نستكمل قراءتنا في موضوع أحكام التنفيذ الجبري للالتزام، ونخصص هذه المقالة والمقالة التي تليها مباشرة للحديث عن أحكام التنفيذ العيني من حيث ماهيته وشروطه وكيفية تحققه.أولاً: ماهية التنفيذ العينيالتنفيذ العيني هو: تنفيذ عين ما التزم به المدين، وهذا هو الأصل ولكن حتى يكون التنفيذ عينياً يجب أن تتوافر له شروط عدة:ثانياً: شروط التنفيذ العيني:أفصحت المادة (258) من قانون المعاملات المدنية العماني عن الشروط التي يتوجب توافرها للحكم بالتنفيذ العيني للالتزام، حيث يجري نصها بالآتي:" 1-يجبر المدين بعد إعذاره على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً 2- إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز للمحكمة بناء على طلب المدين أن تقصر حق الدائن على اقتضاء تعويض نقدي إذا كان ذلك لا يلحق به ضرراً جسيماً ".ويتبين لنا من هذا النص أن شروط التنفيذ العيني تتمثل في الآتي:الشرط الأول: إعذار المدين: يتفق الفقه القانوني على أن إعذار المدين لمدينه يعتبر شرطاً للحكم بالتنفيذ الجبري أيا كانت صورته عينياً أم تعويضياً. وهذا ما أكدته المادة (258) معاملات مدنية :" 1-يجبر المدين بعد إعذاره ...."، وقد سبق وتناولنا في المقالة الفائتة أحكام الإعذار وأهميته.الشرط الثاني: طلب الحكم بالتنفيذ العيني من الدائن أو أن يتقدم به المدين:على الرغم من أن التنفيذ العيني يمثل كما أسلفنا في موضوع سابق الأصل الذي يتعين على المدين تنفيذ التزامه، إلا أنه يجب للحكم بالتنفيذ العيني أن يطلبه الدائن من القاضي، فإذا طلبه فعندها ليس من حق المدين أن يعرض التنفيذ بطريق التعويض. وكذا هو الأمر بالنسبة للمدين فيجوز لهذا الأخير أن يتقدم بالتنفيذ إذا طلب الدائن الحكم بالتعويض، ومرد ذلك أن التنفيذ العيني هو حق للمدين كما هو حق للدائن ومن ثم فإنه لا يمكن لأي منهم بإرادته المنفردة أن يختار التعويض بدلاً من التنفيذ العيني. إلا أنه ما يجب ملاحظته أن سكوت الدائن والمدين عن طلب التنفيذ العيني يفهم منه نزولاً منهم عن طلب التنفيذ العيني ورضاهما بالتعويض. خذ على ذلك مثالاً: كما لو طلب الدائن التعويض بدلاً من التنفيذ العيني ولم يعرض المدين تنفذ التزامه تنفيذاً عينياً، إذ في هذه الحالة يجوز للمحكمة الحكم بالتعويض.الشرط الثالث: أن يكون التنفيذ العيني ممكناًلكي يستطيع القاضي أن يحكم بالتنفيذ العيني يقتضي بطبيعة الحال أن يكون التنفيذ العيني ممكناً، وبالتالي فإن إستحالة التنفيذ العيني للإلتزام يمتنع معها إمكانية الحكم به حتى ولو كان سبب تلك الإستحالة خطأ المدين فإن حكم القاضي هنا يقتصر فقط على التعويض، أما في حالة ما إذا كانت تلك الاستحالة ترجع إلى سبب أجنبي لا يد للمدين فيه فينقضي الإلتزام دون تعويض.الشرط الرابع: أن يكون التنفيذ العيني غير مرهق للمدين.ويتضح لنا من هذا الشرط أنه لا يكفي أن يكون التنفيذ العيني ممكناً، بل فوق ذلك يجب ألا يترتب على تحققه أي تنفيذه إرهاق للمدين، وهذا ما أكدته الفقرة (2) من المادة (258) من القانون ذاته: "إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين ..."، والمقصود بالإرهاق كما يعرفه بعض الفقه بأنه: الضرر الفادح وليس مجرد الضيق والكلفة التي يمكن تحققها للعاديين. وبالتالي عند تحقق قاضي الموضوع من جسامة الإرهاق والضرر الذي ينتج من هذا الإرهاق جاز له الحكم بطريق التعويض بشرط أن هذا الحق لا يلحق ضرراً جسيماً بالدائن وإلا فإن القاضي يحكم بالتنفيذ العيني لمصلحة الدائن رجوعاً إلى الأصل طالما يطالب بحق حل أجله ودون تعسف منه.د. سالم الفليتيأستاذ القانون التجاري والبحري المساعدكلية الزهراء للبنات[email protected]