[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
الثابت في مشهد الأزمة السورية التي ستدخل عامها السابع أن العدو الإسرائيلي لا يسجل حضوره المباشر في الميدان السوري لتأكيد أنه الطرف الأصيل في المؤامرة على سوريا، إلا إذا كان هناك ما يستدعي بصورة ملحَّة الدخول على خط العربدة. وفي العدوان الإرهابي الإسرائيلي فجر الجمعة الماضية الذي أراد منه استهدف مواقع للجيش العربي السوري في مدينة تدمر التي أعادها مجددًا إلى الحضن السوري بعد انتشالها من بين براثن تنظيم "داعش" الإرهابي، أراد العدو الإسرائيلي ـ كما في كل مرة ـ أن يرفع المعنويات المنهارة والمنكسرة لجموع العصابات الإرهابية، ويخلط الأوراق ويوجد نوعًا من التشويش والارتباك. إلا أنه من وحي الفعل والتخطيط والزمن لم يخرج ـ كالعادة ـ عن التخطيط المسبق والمرسوم، ولن يخرج عن الضوء الأخضر الأميركي، من منطلق التحالف الاستراتيجي القائم بين (تل أبيب وواشنطن)، والالتزام الأميركي ليس بأمن كيان الاحتلال الإسرائيلي فحسب، وإنما بتلبية رغباته وتحقيق أحلامه مع ما يصحب من جرعات دلال زائدة. فقد جاء العدوان الإرهابي الأخير على مواقع الجيش العربي السوري متزامنًا مع جملة تطورات سياسية وميدانية:
أولًا: إن قيام كيان الاحتلال الإسرائيلي بعدوانه الإرهابي على تدمر جاء بُعيْدَ الزيارة التي يمكن أن توصف بـ"التاريخية" التي قام بها المتطرف بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى روسيا الاتحادية، ولقائه رئيسها القوي فلاديمير بوتين، والتي كان من بين أهدافها السماح للطيران الحربي الإسرائيلي باستخدام الأجواء السورية لاستهداف مواقع وعناصر حزب الله، وعدم التعرض للطائرات الحربية الإسرائيلية عبر منظومتي الصواريخ المضادة (أس 300 وأس 400) التي أخضعت أعينها الرادارية السماء السورية. غير أن هذا الطلب "النتنياهوي" ـ وحسب تصريحات المسؤولين الروس ـ رفضه الرئيس الروسي، مؤكدًا له التزام موسكو بوحدة سوريا وحدودها، وتأكيده أيضًا بأن "العالم تغير" في معرض رده على تحريض نتنياهو ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبالتالي أراد نتنياهو أن يرد الإهانة على طريقته الخاصة المعروفة وهي الإرهاب والعدوان، ولا غيرهما يجيد، هذا من جهة. ومن جهة أخرى ليطلق بالون اختبار لما سمعه من مواقف في موسكو، فجاءه الرد سوريًّا سريعًا بإسقاط طائرة حربية إسرائيلية وإصابة أخرى، حسب بيان الجيش العربي السوري.
ثانيًا: العدوان الإرهابي الإسرائيلي تزامن أيضًا مع جولة جديدة من تعطيل الحل السوري تمثلت في الإيعاز إلى الأدوات المسماة "المعارضات" بعدم حضور محادثات أستانة. ويبدو أن العدو الإسرائيلي ـ لكونه الطرف الأصيل في المؤامرة ـ أراد أن يبعث برسالة إلى وكلائه وعملائه بأنه لا يزال يتحكم في اللعبة، وأنه قادر على خلط الأوراق والتشويش والإرباك، وبالتالي ما على الوكلاء والعملاء إلا أن يثبتوا على ما هم عليه من مواقف معرقلة ومعطلة للحل السياسي؛ لأنها بالنهاية تخدمه من خلال استمرار دوامة القتل والتدمير التي تستهدف الشعب السوري والبنى الأساسية، فالمطلوب إسرائيليًّا أن لا تنعم سوريا والمنطقة بالاستقرار والهدوء والأمن والتنمية.
ثالثًا: ترافق العدوان الإرهابي الإسرائيلي مع تطورات في الشمال السوري، حيث الوجود الأميركي يتجه إلى التراكم عديدًا وعتادًا، فقد أعلن "البنتاجون" أنه يخطط لإرسال ألف جندي إضافي في الشمال السوري، بحجة دعم الأكراد في معركة الرقة، فضلًا عن الأسلحة النوعية التي أدخلها هناك وزود بها أيضًا الأكراد. ومن غير المستبعد أن واشنطن تخطط لما بعد معركة الرقة والتخلص من تنظيم "داعش" ربما، بإشعال فتيل المواجهة بين الأكراد والجيش العربي السوري، وإن كان نجاح مثل هذا المخطط يبقى محكومًا بعوامل عدة.
رابعًا: العدوان الإرهابي الإسرائيلي جاء تعبيرًا واضحًا عن ما يشعر به العدو الإسرائيلي من حقد وكراهية وغضب من المسار الميداني الذي تفاصيله مائلة لصالح الجيش العربي السوري والدولة السورية، وهو ما له انعكاسه الكبير على المسار السياسي، وبالتالي تكامل المسارين لصالح الدولة السورية يعني خسارة مخطط التآمر، وضياع الأموال التي تعود ملكيتها للشعوب المغلوب على أمرها.
لذلك، ومع قوة الرد السوري الذي جاء صاعقًا للأعداء الإسرائيليين ومن معهم ويتخندق في خندقهم، لا يكون العدوان الإسرائيلي على تدمر بطعم الهزيمة والإفلاس فحسب، بل إن قواعد اللعبة والاشتباك قد تغيرت، وبات على العدو الإسرائيلي أن يحسب لحماقاته حسابًا دقيقًا بأن الصورة النمطية التي اعتادها بأن يضرب هدفًا هنا وآخر هناك بين فترة وأخرى قد طوت مرحلتها، هذا ما أكده الجيش العربي السوري ومحور المقاومة بأكمله فجر الجمعة الماضية.


[email protected]