يتطلب إنشاء وتكوين الشركة التجارية إضافة إلى الشروط الموضوعية العامة ـ التي سبق وتحدثنا عنها في مقالتنا السابقة ـ توافر أركان موضوعية خاصة بعقد الشركة، هذه الأركان والشروط هي:الركن الأول: تعدد الشركاءلكي ينعقد عقد الشركة لابد أن يوجد أكثر من شريك، وهذا واضح من تعريف المشرع العماني لعقد الشركة في المادة (1) من قانون الشركات التجارية، حيث تنص على أنه: "عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يشتركوا في مشروع يستهدف الربح .."، وبهذا النص يؤكد المشرع مبدأ لزوم تعدد الشركاء عند تأسيس كل شركة تجارية. فقد اشترط لصحة إنشاء شركة التضامن توافر شخصين أو أكثر عند إنشائها، وذات الأمر في شركة التوصية، وكذلك في شركات المحاصة والشركة محدودة المسؤولية، أما شركات المساهمة فقد اشترط المشرع العماني توافر على الأقل ثلاثة أشخاص عند تأسيسها عدا الشركات التي تؤسسها أو تشترك في تأسيسها الدولة وذلك دون التقيد بهذا الشرط. أما إذا رجعنا إلى الحد الأقصى لعدد الشركاء، فإن القانون لم يضع حداً أقصى لعدد الشركاء عذا الشركة ذات المسؤولية المحدودة، إذ لا يجوز أن يزيد عدد الشركاء فيها على أربعين شريكاً لاعتبارات معينة قصد المشرع تحقيقها، من أجل أن توجه نشاطاتها في المشروعات الصغيرة والمتوسطة.الركن الثاني: تقديم الحصصوالحصة التي يمكن أن يقدمها الشريك قد تكون حصة نقدية أو عينية أو حصة عمل، وهذا ما تكفلت ببيانه المادة (11) من القانون ذاته حيث تنص بأنه: "يجوز أن تكون مساهمة الشركاء في رأس مال شركة تجارية نقوداً أو مقدمات عينية منقولة أو غير منقولة أو حقوقاً عينية أو خدمات شريك أو أكثر، وذلك مع مراعاة الأحكام الخاصة التي ترعى كل نوع من الشركات".الركن الثالث: اقتسام الأرباح والخسائر حيث يهدف الشركاء من انضمامهم إلى الشركة القيام بمشروع إقتصادي وغرضهم من ذلك تحقيق الربح، إلا أنه في المقابل قد تتعرض هذه الشركة إلى الخسارة وبالتالي يجب في الحالتين أن يتقاسم الشركاء نتيجة عملهم المشترك هذه الأرباح وتلك الخسائر.الركن الرابع: نية المشاركةونية المشاركة بالمفهوم الواسع هي رغبة جميع الشركاء في الاتحاد والعمل من أجل القيام بمشروع الشركة وإنجاحه. وبطبيعة الحال هذه النية في حد ذاتها غير كافية، إنما لا بد من وجود مظاهر خارجية تدلل عليها لعل أهم هذه المظاهر التعاون الإيجابي، فيما بين الشركاء على قدم المساواة تحقيقاً لغرض وأهداف الشركة.ولهذا فإن عقد الشركة يختلف عن عقد القرض، فهذا الأخير لا توجد بالنسبة للمقرض نية المشاركة، فهو لا يتعاقد إيجاباً مع الشركاء في إدارة لشركة ولا يتحمل أيضاً خسائرها، لأنه ببساطة يسترد مبلغ القرض أصله وفوائده عند حلول أجله، حتى ولو تعرضت الشركة لخسارة.وفوق هذه الشروط والأركان الموضوعية العامة والخاصة لا بد من توافر الأركان الشكلية لعقد الشركة، على اعتبار ان عقد الشركة من العقود الشكلية الذي لا ينعقد بدون توافرها. تتمثل في ركنين هما:الركن الأول: كتابة عقد الشركةفعقد الشركة يجب أن يكون مكتوباً، وإن لم يشترط المشرع صراحة في قانون الشركات إلا أن ذلك الشرط يمكن تبيانه ضمنياً في قانون الشركات ذاته وقانون السجل التجاري رقم (3) لسنة 1974م. خذ على ذلك المادة (6) من قانون الشركات: "إن العقود التأسيسية وأنظمة الشركات التجارية ما عدا العائد منها إلى شركات المحاصة هي مستندات معدة لإطلاع الجمهور ويجب تسجيلها ونشرها عملاً بأحكام هذا القانون وبأحكام قانون السجل التجاري". والكتابة المطلوبة هنا هي الكتابة الرسمية، على إعتبار أنه يجب أن يكون عقد الشركة موثقاً أمام الجهات الرسمية المختصة. وعلى ذلك فإنه يترتب على تخلف الكتابة بطلان عقد الشركة التجارية.الركن الثاني: إشهار عقد الشركةوهذا الركن يتحقق من خلال إجراءين. الأول: تسجيل عقد الشركة في السجل التجاري. والثاني: من خلال النشر، بنشر هذا المحور في الجريدة الرسمية من أجل إعلام الغير بوجود هذه الشركة واكتسابها الشخصية الإعتبارية، مع ملاحظة أن الشركات التجارية لا تستطيع مباشرة أعمالها قبل اتباع إجراءات التسجيل والنشر. ومع ذلك فإن المشرع إستناداً للمادة (6) من القانون تجيز للغير ممن له مصلحة أن يتمسك بوجود الشركة وبالتالي يحق له إقامة دعوى ضدها، ولو لم تكتمل إجراءات التسجيل والنشر.د. سالم الفليتي أستاذ القانون التجاري البحري المساعدكلية الزهراء للبنات[email protected]