الدوحة ـ الوطن:قدمت الدكتورة كاملة بنت الوليد الهنائية رئيسة برنامج الفنون المسرحية، وأستاذ المسرح المساعد بكلية المجتمع بدولة قطر محاضرة حول، (أهمية المسرح ودوره في المجتمع) وذلك ضمن ندوة ثقافية فنية أقامتها الكلية. وتناولت الندوة عدة محاور ركزت فيها الباحثة على أهمية المسرح ودوره في مجتمعاتنا الانسانية. وطرحت في البداية عدة أسئلة منها: هل نحن فعلاً نحتاج للمسرح، وهل وجوده مهم في مجتمعاتنا؟ ماذا لو كانت حياتنا كلها علوم وكيمياء وفيزياء ورياضيات بعيداً عن العلوم الانسانية والفنون والمسرح ؟ لماذا ظل المسرح صامداً منذ نشأته الأولى في القرن الخامس قبل الميلاد وإلى يومنا هذا ـ ونحن في القرن الحادي والعشرين ـ رغم ظهور أشكال ووسائل تثقيفية وترفيهية كثيرة أخرى متاحة للناس؟ هل المسرح مجرد وسيلة ترفيه أم صناعة ثقافية؟ وما علاقة المسرح بالمجتمع؟ وكيف يمكن أن يخدم المسرح شرائح المجتمع المختلفة؟ وأجابت الدكتورة خلال الندوة عن كل هذه التساؤلات من خلال محاور الندوة المختلفة. وأشارت الدكتورة كاملة بدايةً إلى علاقة المسرح بالمجتمع، وكيف ارتبط المسرح ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع منذ نشأته الأولى، فالعلاقة بين المسرح والمجتمع علاقة قديمة جداً. حيث أشار الفلاسفة والمفكرون إلى العلاقة بين المسرح والمجتمع منذ آلاف السنين. فقد أشار أفلاطون إلى مفهوم المحاكاة. واستخدم أرسطو أيضاً مفهوم المحاكاة، حيث أكد الفلاسفة على أن الفنون بصفة عامة ـ بما فيها المسرح ـ تعد محاكاة للواقع. فالمسرح هو المرآة التي تعكس ما يدور في المجتمع من قضايا وأحداث، ويتناولها الكتاب المسرحيون بطريقة مسرحية فنية مشوقة. كما تطرقت الباحثة إلى أنه في كل الحضارات الكبيرة كانت الفنون ـ بما فيها الفنون المسرحية ـ أحد أوجه نهضتها ، مثل الحضارة الإغريقية ، والحضارة الرومانية، وعصر النهضة الذي شهدته الدول الأوروبية، حيث شهدت هذه الدول نهضة في كل مجالات العلوم والفنون. وكذلك دولة قطر التي تشهد منذ سنوات ـ ولا زالت ـ نهضة شاملة في كل المجالات، فقد كان قطاع الثقافة بما فيه المسرح أحد الأوجه الحضارية للنهضة الشاملة المستمرة التي تشهدها دولة قطر. كما أشارت الهنائية أيضاً إلى كيفية استفادة الحضارات من التوثيق التاريخي الذي قام به المسرح (المسرح كآداة توثيقية). كذلك أضافت الباحثة أن المسرح يرصد التحولات التي تطرأ على بنية المجتمع، وعليه فإننا نجد أن المسرح يساير الأحداث ويواكب التغيرات والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحدث في المجتمعات المختلفة، فمن خلال دراسة المسرحيات المختلفة يمكن الوقوف على طبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده، وكذا مشاكله وقضاياه ونظمه السياسية.كما أشارت إلى أن المسرح يدخل في كل جانب من جوانب حياتنا، فهناك علاقة ما بين المسرح والأدب، والمسرح وعلم الاجتماع ، والمسرح وعلم النفس، والمسرح والاقتصاد، والمسرح والسياسة، والمسرح والدين، وشرحت طبيعة هذه العلاقة. أيضاً شرحت كيف يخدم المسرح شرائح المجتمع من خلال وجود أشكال مسرحية مختلفة تخدم المجتمع وشرائحه المختلفة، فعلى سبيل المثال وضحت كيف أن "المسرح المدرسي" يخدم شريحة مهمة من شرائح المجتمع وهم طلبة المدارس، وكذلك "مسرح الطفل" وكيف يخدم واحدة من أهم شرائح المجتمع وهم الأطفال، وكذلك علاقة المسرح بذوي الاحتياجات الخاصة وكيف يُسهم المسرح في خدمة هذه الشريحة المهمة، وكذلك المسرح والمساجين، وشرحت كيف يمكن للمسرح أن يكون إحدى الوسائل المهمة التي تُسهم في إعادة تأهيل المساجين وإصلاحهم وإدماجهم في المجتمع.وأخيراً تطرقت الباحثة إلى مسألة أهمية التعليم الأكاديمي وتدريس الفنون المسرحية في المدارس والجامعات والمعاهد المتخصصة حول العالم بالنسبة للمجتمع، فقد ذكرت الباحثة أن التعليم الأكاديمي في مجال المسرح مهم لأي مجتمع، فالمسرح لا يمكن أن يتطور بالهواة والمواهب فقط، التخصصية في التعليم مهمة في القرن الحادي والعشرين، والمسرح علم واسع وفيه تخصصات دقيقة.