[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedbinsaidalftisy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد بن سعيد الفطيسي[/author] من وجهة نظري. وبناء على الواقع العملي المشاهد في مختلف الأنظمة السياسية في الشرق والغرب باختلاف توجهاتها السياسية, فإن جماعات الضغط ليس بالضرورة أن تكون جماعات منظمة تنظيما منهجيا ومؤسساتيا, بل يمكن أن تكون كل جماعة ترتبط مع بعضها البعض بعلاقة خاصة أو عامة، سواء كان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة, ويكون لها تأثير في سياسات وتوجهات ومرئيات وقرارات الدولة..المتتبع لتلك التيارات يجد أن تضخمها وقوتها تختلف من دولة إلى دولة أخرى. نظرا لاختلاف أنظمة الحكم وطبيعة التوجهات أو التقاليد والأعراف السياسية. ومدى القوة الأمنية فيها. والقوانين الوضعية التي تقوم عليها الدولة وتنظم سلوك الأفراد والجماعات فيها. وكذلك إلى مواقع القوة والنفوذ التي تمكنت تلك التيارات من الولوج إليها والسيطرة عليها, ففي الدول التي لا يمنع فيها قيام الأحزاب السياسية على سبيل المثال كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وبعض الدول العربية, تشكل تلك الأحزاب أبرز قوى الضغط والتأثير المنظم في سياساتها وتوجهاتها العامة، مع ملاحظة تقلص دور بقية التيارات والقوى غير الحزبية, بينما وفي دول أخرى تمنع قيام الأحزاب السياسية، كما هو الحال في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، والبعض الآخر التي تسمح لبعضها وتمنع بعضها الآخر أو في دول الحزب الواحد, فإن قوى أخرى تتشكل كبديل طبيعي وتلقائي لجماعات الضغط المنظم نتيجة فراغ البيئة السياسية في الدولة, كالقبائل والقوى الاقتصادية والنفوذ السياسي والديني.وبالتالي فإن وجود تيارات وقوى ضغط داخلية في أي دولة أو نظام سياسي ديموقراطي، سواء تشكلت بشكل رسمي أو طبيعي يعد حالة صحية لا خطورة منها في العادة, بل هي من قبيل التدافع الإيجابي في الحياة السياسية والاجتماعية, ولخلق بيئة سياسية من تنوع الأفكار والآراء والتوجهات العامة, وبالتالي تنوع السياسات والخدمات بعيدا عن انجرافها إلى تيار أو جماعة أو مصالح فردية أو نوعية. إنما تكمن الخطورة وهو ما يدور حوله هذا الطرح كما سبق وأشرنا حين تتضخم تلك التيارات إلى الدرجة التي تصبح فيها ذات تأثير سلبي ورجعي على تقدم وتطور الدولة المدنية والقانونية من جهة. وتشكل تهديدا خطيرا للاستقرار والأمن الوطني لأسباب عديدة ومختلفة سنستعرضها لاحقا من جهة أخرى.وتتوزع في العادة تلك الجماعات ما بين أحزاب وفاعلين وتيارات مختلفة التوجهات والأهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كما هو الحال في الدول القائمة على الأحزاب, ومؤسسات مجتمع مدني, والرأي العام, وتيارات داخلية متنوعة في دول أخرى، سواء كانت قوى دينية أو قبلية أو عرقية, وهذه الأخيرة تكون في العادة خصوصا في بدايات تشكيلها تيارات غير منظمة وعشوائية التوجيه والتوجهات, إلا أنها سرعان ما تنظم نفسها من خلال قيادات تقليدية كمشايخ القبائل ورجال السياسة والمال وشيوخ التيارات الدينية. ولا يعني ذلك بالطبع أن تأثيرها على السياسات العامة للدولة لا يتحقق إلا بتنظيمها القيادي أو الجمعي, بل يمكن أن يتحقق ذلك في ظل عشوائية قبلية أو دينية وعرقية, أو ربما فردية, خصوصا عندما تكون تلك التجمعات ذات أعداد كبيرة وقوية, أو ذات نفوذ اجتماعي أو ديني أو مالي, أو لوجود بعض أفرادها في مطابخ القرار والنفوذ السياسي في الدولة.