأيسر للتمثال الشرقي وتمثال الأميرة على الجانب الأيمن للتمثال الغربي وحول قاعدتي التمثالين نقشت صور الأسرى وأسمائهم على صدورهم وارتفاع كل تمثال 14مترا. أما الفناء فأقامه رمسيس الثاني ويبلغ طوله 57 مترا وعرضه 51 مترا ولا يقع محور هذا الفناء على امتداد محور المعبد وإنما ينحرف نحو الشرق ربما لكي يتجه نحو معبد الكرنك أو ليتفادى المقاصير التي شيدت من قبل حتشبسوت وتحتمس الثالث في المكان الحالي ويحيط بفناء رمسيس الثاني الصفات التي يرتكز سقف كل منها على صفين من الأساطين .

طريق أبو الهول
وهو عبارة عن طريق مرصوف ببلاطات من الحجر يحف به من الجانبين تماثيل على هيئة أبو الهول تمثل الملك نقتنبو الأول من ملوك الأسرة الثلاثين الذي انشأ هذا الطريق في عهده . وكان هذا الطريق يوصل إلى معبد الإله خنسو الواقع جنوب معابد الكرنك وقد حل هذا الطريق محل طريق الكباش الذي يرجع إلى عهد الملك أمنحتب الثالث بدليل وجود بعض التماثيل التي تحمل اسم أمنحتب الثالث عند البوابة الجنوبية لمعبد خنسو . وقد نحت تمثال أبو الهول من كتلة واحدة من الحجر الرملي تجسد أسد له رأس الملك نقتنبو وقد وضع التمثال على قاعدة مستطيلة والهدف من طريق أبو الهول هو تحديد مسار الموكب سواء الملكي أم الالهى وإبراز محوره .