- انقطع إلى العلامة خلفان السيابي ونهل من علمه وكان يراجعه في الكثير من المسائل والقضايا والدعاوى
-لازم المؤرخ سالم بن حمود السيابي ملازمةً خاصة وأخذ عنه علم الفرائض

ودعت السلطنة ظهر أمس "الأحد" الشيخ العلامة سعيد بن خلف بن محمد بن نصير الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة سابقاً عن عمر 94 عاماً، حيث ولد في يوم السبت الثامن من صفر عام 1344هـ بولاية نخل.
نشأ في مسقط رأسه (نخل) بين والدين كريمين، يحوطه حنانهما، وتكتنفه عنايتهما، يَتقلَّب معهما في رغد العيش تحت كنف جدِّه الشيخ محمد بن نصير الذي كان أصدق صديق للإمام سالم بن راشد الخروصي.
وكان مجلس جده ملتقى للعلماء والأدباء كأمثال الشيخ ناصر بن راشد الخروصي، والشيخ محمد بن سالم الرقيشي عند تولِّيه نخل، والشيخ محمد ابن أحمد السلامي، والشيخ محمد بن سعيد الكندي، والشيخ العلامة خلفان بن جميل السيابي، والشيخ سعيد بن أحمد الكندي، وغيرهم، ممَّا جعل الاهتمام به لطلب المجد والتحلي بحلى العلم والفضل موازياً لهذه البيئة الطيبة التي نشأ فيها.
درس القرآن الكريم على يد الأستاذ خلفان بن سليمان اليعربي، وعلى يد الشيخ حمود بن زاهر الكندي، وختم القرآن وهو لا يتجاوز العاشرة من عمره، ثم درس النحو على يد الشيخ حمود بن زاهر الكندي، وقرأ عليه ملحة الإعراب للحريري، ثم انكبَّ على دراسة ألفيَّة ابن مالك بشرح ابن عقيل.
ولما كان المجد والارتقاء مطمحه وغايته، ونظراً لما أظهره من ذكاء وقَّاد، ارتأى الذهاب إلى نزوى، والتي كانت تغص آنذاك بالعلماء والمتعلمين، برئاسة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي، ليحضر دروسه ويغترف من علمه الزاخر في شتى فنون العلم، فكانت رحلته الأولى عام 1361هـ بصحبة زميله الشيخ سعيد بن محمد الكندي، واستفاد فيها من الشيخ سالم بن سيف البوسعيدي، ثم عاد إلى نخل مواصلاً دراسته، ومُكبًّا على طلب العلم، إلاَّ أنَّ الحنين إلى نزوى ظل مصاحباً له، فعاد إليها سنة 1363هـ بصحبة أخيه سليمان بن خلف، فلازم الشيخ سعود بن سليمان الكندي، والشيخ سليمان ابن سالم الكندي.
وبعد أنْ أصبح زاده وفيرا من العلم والمعرفة عاد إلى نخل، وهناك أصبح أكثر قسوة على نفسه في الجِدِّ والتحصيل، ومواصلة الليل بالنهار، وملازماً للشيخ سعيد بن أحمد الكندي، والشيخ إبراهيم بن سيف الكندي، والشيخ محمد ابن سعيد الكندي.
وعندما تولى العلامة المؤرخ الشيخ سالم بن حمود السيابي ولاية وقضاء نخل في الفترة من 1363هـ إلى 1369هـ ، لازمه ملازمة خاصة، فقرأعليه كتابه: (إرشاد الأنام في الأديان والأحكام)، كما قرأ عليه أرجوزة (أنوار العقول) وشرحها للشيخ نور الدين السالمي، وأخذ عنه علم الفرائض.
وعندما تولّى الشيخ سعيد بن خلف الخروصي القضاء بسمائل عام 1381هـ، انقطع إلى العلاَّمة المجتهد الشيخ خلفان بن جميِّل السيابي، فظلَّ ملازماً له، ونهل من علمه الغزير، وقرأ عليه أغلب كتبه، وكان يراجعه في الكثير من المسائل والقضايا والدعاوى، مستنيراً بآرائه وأفكاره.
وبعدما وضع الشيخ خلفان السيابي كتابه (القطرة الغيثية والوسيلة الإلهية)، والذي نظم فيه أسماء الله الحسنى، وأودع فيه ابتهالاته وتضرعاته، توقَّف عن نظم الشعر، فكان إذا جاءه سؤال نظمي أحاله إلى الشيخ سعيد بن خلف، والذي صار بحق من أبرز تلامذته.
وفي عام 1402هـ/ 1982م انتقل إلى مسقط ليكون قاضيا في محكمة الاستئناف مع نخبة من العلماء، كالشيخ محمد بن شامس البطاشي، وزميله الشيخ حمد بن عبدالله البوسعيدي، وزميله الشيخ هاشم بن عيسى الطائي.
وفي عام 1407هـ/1987م تم تعيينه مساعداً للمفتي العام للسلطنة، يجيب على أسئلة المستفتين، ويبصرهم بأمور دينهم، ويرشدهم إلى ما فيه الخير، لا يرى منه إلا الجد ومعالي الأمور، ولا يعامِل الناس إلا بالصدق والصفاء، ولا يعرف منه إلا الحق والوفاء.
وقد ألّف ـ رحمه الله ـ مجموعة من المؤلفات، حيث لم تصرف كثرة المشاغل وتولَّي القضاء والإفتاء المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ سعيد بن خلف الخروصي عن التدريس والتأليف، وقد راعى في مؤلفاته جانب الحاجة وتوجه الطلبة، كما يتميز أسلوبه بالاختصار غير المخلّ، والوضوح في العبارة، والسهولة في اللفظ سواء كان نظماً أو نثرا.
فقد ألف (قواعد الشرع في نظم كتاب الوضع)، نظم فيه كتاب (الوضع) للشيخ أبي زكريا الجناوني، وكتاب (الدرُّ المنتخب في الفقه والأدب)، في جزئين، جمع فيه أسئلته وأجوبته النظمية، كما ضمنه قصائده في رحلاته وأسفاره، كما ألّف كتاب (إتحاف الأنام بشرح جوهر النظام)، وهو شرح مختصر على بعض أبواب كتاب:(جوهر النظام) للشيخ نور الدين السالمي، وهو في عدة أجزاء، وكتاب:(دليل السالك)، وهو شرح على قصيدته في الحج المسماة:(إحكام المسالك في أحكام المناسك وقصيدة بعنوان: (إحكام الصنعة في أحكام الشفعة)، وقد وضع عليها شرحاً مختصراً، وقصيدة بعنوان (معالم التبيين في الإقرار والبيان واليمين)، وقد وضع عليها شرحاً مختصراً.
رحم الله الشيخ خلف بن سعيد الخروصي رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله الصبر والسلوان .. (إنا لله وإنا إليه راجعون).