يعد الترويج السياحي إحدى الأدوات المهمة للدول التي تسعى إلى أن تشكل السياحة أحد المصادر المهمة في دخلها الوطني، فبرغم نمو قطاع السياحة المطرد، لدرجة جعلته أكثر القطاعات الاقتصادية نموًّا في العالم، إلا أن هذا النمو يتأثر بشكل كبير بالتنافسية الشديدة التي فرضها دخول عشرات الدول في السوق السياحية العالمية، فنظرة سريعة للأرقام التي خلفتها بورصة السياحة التي أقيمت في برلين الألمانية مؤخرًا، نجد أن عدد الصفقات التي وقعت خلال البورصة في برلين قد بلغت 67 مليار يورو (73 مليار دولار)، فيما وصل عدد زوار الدورة في أيامها الخمسة إلى 175 ألفًا، وعدد الشركات العارضة عشرة آلاف و186 شركة من 189 دولة في العالم، وهي أرقام تشير بوضوح إلى حجم التنافسية. لذا فمن الطبيعي أن تتسلح الدول التي تسعى لوجودها على الخريطة العالمية سياحيًّا بكل ما من شأنه ضمان تفردها في أحد المنتجات السياحية أو أكثر، مما يجذب السائح له دون منافسيه.
إن هذا الدور المحوري للترويج يجعل القائمين على السياحة في السلطنة يستخدمونه دومًا كأداة فاعلة في رسم الخريطة السياحية، لدرجة أن البعد الترويجي أضحى يمثل للمخطط العماني السياحي محددًا للأنشطة السياحية الداخلية، فالترويج هو صاحب التأثير والإقناع والجذب، وهو بجانب المقومات السياحية المتفردة للسلطنة، حتى يتسنى له تأكيد بروز ملامح الهوية العمانية، وإبراز الذائقة الحضارية للبيئات الثقافية والأثرية والحيوية والطبيعية والمائية والرملية والجبلية والشاطئية والمتنزهات المطورة، والاستفادة من المهرجانات السياحية والثقافية والتراثية التي تحمل مضامين سياحية؛ كل هذه وغيرها موجهات يمكن أن تنطلق منها هوية البرامج والإعلانات الترويجية والتسويقية للسياحة العمانية، وفرصة لدور أكبر للقطاع الخاص، والمبادرات الوطنية الأهلية في تأسيس شركات للترويج السياحي والمنافسة فيها.
فبدون المقومات السابقة لن تؤتي عملية الترويج أكلها، فالسائح يأتي إليك بهدف الاستمتاع بما هو غير موجود عند غيرك، ومن هنا تكمن أهمية الدور الذي تلعبه الملتقيات والمهرجانات السياحية في تنشيط الحركة السياحية على جميع المستويات "المحلية، والإقليمية، والدولية" والتي تتميز بتوزيع متناسق لكل ما هو ممتع، وشيق، وجذاب من فعاليات على خريطتها، إلى جانب وجود كافة شرائح السائحين الزائرين للمهرجان مما يعد تسويقًا سياحيًّا لمناطق السياحية بطريقة غير مباشرة عن طريق وسائل الترفيه، والفنون الشعبية، وأيضًا إلى جانب عرض الصناعات التقليدية، نظرًا لأهمية الحرف والصناعات التقليدية وعرضها في المهرجانات والمعارض السياحية، وأهمها نشر الثقافة الخاصة بالدولة السياحية والمتمثلة في التذكارات السياحية في القطاع السياحي.
إن تفعيل استراتيجية وطنية تقرأ مفاهيم الترويج السياحي وفلسفة عمله وموجهات تطويره وأولوياته، ضرورة لا بد أن تتم في توازن يجمع بين الخصوصية الوطنية والعالمية، فالمهرجانات التراثية الثقافية أصبح لها دور التنمية السياحية، عبر دورها في تحسين كفاءة الأنشطة التسويقية والترويجية، فالمهرجانات الثقافية تضفي جماليات على أهمية المكان التاريخي والمنتج الثقافي العماني مما يسهم في تدعيم السياحة الداخلية والخارجية، ويعيد الحياة إلى الحركة التجارية والاقتصادية، وهي من أبرز الأنماط الثقافية لجذب السياحة إلى السلطنة والترويج لها.
إن إقامة هذه المهرجانات يعطي الفرصة للترويج عن السلطنة في مجال السياحة وجذب سياح من الدول الأجنبية، بالاضافة إلى تعريف الأجيال بالتراث وعكس ثقافة وحضارة السلطنة للآخرين، وإبراز المقومات السياحية للسلطنة والترويج لها والتعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة لدى السلطنة، فالسلطنة تزخر بالعديد من المقومات السياحية التي تؤهلها لتكون رائدة في هذا المجال، وذلك لما تتمتع به من مناطق ومناظر طبيعية يمكن استغلالها لتكون مناطق جذب للسياح من كافة أنحاء العالم. كما أن مناخ الأمن والأمان والاستقرار المتوافر في السلطنة يساعد على تشجيع السياحة، ولعل انطلاق مهرجان سدح التراثي الرابع الذي يستمر لغاية الـ25 من مارس الجاري فرصة جيدة للتعريف بالولاية وما حولها من تراث حضاري وطبيعي عماني يرفد السلطنة بمنتج سياحي متفرد يسعى للمنافسة، ويفتح أبواب الرزق للحرفيين من أبناء الولاية.