[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/06/k.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خلفان المبسلي[/author]
تطور مفهوم استدعاء السلع والمنتجات في السنوات الأخيرة فأصبح له من الدلالات أنفعها، ومن المعاني أعظمها، فهو اسم؛ مفرده استدعاء، وجمعه استدعاءات، والمصدر استدعى، ويقال زيدٌ استدعى عمراً أي وجه له دعوة للحضور، كما عرفه علماء النفس بأنه عملية استرجاع لأشياء معينة مع ما يصاحب ذلك الاسترجاع من ظروف الزمان والمكان، وبه تنتقل عملية التذكر من عالم المدركات الخارجية إلى عالم التصورات الذهنية. أما في علم القانون فعرف الاستدعاء بأنه كتاب يتضمن شكوى أو طلبا للمثول أمام المحكمة. بيد أننا في هذا النص نعرّف الاستدعاء إجرائيا حسب ما عرفته اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك بأنه: "إجراء تقوم به الهيئة أو المزود لسحب سلعة، أو وقف خدمة، إذا كان بها عيب، أو غير مطابقة للمواصفات القياسية، وكان من شأنها الإضرار بالمستهلك.
لا ريب أنّ هذا المفهوم المحدث دلالة، قد أدّى إلى سحب كميات كبيرة من المنتجات والسلع من الأسواق ونخصّ بالذكر الاستدعاء في عالم السيّارات وقطع غيارها وسبب استدعاءها عيوب مصنعيّة تؤدي إلى حوادث قاتلة أو ربما تصبح عرضة للمخاطر لذا من الواجب استدعاءها فينتج عن الاستدعاء إما استبدال أو إصلاح أو إرجاع للأموال أو تعويض. بعد أن وضع لمفهوم الاستدعاء استراتيجيات وتشريعات لطرق ووسائل الاستدعاء التي ينبغي أن تصل الى المستهلك والتي تقوم بها الجهات المعنية بالمستهلك او المزود صاحب السلعة والذي إن اكتشف في منتجه أو سلعته عيب خفي وجب عليه أن يستدعي المنتج المباع بوساطة الجهات المعنية بالمستهلك وبذلك يبني جسرا من العلاقات والشراكات المتينة مع المستهلكين بيد أنه ما كل بارقة تجود بمائها وهي كناية توحي بأنه ليس شرطا جازما عندما نشاهد البرق أو نسمع الرعد أن تتساقط الأمطار فتجود علينا بكرمها وماءها المبارك، نريد القول هنا بأنه ليس جميع المزودون يجودون بمصداقية التعامل مع المستهلكين فيستدعون منتجاتهم وهي دلالة على أنّ الجواد قد يعثر، إلا أن ذلك التعثر سرعان ما يكتشف من خلال التعاملات والتجريب للمنتجات المباعة والتي سرعان ما تظهر بها العيوب فتعمل الجهات المعنية بحماية المستهلك على استدعاءها وإرغام المزود باستبدالها أو إصلاحها.
إننا نرمي في هذا النص إلى نشر قيمة الوعي بالاستدعاء، والتي بسببها تسترجع حقوق المستهلك، حين تخطر جهة الاستدعاء المستهلك بمعلومات عن السلعة التي تم سحبها من الأسواق، وإخبار المستهلك بالمعلومات والبيانات الصحيحة بكل مصداقية وشفافية أو إصدار بيان كفيل بوقف الضرر عن المستهلك. فلا بد من متابعة استدعاء المنتجات وتحذيراتها والتي تبث اليوم في كافة قنوات التواصل كما تنشر عبر الصحف والاخبار اليومية، فهل أدرك المستهلك قيمة الاستدعاء والتحذيرات..؟
لقد انتشرت ثقافة الاستدعاءات في كافة أقطار العالم حيث تم استدعاء الآف المنتجات من المركبات والغذاء وغيرها من الكماليات والضروريات كما استفاد المستهلك من مفهوم الاستدعاء وباتت ثقافة استوعبها المستهلك فأدرك من خلالها حقوقه وواجباته حين اكتسب كثير من المنتجين ثقة المستهلك عند استدعاء منتجاتهم للاسترداد والتصليح كما انتشرت في أوساط المستهلكين في السلطنة ثقافة الاستدعاء؛ لأستشهد بمثال يبين ثقافة الوعي بقيمة الاستدعاء عندما رافقت أحد الاصحاب لشراء مركبة مستوردة وفي أثناء فحص المركبة قام بإدخال رقم قاعدة السيارة والتأكد من أحد المواقع العالمية عبر الإنترنت ليكتشف أن المركبة عليها استدعاء عالمي بسبب غرقها في الماء، فلو لم نكن جزء من الحل لأصبحنا جزء من المشكلة، فكانت صدمة بالنسبة لنا أن المركبة لا تظهر في واقعها البتة أنها غرقت في الماء ناهيك عن سعرها المبالغ فيه فاعتذرنا للبائع لعدم رغبتنا في الشراء فكان الوعي بقيمة الاستدعاء منقذا لهذا المستهلك الذي أدرك حقوقه جيدا وواكب التطور في مجال البحث ومعرفة الدلائل المتاحة عن الاستدعاءات عبر قنوات الاتصال.
على كل، ليس المهم في الاستدعاءات والتحذيرات أن يحصل المستهلك منها على حقائق جديدة لعيوب خفية في منتجات ما، بل المهم من ذلك أن يتمكن المستهلك من اكتشاف طرق جديدة للتفكير في هذه الحقائق. وفي ذلك فليتفكر أولو البصائر والألباب.

[email protected]