الجماعات والتيارات الفئوية في الدول, بين التضخم وممارسة الضغط:تعرف جماعات الضغط بأنها (جماعة من الأشخاص تربطهم علاقات اجتماعية خاصة ذات صفة دائمة أو مؤقتة بحيث تفرض على أعضائها نمطا معينا في السلوك الجماعي، وقد يجتمعون على أساس وجود هدف مشترك أو مصلحة مشتركة بينهم يدافعون عنها بالوسائل المتيسرة لديهم), ويعرف ن. هنت جماعة الضغط على أنها (أية منظمة تسعى إلى التأثير على سياسة الحكومة بينما ترفض تحمل مسؤولية الحكم). أما جان دانيل فيعرفها على أنها (كل الجماعات التي تضغط للتأثير على السياسات العامة على الصعيد السياسي).من وجهة نظري. وبناء على الواقع العملي المشاهد في مختلف الأنظمة السياسية في الشرق والغرب باختلاف توجهاتها السياسية, فإن جماعات الضغط ليس بالضرورة أن تكون جماعات منظمة تنظيما منهجيا ومؤسساتيا, بل يمكن أن تكون كل جماعة ترتبط مع بعضها البعض بعلاقة خاصة أو عامة، سواء كان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة, ويكون لها تأثير في سياسات وتوجهات ومرئيات وقرارات الدولة, سواء كان ذلك التأثير يهدف لتحقيق مصالح عامة أو مصالح فئوية أو طبقية خاصة كذلك.لذا، أتفق مع من يوسع من الباحثين هذا المفهوم, أي الجماعات الضاغطة في الدولة, ليشمل فاعلين اجتماعيين واقتصاديين متعددين ومختلفين على سبيل المثال، كالشركات الوطنية أو الدولية العابرة للحدود الوطنية, والجمعيات التطوعية والأهلية والتنظيمات الجماعاتية، والحركات الاجتماعية والقبلية التي تنخرط فيها, وبالتالي جميع الفاعلين والمؤثرين في السياسات العامة للدولة, سواء كانوا أحزابا أو جمعيات أو نقابات أو تجمعات دينية أو قبلية أو عرقية, أو تجمع لرجال المال والأعمال والاقتصاد والمهن, أو النفوذ السياسي والاقتصادي والقبلي والديني, وما إلى ذلك.كما ليس من الضرورة أن تكون تلك الجماعات والتيارات الضاغطة والفاعلين المؤثرين في السياسات العامة للدولة في وضع مستقل عن الحكومة من الناحية البنائية والتكوينية, (ففي الدول النامية على سبيل المثال ـ كما هو الحال في الدول العربية مثلا ـ نجد أن بعض جماعات الضغط بوجه عام ليس لها أي استقلال عن الحكومة في أغلب الأحيان. حيث تكمن مهمتها الأساسية في حشد التأييد الشعبي للنظام وسياساته, وإذا كانت الجماعات مرتبطة بحزب معين فإن وزنه السياسي وتأثيرها يتوقفان بدرجة كبيرة على ما للحزب من نفوذ).كما أن طبيعة نظمها وتجربتها تبرز ضعف المجموعات المتحدة. أي (جماعات الضغط في توضيح المصالح وافتقارها إلى الاستقلالية.. ففي أنظمة الحزب الواحد، أو الحكم العسكري، تبرز سيطرة الدولة على المجموعات القائمة، لتصبح أجهزة تابعة للحزب أو الدولة .. فالحزب الواحد ينظر لنفسه كونه الممثل الوحيد للمجتمع المدني، ويفترض في هذا المفهوم بالضرورة أن الاتحادات التي تسعى لتوضيح مصالح معينة، يجب عليها أن تقوم بذلك من خلال الإطار الحزبي. وما أن يصبح الاتحاد تحت وصاية الحزب حتى يتم إخضاعه للتوجهات السياسية ويمنع من التعبير عن وجهات نظر تخالف مذهب الحزب أو مصالحه).