الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، وَأَرشَدَهُ بِالوَحْيِ الحَكِيمِ، وَزَوَّدَهُ عَقْلاً وَفِكْرًا يَهْدِيهِ إِلَى الطَّرِيقِ القَوِيمِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَرَعَ مِنَ الدِّينِ مَا يَدْعُو إِلَى استِقْلالِ الفِكْرِ وَإِعْمَالِ العَقْلِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، نَهَى عَنِ التَّبَعِيَّةِ العَمْيَاءِ، صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الجَزَاءِ.أَمَّا بَعْدُ، فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي -عِبادَ اللهِ- بِتَقْوَى اللهِ، وَالعَمَلِ بِمَا فِيهِ رَضَاهُ، فَإِنَّكُمْ " إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ " ، وَاعلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - أَنَّ عُنْوانَ تَقَدُّمِ الأُمَمِ وَمبْعَثَ أَمَانِها، وَمصْدَرَ عِزِّهَا وَاستِقرَارِهَا، فِي سَلاَمَةِ عُقُولِ أَفرَادِها، وَنَزَاهَةِ أَفكَارِ أَبنَائِها، وَمَدَى ارتِبَاطِهِمْ بِثَوابِتِ حَضَارَتِهِمْ، وَاعتِزَازِهِمْ بِمَعَالِمِهِمُ الثَّقَافِيَّةِ، وَمِنْ مَحاسِنِ شَرِيعَتِنا الغَرَّاءِ أَنَّها جَاءَتْ بِبِنَاءِ العُقُولِ وَالأَفْكَارِ، وَجَعَلَتْ ذَلِكَ إِحْدَى الضَّرُورَاتِ الخَمْسِ الوَاجِبِ حِفْظُهَا مِنَ الإِضْرارِ، تَحقِيقًا لِمَصَالِحِ العِبَادِ فِي أُمُورِ المَعَاشِ وَالمَعَادِ، فالتَّوجِيهُ السَّـلِيمُ لِفِكْرِ الأَجْـيَالِ وِقَايَةٌ لَهُمْ مِنَ الانْحِرافِ وَالضَّلاَلِ، وَشَتَّانَ بَيْنَ أُمَّةٍ تَفْخَرُ بِجِيلٍ مُفَكِّرٍ، وَأُخْرَى تَنُوءُ بِشَبابٍ جَاهِلٍ غَيْرِ مُتَبَصِّرٍ، " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ " لِذَا كَانَ غَرْسُ العِلْمِ وَصِيَاغَةُ الفِكْرِ أَوَّلَ هَدَفٍ لِلرِّسَالَةِ، كَيفَ لاَ؟ وَقَدِ استَغْرَقَ ذَلِكَ ثَلاثَةَ عَشَرَ عَامًا فِي مَرحَلَتِها المَكِّيَّةِ، وَلَمْ تَخْلُ مِنْهُ تَوجِيهَاتُ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ مِنَ المَرحَلَةِ المَدَنِيَّةِ، وَعِنْدَما أَسلَمَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: ((فَقِّهِوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ، وَأَقرِئُوهُ القُرآنَ)).عِبَادَ اللهِ: إِنَّ النَّاظِرَ فِي مَنْهَجِ الإِسلامِ يَجِدُ بِنَاءً فِكْرِيًّا قَائِمًا عَلَى مَعْرِفَةِ الخَالِقِ وَالغَايَةِ مِنَ الخَلْقِ، وَلا شَكَّ أَنَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ وَرَاءَهُ حِكْمَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ عِبَادَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَفْهُومِهَا الوَاسِعِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ " ، ثُمَّ تَغْذِيَةُ الفِكْرِ بِسَلِيمِ الأَفْكَارِ وَصَحِيحِ المُعتَقَداتِ نَحْوَ اللهِ وَسَائرِ المَوجُودَاتِ، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَومًا فَقَالَ: ((يَا غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ، احفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تِجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسأَلِ اللهَ، وَإِذَا استَعَنْتَ فَاستَعِنْ بِاللهِ))، إنَّ التَّصَوُّرَ الصَّحِيحَ للحَقَائِقِ يَجْعَلُ المَرْءَ يَتَفَكَّرُ فِيمَا حَولَهُ مِنْ مَظَاهِرِ الحَيَاةِ، ويَتَأَمَّـلُ فِيمَا