[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
قالت تونس كلمتها الأخيرة، خرج التوانسة، كما يحلو أن نسميهم في تظاهرات رفض لعودة الإرهابيين من شبابهم المقاتلين في سوريا إلى تونس .. وجاء التأكيد الإعلامي بأن أكثر من ألف تونسي قتلوا على الأراضي السورية، وهنالك أكثر من خمسة آلاف تقريبا مازالوا يقاتلون يريد قسم منهم العودة بعدما اكتشف عقم مافعل، وأن طعم الجهاد الحقيقي يكون في فلسطين، وأما الجهاد الأكبر فهو في المواطنية الصالحة التي تسعى من أجل تقدمها العلمي والوظيفي والإداري وتكون جنديا في وطن قدم لها ما اشتهت خلال حياتها.
تقول الإحصاءات أن أعداد التونسيين المقاتلين في سوريا هو الأكثر من كل الآخرين. بل يتم اكتشاف خلايا في أوروبا لتونسيين أيضا كان آخرهم من قام بعملية الدهس في برلين والذي تم قتله في ميلانو بايطاليا. لدى الحكومة التونسية أسماء بجميع إرهابيي بلدها في سوريا، ولذلك، فهي في حيرة من أمرها، إن هي سمحت لهم بالعودة فلسوف يصبحون قنابل موقوتة، وإن رفضت عودتهم فماذا يفعلون وإلى أين يذهبون سوى أنهم سيختارون البقاء حيث هم، ويكون الأنسب بالنسبة للدولة التونسية أن يموتوا جميعا فتتخلص منهم ومن شرورهم.
نهاية فاجعية بلا شك، لكنه الخيار الوحيد بعدما التحم هؤلاء أعصابا وفكرا وجسدا بالإرهاب، صاروا صورته ومشهده وعنوانه حين مارسوا القتل وربما الذبح والتعذيب وكل أشكال الإرهاب، فكيف لهم أن يستقيموا بعد كل هذا، وليس أمام دولتهم سوى اختراع واحد أن تعيد تأهيلهم من جديد، فلربما يعودون إلى رشدهم الذي فقدوه، وعلم الاجتماع والنفس يؤكد صعوبة مسح تاريخ وممارسة ما من دماغ إنسان بشكل نهائي، نحن إذن أمام ورطة اجتماعية وإنسانية، لأن هذا الإرهابي العائد لن يستطيع من جديد التأقلم مع المجتمع ومع أهله وسيظل شخصا نافرا بكل شيء ممارسة وفكرا وأنسنة. ونحن نعلم إلى الآن أن من قاتلوا في افغانستان وبعد مرور سنوات طويلة عليهم مازالوا يعانون من ماضيهم، بل إن اكثرهم كما يقال، ماإن انطلقت شرارة الإرهاب في سوريا والعراق وليبيا، سارع الى الانضمام فورا. وإذا اعتبرنا قولة علم النفس صحيحة، فإن هؤلاء اقسدوا تماما وليس من أمل في تخليصهم من حالة فقدان إنسانيتهم التي تفتت في القتل والذبح والسحل والتعذيب وفي احساس الفوضى التامة المتفلتة من كل حس قانوني واجتماعي وإنساني وغيره.
من حق التوانسة أن يتظاهروا رفضا لما ينتظر بلادهم من العائدين من أبنائهم إليهم، وهي عودة الفاقد لكل قيم الحياة، واهمها قدرته على أن يعود اجتماعيا، كما كان، خصوصا عندما يكون صغير السن طري العود خالي الفكر إلا من عملية غسل الدماغ التي تعرض لها. فهذا النوع من الحروب يغلب عليها مايطلق على الفوضى، وهو عكس الجندي الذي يعيش تراتبية ونظاما صارما في جيش كلاسيكي، ومن خلاله يخضع لتربية منظمة تؤهله حتى وإن قاتل أن يظل انسانا سويا .. تماما كما يفعل الجيش العربي السوري الذي يحمل أهدافا وطنية تقوم على تحرير الوطن من إرهاب يمثله هؤلاء الشباب، ومنهم التوانسة ايضا.
إلى الجحيم كل أصحاب العقول الصغيرة التي انخرطت في اللعبة الجهنمية ضد أوطان عربية، ولتكن حتى بلا أرض تدفن فيها، فكيف بعودته إلى مجتمع سليم.