تكفلت المواد من (259) إلى (262) من قانون المعاملات المدنية العماني بيان كيفية التنفيذ العيني للالتزام. وحيث أنه من المعلوم أن محل الالتزام قد يتمثل في التزام بإعطاء وقد يكون التزاما بعمل أو التزاما بامتناع عن عمل، فإن طريقة التنفيذ العيني تختلف طبقاً باختلاف محل الالتزام ويمكن إيجازها بالآتي:أ- تنفيذ الالتزام بإعطاءالالتزام بإعطاء يتمثل في التعهد بنقل حق عيني أو إنشائه، وعلى هذا فإن تنفيذه يتوقف على حسب ما إذا كان محله منقولاً معيناً بالذات أو منقولاً معيناً بالنوع أو عقاراً. فإذا كان محل الالتزام منقولاً عيناً بذاته فإن ملكيته تنتقل فور تمام العقد أو بمجرد نشوئه و بقوة القانون ودون حاجة إلى إجراء يقوم به المدين. أما إذا كان محل التزام المدين يتمثل بإعطاء على منقول معين بالنوع، على سبيل المثال يرد على مائة كيلو سكر، فلا تنتقل الملكية هنا إلا بالإفراز عن طريق وزن كمية السكر. أما لو كان محل الالتزام متمثلاً في عقار فإن ملكيته لا تنتقل إلا بالتسجيل، وبالتالي إذا امتنع المدين في حالة ما إذا كان بائعاً عن التسجيل يحق للدائن عندها أن يلجأ إلى القضاء يطلب منه التنفيذ العيني عن طريق ما يسمى "دعوى صحة ونفاذ عقد البيع" ب-تنفيذ الالتزام بعملويستوي أن يكون الالتزام بعمل بذل عناية كإلتزام المحامي ببذل العناية اللازمة للدفاع عن موكله، أو تحقيق نتيجة كإلتزام الناقل البحري بنقل بضاعة معينة إلى المكان المتفق عليه دون تأخير وبالحالة التي كانت عليها. وبالتالي فإن امتناع المدين عن القيام بالعمل الملتزم به يرتب مسؤوليته عن ذلك الإخلال، ولكن ما يجب الإشارة إليه أن تنفيذ العمل الذي إلتزم المدين به قد يكون مرتبطاً بشخصه بحيث لا يمكن تنفيذ هذا العمل تنفيذاً عينياً إلا بتدخل شخصي من جانب المدين نفسه، وقد يكون التنفيذ العيني ممكناً دون تدخل من المدين وأخيراً قد تسمح طبيعة العمل محل الإلتزام بقيام حكم القاضي مقام تنفيذ العمل الذي كان يجب على المدين القيام به.1- تنفيذ العمل المرتبط بشخص المدين:في هذا النوع من الالتزامات تكون شخصية المدين محل اعتبار لدى الدائن كإلتزام الطبيب مثلاً بالعلاج أو إلتزام المحامي بالدفاع عن موكله، وعليه لا يتصور تمام التنفيذ إلا من المدين شخصياً، فإذا رفض هذا الأخير أداء العمل، فالدائن أيضاً من حقه أن يرفض الوفاء من غير المدين شخصياً مما يجعل التنفيذ هنا مستحيلاً، ولا شك إن إجبار المدين على تنفيذ إلتزامه يعد مساس بشخصه وحريته وبالتالي لا يكون أمام الدائن سوى المطالبة بالتعويض.2- تنفيذ العمل غير المرتبط أداؤه بشخص المدينفي هذه الحالة يكون محل التزام المدين لا يرتبط أداؤه بشخص المدين ذاته، وإنما يمكن لأي شخص غيره القيام بهذا العمل، خذ على ذلك مثالاً: إلتزام مقاول ما ببناء عمارة، ويمتنع هذا الأخير عن تنفيذ إلتزامه، فإن التنفيذ العيني هنا يمكن تحقيقه من غير المدين باعتبار العمل لا يرتبط بشخص المدين، وذلك بعد حصول الدائن على إذن من القضاء بتنفيذ العمل عن طريق مقاول آخر.3- تنفيذ العمل الذي تسمح طبيعته بقيام حكم القضاء مقامه:فقد يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني إذا كان محل الالتزام عملاً سمحت طبيعته بذلك، خذ على ذلك مثالاً: إلتزام البائع بتسجيل عقد بيع عقار، فإذا رفض البائع المدين عن الحضور أمام الموظف العام بالسجل العقاري فلم يتمكن المشتري من تسجيل عقد بيع العقار، جاز لهذا الأخير أن يستصدر حكماً بصحة التعاقد ويقوم هذا الحكم مقام التنفيذ، فتنتقل الملكية للمشتري.ج- تنفيذ الالتزام بامتناع عن عملالامتناع عن عمل معناه بذل جهد سلبي يتمثل في عدم إتيان المدين للعمل الذي يتعين عليه الامتناع عنه، وسواء أكان مصدر هذا الامتناع إتفاق أو القانون. خذ على ذلك مثالاً: إلتزام التاجر بعدم المنافسة وإلتزام المحامي بعدم إفشاء أسرار موكله، كل هذه الإلتزامات تهدف بطبيعتها إلى تحقيق نتيجة معينة مؤداها عدم إتيان العمل الذي يتعين عليه عدم القيام به، وبالتالي إن الإخلال بهذا الالتزام يجعل التنفيذ عينياً مستحيلاً.ونحن نختم قراءتنا بأحكام التنفيذ العيني نود أن نوضح موقف قانون المعاملات المدنية العماني حول ما يعرف في بعض القوانين العربية بفرض الغرامة التهديدية أو حبس المدين لإجباره على التنفيذ العيني لالتزامه.إن قانون المعاملات المدنية العماني استعاض عن فرض الغرامة التهديدية بالأخذ بنتيجتها دون تنظيم مستقل لها وذلك لجعل الغرامة من عناصر تقدير التعويض المحكوم به استناداً للمادة (263) منه: "إذا تم التنفيذ العيني بعد حكم المحكمة أو أصر المدين على عدم التنفيذ حددت المحكمة مقدار التعويض الذي يلزم به المدين مراعية في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن والتعنت الذي بدا من المدين".د. سالم الفليتيأستاذ القانون التجاري والبحري المساعدكلية الزهراء للبنات[email protected]