الحب في المجتمع الإسلام يقوم على الإخلاص لله .. لا رياء ولا نفاق ولا مصالح دنيوية للمحبة في الله ثمرات طيبة يجنيها المتحابون من ربهم في الدنيا والآخرةإعداد ـ مبارك بن عبدالله العامريالإسلام يربط أتباعه برباط الحب الذي يوجد المجتمع المتحاب، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعلن عن الوسائل التي تقوي هذا الحب، وتزيده، أخرج مسلم في صحيحه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:(ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم! أفشوا السلام بينكم)، وقديماً قيل: جبلت النفوس على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها. الإخلاص لله وحدهوالحب في المجتمع الإسلام يقوم على الإخلاص لله، لا رياء ولا نفاق، ولا مصالح دنيوية تربط بين هؤلاء، إنه الإخلاص لله وحده لا شريك له، والحق أن الحب إذا شابته أغراض فإنه ينتهي كما بدأ كحب الشيطان الذي يوقع الإنسان في معصية الله ويزين له ذلك، وكحب اللسان من غير تمكين من القلب، ولهذا نجد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) يعلم أتباعه حلاوة الحب لله، ويبين لهم الأثر المحمود لهذا الحب، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار). إن المسلم إذا أحب لله ذاق أثر ذلك في نفسه من الراحة والاطمئنان، ونال في الآخرة الأجر العظيم الذي أعد الله للمتحابين فيه، ولهذا حرص الإسلام على القواعد التي تجعل هذا الحب واقعاً ملموساً يعيشه المسلم، ويستظل به في هذه الدنيا، يقول النبي (عليه الصلاة والسلام):(إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه) ـ أبو داود والترمذي، إنه توكيد لهذا الحب وإعلام للغير به حتى لا يكون هذا الحب من طرف واحد. نصح وإرشادإن الإسلام يشيع الحب بين أتباعه حتى يكون المجتمع متآلفاً، أخرج أبو داود عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً كان عند النبي (صلى الله عليه وسلم)، فمر رجل به فقال: يا رسول الله، إني أحب هذا، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم):(أأعلمته)؟ قال: لا، قال:(أعلمه) فلحقه، فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الذي أحببتني له. والحب ليس كلمة تقال، وإنما هو واقع يعيشه المحب لحبيبه، نصح وإرشاد، بذل وعطاء، تضحية وإيثار، تفقد ودعاء، إنها معانٍ عظيمة تظهر على المتحابين، ولهذا لما كان هذا العمل عظيماً كان الجزاء عليه كبيراً من الرحيم الرحمن. ففي الحديث في السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله، منهم:(رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه)، وتفرقا عليه، ويستمر العطاء الرباني لهؤلاء المتحابين، يقول الله عزوجل في الحديث القدسي:(وجبت محبتي للذين يتحابون ويتجالسون ويتزاورون ويتبادلون فيَّ)، وأما في الآخرة، فإن الناس تغبطهم لهذا النعيم الذي هم فيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(أن من عباد الله عباداً ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء) قيل: من هم لعلنا نحبهم؟ قال:(هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب، وجوههم نور، على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس)، ثم قرأ:(أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس ـ 62). ثمرات وفضائل للمحبة في الله ثمرات طيبة يجنيها المتحابون من ربهم في الدنيا والآخرة منها، أولاً: محبة الله تعالى: عن معاذ ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول:(قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيّ) (رواه مالك وغيره) وقول الملك للرجل الذي زار أخاً له في الله:(إني رسول الله إليك بأنّ الله قد أحبّك كما أحببته فيه)، ثانياً: أحبهما إلى الله أشدّهما حبا لصاحبه: عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال:(ما من رجلين تحابا في الله إلا كان أحبّهما إلى الله أشدّهما حبا لصاحبه) ـ (رواه الطبراني)، ثالثاً: الكرامة من الله: عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(ما من عبد أحبّ عبدا لله إلا أكرمه الله عز وجل) وإكرام الله للمرء يشمل إكرامه له بالإيمان، والعلم النافع، والعمل الصالح، وسائر صنوف النِّعم، رابعاً: الاستظلال في ظلّ عرش الرحمن: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي) ـ (رواه مسلم)، وعن أبي هريرة أيضاً ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(سبعة يظلهم الله تعالى يوم لا ظلّ إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلّق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، خامساً: وجد حلاوة الإيمان: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان، فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله)، سادساً: استكمال الإيمان: عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(من أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)، سابعاً: دخول الجنة: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم)، ثامناً: وجوههم نورا يوم القيامة: من الحديث السابق في قوله: (يجعل الله وجوههم نورا)، تاسعاً: لهم منابر من لؤلؤ: نفس الحديث السابق في قوله:(يجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس)، عاشراً: يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة: من الحديثين السابقين: حديث الأشعري وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ في قوله (صلى الله عليه وسلم):(يغبطهم الشهداء والنبيون يوم القيامة لقربهم من الله تعالى، ومجلسهم منه)، حادي عشر: إنّ المرء بمحبته لأهل الخير لصلاحهم واستقامتهم يلتحق بهم ويصل إلى مراتبهم، وإن لم يكن عمله بالغ مبلغهم: عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، كيف تقول في رجل أحبّ قوماً ولم يلحق بهم؟ قال:(المرء مع من أحبّ) عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أنّ رجلاً سأل النبي (صلى الله عليه وسلم): متى الساعة؟ قال: ما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحبّ الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت)، قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي (صلى الله عليه وسلم):(أنت مع من أحببت)، فأنا أحب النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال:(لا يحب رجل قوماً إلا حشر معهم).