العربون في القوانين المدنية له من الوظائف الكثيرة والمتعددة والمتنوعة, فقد يتم دفعه إثباتا لإبرام العقد, وقد يكون مدفوعا كجزء أو قسط من ثمن المبيع وتارة بدفع بغرض اعطاء الحق في العدول لكلا المتعاقدين أو لأحدهما. وهناك الكثير من التعريفات للعربون وفي اعتقادنا أشملها تعريف محكمة النقض المصرية للعربون بأنه" ما يقدمه المتعاقدون الى الآخر عند انشاء العقد وقد يريد المتعاقدان بالاتفاق عليه أن يجعلا عقدهما مبرما بينهما على وجه نهائي, وقد يريدان أن يجعلا لكل منهما الحق في امضاء العقد أو نقضه, ونية المتعاقدين هي وحدها التي يجب التعويل عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني".والمتتبع لقانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29) لسنة 2013م يجد أن المشرع العماني وضع حكم العربون في المادة (84) منه والتي جرى نصها على النحو التالي" يعتبر دفع العربون دليلا على أن العقد أصبح باتا لا يجوز العدول عنه الا اذا قضى الاتفاق أو العرف بغير ذلك".ولبيان دلالة العربون في قانون المعاملات المدنية يتبين لنا أن المشرع قرر في هذه المادة قرينة قانونية أن دفع العربون يعتبر دليلا على أن العقد أصبح باتا فهو تأكيد على انعقاد العقد وليس وسيلة للعدول عنه ولكن تظل هذه القرينة قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس, فيجوز للخصم الذي يتمسك بهذه القرينة أن يثبت أن دفع العربون عند وقت ابرام هذا العقد كان قد قصد منه مثلا حق أي من المتعاقدين العدول عن العقد في مقابل خسارة العربون اذا كان العادل هو الذي دفع العربون- على سبيل المثال المشتري في عقد البيع- أو رد ضعف العربون اذا كان العادل هو من قبض العربون- البائع في عقد البيع مثلا.وبمعنى آخر أكثر توضيحا, نجد أن المشرع العماني أعطى للعربون وظيفة أساسية تتمثل في اثبات العقد فمتى تم دفعه يعتبر أن العقد أصبح باتا لا يجوز العدول عنه ولكن في المقابل وما يجب ملاحظته أن حكم المادة (84) من قانون المعاملات المدنية حكم تفسيري أو تكميلي مقرر لارادة المتعاقدين بمعنى آخر ليس حكما آمرا وعلى ذلك يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على ما يخالف حكم هذه المادة ويجعلا للعربون دلالة أخرى كوسيلة للعدول مثلا.هذه قراءة سريعة لدلالة العربون في قانون المعاملات المدنية, لقاؤنا معكم في قراءة أخرى بعنوان" حوكمة الإعلام".سالم الفليتي محام ومستشار قانونيكاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية
[email protected]