بتوافر الشروط الموضوعية العامة والخاصة والشكلية لعقد الشركة تصبح هذه الشركة شخصاً قانونياً مستقلاً عن الشركاء المكونين لها بما يعرف قانوناً بالشخصية المعنوية للشركة. والمشرع العماني اعترف بالشخصية المعنوية لجميع الشركات التجارية عدا شركة المحاصة وهذا ما تناولته المادة (3) من القانون، حيث نصت بالقول: "فيما عدا شركات المحاصة، تتمتع جميع الشركات التجارية بالشخصية المعنوية". فما هو مفهوم هذه الشخصية ؟ ومتى تبدأ وتنتهي ؟ وما هي النتائج التي تترتب على اكتساب الشركة التجارية الشخصية المعنوية (الاعتبارية) ؟ هذه الأسئلة وغيرها تجيب عليها مقالتنا هذه.أولاً: مفهوم الشخصية المعنوية هي عبارة عن مجموعة من الأموال، تكون مخصصة لغرض معين، وتعود ملكيتها لعدد من الأشخاص (الشركاء)، ويعترف لها القانون بكيان مستقل عن كيان الأشخاص المكونين لها (المؤسسين).يعرفها البعض الآخر بأنها: عبارة عن وسيلة قانونية تهدف إلى إيجاد كيان آخر له حياة قانونية مستقلة عن حياة الأفراد المكونين لها.ثانياً: بدء وانتهاء الشخصية المعنوية (الاعتبارية) للشركةتنص المادة (6) من القانون على أنه: "لا يمكن التمسك بوجود شركة تجارية قبل الغير ذوي النية الحسنة إلا منذ اكتمال إجراءات التسجيل والنشر وفقاً لأحكام قانون السجل التجاري ....". فوفقاً لهذا النص تكتسب الشركة التجارية الشخصية المعنوية باستكمال جميع أركانها الموضوعية والشكلية أي بعد قيدها في السجل التجاري بوزارة التجارة والصناعة ونشر هذا القيد.أما انتهاء الشخصية المعنوية للشركة، فإنها لا تنتهي طالما كان عقد الشركة قائماً، إذ أن هذه الشركة تبقى قائمة ومحتفظة بشخصيتها القانونية المستقلة طالما كان عقد الشركة باقياً.وبالتالي تنتهي هذه الشخصية في حالة انقضت الشركة أي عقد الشركة بتوافر أحد أسباب الإنقضاء، خذ على سبيل المثال حلول الأجل المعين للشركة أو إنهاء الغاية التي من أجلها تأسست الشركة. أو إذا أفلست هذه الشركة، أو اتفق الشركاء فيما بينها على حلها وغيرها من الأسباب التي ستتناولها مقالاتنا القادمة.لكن ما يجب الإشارة إليه في هذه الجزئية أن المشرع يعترف ويقر للشركة التجارية بشخصية معنوية ناقصة في حالتين فقط:الحالة الأولى: قبل استكمال إجراءات تأسيس الشركة: حيث تكون للشركة شخصية قانونية ناقصة بالقدر اللازم لتأسيسها ويذكر مع اسمها عبارة (تحت التأسيس)، (قيد التأسيس)، باعتبار أن تأسيس الشركة قد يستغرق مدة زمنية طويلة كما هو الحال عند تأسيس شركات المساهمة العامة.ومن المؤكد أن خلال تلك المدة يحتاج المؤسسون إبرام بعض من التصرفات القانونية لحساب هذه الشركة (قيد التأسيس) باعتبارهم ممثلين لهذه الشركة.الحالة الثانية: بعد حل الشركة ودخولها طور التصفية.بعد حل الشركة و دخولها طور التصفية لا يترتب إنقضاء الشركة، لأن المشرع العماني يعترف للشركة في هذه المرحلة من حياتها بشخصية قانونية ناقصة وبالقدر اللازم لأعمال التصفية فقط. وهذا ما تكفلت ببيانه المادة (15) من قانون الشركات التجارية حيث يجري نصها بالآتي: "تدخل الشركة بمجرد حلها، في طور التصفية وتحتفظ بشخصيتها المعنوية بالقدر اللازم للتصفية وحتى إنتهائها". وهذا الحكم الذي جعل المشرع التجاري أن تحتفظ الشركة التجارية خلال فترة التصفية بشخصيتها القانونية من أجل المحافظة على مصلحة الشركاء أنفسهم من جهة، ومن جهة أخرى المحافظة على حقوق الغير من دائني الشركة باعتبار أن التصفية تعنى في مجملها تسوية حقوق والتزامات الشركة، ومن المؤكد أنها لا تتم بعد انقضاء الشركة مباشرة.إلا أنه ما يجب التأكيد عليه في هذه الجزئية الأخيرة أن الشركة وهي في دور التصفية هي شخصية مؤقتة وناقصة وبالتالي لا يجوز للشركاء القيام بأي عمل أو إبرام عقد لا علاقة له بالتصفية، وبالتالي فإنه في حالة قيام ـ على سبيل المثال مدير شركة مقالات ـ بتقديم عطاء في مناقصة لبناء جسر بعد إنقضاء الشركة وخلال فترة التصفية فإن هذا العمل لا يعد من الأعمال اللازمة للتصفية ولا علاقة له بها، وبالتالي فالشركة لا تعد مسؤولة عنه ويتحمل هذا المدير مسؤولية شخصية عن هذا التصرف الذي قام به.د. سالم الفليتي أستاذ القانون التجاري والبحري المساعدكلية الزهراء للبنات[email protected]