وتنقسم أهداف تلك الجماعات إلى أهداف ومساعٍ مختلفة بحسب اختلاف تكوينها وتوجهاتها, فمنها ما هو مادي يسعى للربح كالتيارات والولاءات والقوى الاقتصادية ورجال المال والأعمال على سبيل المثال, والتي (تضغط على النظم السياسية والاقتصادية من أجل تحقيق مصالحها، أو تكون ذات طابع أيديولوجي ـ كالتيارات الدينية والقبلية ـ للدفاع عن قيم ومبادئ معينة تؤمن بها هي. أو هي مجموعة من الأفراد تجمعها مصالح مشتركة وتنشط في سبيل تحقيق هذه المصالح عن طريق الاتصال بمسؤولي الدولة ومؤسساتها ومحاولة إسماع صوتها مستخدمة كل ما تملك من وسائل متاحة. وممارسة الضغط من خلال أشخاص أو جماعات نوعية، فهي جماعات موجودة في كل النظم الديمقراطية في جميع أرجاء العالم، ومن خلالها يسعى من يملكون ثروات ضخمة وتكون لهم مصالح كبيرة يريدون ضمانها إلى أن يكون لهم نفوذ أو تأثير كبير في قرارات الحكومة).على ضوء ذلك يمكن حصر أبرز التيارات والقوى الداخلية والجماعات القطاعية الفئوية, أو جماعات الضغط أو الطبقة المتحكمة وأصحاب النفوذ من تلك الفئات, والتي تؤثر وستؤثر سلبا نتيجة تضخمها في مستقبل الأنظمة السياسية والاستقرار والأمن الوطني لدول المنطقة العربية خلال الفترات الزمنية القادمة, وسيتم تسليط الضوء عليها في هذه الدراسة بشكل موجز ومختصر من نواحٍ مختلفة واتجاهات متعددة ودراسة مدى مخاطر تضخمها، وانعكاس تنازع الولاءات لديها على الداخل الوطني, وهل يمكن لتلك الدول إعادة ملف هذه التيارات إلى وضعه الطبيعي, وكيف. ومتى؟ وغيرها من الأسئلة والجوانب التي سيتم تناولها ومحاولة الإجابة عنها بقدر المستطاع. هي التيارات والقوى الداخلية التالية:1- التيارات والقوى السياسية، والمتمثلة في: الشخصيات النافذة في الدولة والتي تنتمي إلى مختلف السلطات, مع التأكيد على مختلف الأقطاب التي يمكن أن تنتمي إلى تلك التيارات، سواء كانت تلك الشخصيات ممن ما زالوا على رأس عملهم أو حتى المتقاعدين منهم, وسواء كانت تلك الشخصيات تنتمي إلى القطاع المدني أو الأمني أو العسكري.2- التيارات والقوى الاقتصادية، والمتمثلة في: الشخصيات الاقتصادية ورجال المال والأعمال, خصوصا تلك الشخصيات التي لها من النفوذ الاقتصادي والمالي. أقل ما يمكن القول عنه: إن الدولة نفسها قائمة في بنائها الاقتصادي وبنيتها التحية الاقتصادية على أموالهم واستثماراتهم.3- التيارات والقوى الدينية (الطائفية أو المذهبية السياسية). والمتمثلة في: الطوائف والمذاهب الدينية في الدولة, وكذلك الشخصيات التي تنتمي إلى تلك التيارات والقوى الدينية الداخلية كمشايخ العلم والمرجعيات الدينية على سبيل المثال.4- التيارات والقوى القبلية: المتمثلة في القبائل والعشائر التي تمثل البنية الديموغرافية للدولة من جهة, وكذلك القوة الاجتماعية والسياسية لها من جهة أخرى في بعض الدول, وسواء كانت تجمعا قبليا يتمثل في مجموعة الأفراد الذين ينتمون إلى تلك القبيلة, أو بسبب وجود شخصية قبلية نافذة وقوية في الدولة والنظام السياسي, وتمثل القبيلة بأكملها في بعض الأوقات. محمد بن سعيد الفطيسي باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية [email protected] تويتر - MSHD999@
        
     
                    