يَخْدُمُ صَالِحَ الإنْسَانِيَّةِ، وَيَسْـتَمِعُ إِلَى الحَسَنِ مِمّا يَقولُهُ الغَيرُ، فَفِي ذَلِكَ عِبَرةٌ وذِكْرى، ومَنفعةٌ وَهُدًى، لِلرَّاغِبِ فِي بِنَاءِ فِكْرِهِ، قَالَ تَعَالَى: " الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ "أَيُّها المُؤمِنونَ:إِنَّ البِنَاءَ الفِكْرِيَّ يُنْتِجُ شَّخْصِيَّةً لاَ تُضِلُّهَا الأَهْوَاءُ وَلاَ تَنْحَرِفُ بِهَا المَسَالِكُ وَلاَ تُزَعْزِعُهَا أَعَاصِيْرُ البَاطِلِ وَهَذَا مِنَ المَقَاصِدِ الكُبْرَى لِلدِّيْنِ، لأَنَّ فِيهِ حِفَاظًا عَلَى حَيَاةِ الأُمَّةِ، الَّتِي أَرَادَ اللهُ لَهَا أَنْ تَكُونَ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " ، فَعِمَادُ الحِفَاظِ عَلَى هَذِهِ الشَّخْصِيَّةِ وَأَسَاسُ الاسْتِمْسَاكِ بِهَا هُوَ هَذَا الدِّيْنُ الحَقُّ دِيْنُ اللهِ الإِسْلاَمُ، لِذَا استَنْهَضَ الإِسْلامُ العُقُولَ، وَوَجَّهَ الأَفْهَامَ، وَحَرَّرَ الإِنْسَانَ مِنْ أَغْلالِ التَّقْلِيدِ، وَسَيْطَرَةِ التَّبَعِيَّةِ العَمْيَاءِ، وَرَبَّاهُ عَلَى حُرِّيَّةِ الفِكْرِ، وَاستِقْلالِ الإِرَادَةِ، لِيَكْمُلَ بِذَلِكَ عَقْلُهُ، وَيَستَقِيمَ تَفْكِيرُهُ، وَتَكْتَمِلَ لَهُ شَخْصِيَّـتُهُ وَإِنْسَانِيَّـتُهُ، فَكَمَالُ العَقْلِ، وَسَلامَةُ التَّفْكِيرِ، وَاستِقْلالُ الإِرَادَةِ، هِيَ أُسُسُ صِحَّةِ الأَفْكَارِ، وَاستِقَامَةِ السُّلُوكِ، وَرُقِيِّ الأَخْلاقِ، وَمَعْرِفَةِ الحَقِّ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُتَّبَعَ، وَمَعْرِفَةِ البَاطِلِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُجتَنَبَ، وَفِي الأَثَرِ: (مَا اكْتَسَبَ رَجُلٌ مِثْلَ عَقْلٍ، يَهْدِي صَاحِبَهُ إِلَى هُدًى، وَيَرُدُّهُ عَنْ ضَلالٍ)، إِنَّ الوَاجِبَ التَّنَبُّهُ لِلأَفْكَارِ المُنْحَرِفَةِ، وَعَدَمُ التَّفْرِيطِ في مُقَوِّمَاتِنَا الرّاسِخَةِ، وَهُوِيَّـتِنا الوَاضِحَةِ، هُوِيَّةٍ لاَ تَنْسَى المَاضِيَ العَرِيقَ، وَلاَ تُهْمِلُ الحَاضِرَ المُشْرِقَ، بَلْ تَستَشْرِفُ آفَاقَ المُستَقْبَلِ.فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ -، وَابنُوا فِكْرَكُمْ عَلَى سَلِيمِ الأَفْكَارِ وَنَبِيلِ القِيَمِ، وَتَعَاوَنُوا مِنْ أَجلِ مُجتَمَعٍ تَسُودُهُ استِقْلالِيَّةُ الفِكْرِ، وَيَنْأَى أَبنَاؤُهُ عَنِ التَّقْلِيدِ الأَعْمَى.أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.*** *** ***الحَمْدُ للهِ الَّذِي شَرَّفَ ذَاتَ الإِنْسَانِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الذَّوَاتِ، بِمَا أَوْدَعَ فِيهَا مِنْ بَديعِ الصُنْعِ وَجَمِيلِ الصِّفاتِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَفْضَلُ الخَلْقِ فِي ذَاتِهِ، وَأَقْوَمُهُمْ فِي تَصَرُّفَاتِهِ، صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، ومَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ، وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ وَدَعَا بِدَعْوَتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّها المُؤمِنُونَ:إِنَّ عَالَمَ اليَوْمِ لَيَمُوجُ بِأَفْكَارٍ وَثَقَافَاتٍ مُختَلِفَةٍ، وَحَضَارَاتٍ وَاتِّجَاهَاتٍ مُتَدَاخِلَةٍ، بِفِعْلِ الانْفِتَاحِ الثَّقَافِيِّ، وَتَعَدُّدِ الوَسَائِلِ الإِعْلامِيَّةِ، وَسُهُولَةِ الاتِّصَالِ وَالتَّوَاصُلِ، وَهَذَا يَجْعَلُنَا نَنْظُرُ لِحَالِ الأُسْرَةِ وَمَا لَهَا مِنْ أَثَرٍ فِي صِيَاغَةِ الأَبنَاءِ، خَيْرًا أَوْ شَرًّا، سَلْبًا أَوْ إِيجَابًا، وَمَا لَهَا مِنْ دَوْرٍ فِي إِنْشَاءِ جِيلٍ يُفَكِّرُ، وَعَقْلٍ يُدَبِّرُ، يَكْتُبُ بِقَلَمِ المُثَقَّفِ الوَاعِي، ويَتَّخِذُ الدَّرْبَ الَّتِي يَرَى فِيهَا مَصلَحَتَهُ الحَقِيقِيَّـةَ، وَمَا يُحَقِّقُ لَهُ الحَيَاةَ الطَّيِّـبَةَ، وَيَكْفُلُ لِمُجتَمَعِهِ الأَمْنَ وَالسَّلامَ، وَيَأْمُلُ فِيهِ لأُمَّـتِهِ وَوَطَنِهِ الخَيْرَ وَالتَّقَدُّمَ إِلَى الأَمَامِ، وَقَدْ رَسَمَ لَنَا القُرآنُ الكَرِيمُ نَمُوذَجًا يُحْـتَذَى بِهِ لِتَرْوِيضِ الأَبْنَاءِ عَلَى حُسْنِ العَقْلِ، وَتَحْرِيكِ الفِكْرِ، فَيُصَوِّرُ لَنَا الحِوَارَ الَّذِي دَارَ بَيْنَ لُقْمَانَ وَابنِهِ وَكَأَنَّكَ تَرَاهُ رَأْيَ العَيْنِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:" وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " ، ثُمَّ يُحَرِّكُ وِجْدَانَهُ إِلَى مَقَامِ المُرَاقَبَةِ بِأَنَّ اللهَ لا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيةٌ " يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ " ، إِنَّهُ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى البَيْتِ تَعَهُّدُ فِطْرَةِ الأَوْلادِ مِنَ الانْحِرَافِ، وَصِيَانَةُ عَقِيدَتِهِمْ، فَيُحَبِّبُوا إِلَيْهِمُ الإِيمَانَ مُنْذُ الصِّغَرِ وَذَلِكَ بِغَرْسِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ ((لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ)) قَوْلاً وَعَمَلاً وَاعتِقَادًا، فَهَذِهِ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ خَادِمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أَسْـلَمَتْ وَكَانَ أَنَسٌ صَغِيرًا لَمْ يُفْطَمْ بَعْدُ، فَجَعَلَتْ تُلَقِّـنُهُ قُلْ: (( لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قُلْ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ )). فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ -، وَرَبُّوا أَوْلادَكُمْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، والْتَمِسُوا السُّبُلَ وَالوَسَائِلَ لِتَربِيَةِ نُفُوسِهِمْ عَلَى صَفَاءِ الأَفْكَارِ وَأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ، لِتَنَالُوا مَرْضَاةَ اللهِ الوَاحِدِ الخَلاَّقِ.هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيمًا: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا "اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا.اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ بِكَ نَستَجِيرُ، وَبِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ أَلاَّ تَكِلَنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ يَا مُصْلِحَ شَأْنِ الصَّالِحِينَ.اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ، وَأَيِّدْهُ بِنُورِ حِكْمَتِكَ، وَسَدِّدْهُ بِتَوْفِيقِكَ، وَاحْفَظْهُ بِعَيْنِ رِعَايَتِكَ.اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي ثِمَارِنَا وَزُرُوعِنَا وكُلِّ أَرْزَاقِنَا يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ، المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدُّعَاءِ.عِبَادَ اللهِ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .