صلة الرحم من الامور التي فرضها الله تعالى على الانسان ولها من الخاصية الربانية ما يتوجب على بني البشر المحافظة عليها، كيف لا وقد ذكرها الله في محكم كتابه في كثير من الآيات والاحاديث، حيث قال جل في علاه:(وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ) .. كما أن رسولنا الكريم ـ عليه افضل الصلاة والسلام ـ حثنا للمحافظة على التواصل مع الاقارب والارحام ، حيث قال عليه السلام:(الرحم متعلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله)، ومن خلال تلك الآيات الكريمات والاحاديث النبوية الشريفه ندرك بأن صلة الرحم أمر لامناص منه فهو يقربنا الى التآلف والتراحم، والمجتمع العماني بفطرته الكينونية محب ومتعايش مع بني جنسه بمختلف أشكالهم وألوانهم، ومن خلال التواصل المستمر في مختلف المناسبات سواء كانت افراحاً او أتراحاً، كما أن ديننا السمح يحثنا الى الكثير من الامور الواجب القيام بها، ونذكر هنا بعض الجوانب الملقاة على عاتقنا كمجتمع متماسك كزيارة المريض والدعاء له بالشفاء ومشاركتهم في الافراح والمسرات، وفي نفس الوقت الزيارات التي تجعل من الارحام ذا ترابط أسري مقتدين بالسيرة النبوية والسلف الصالح في آن واحد واللذين كانوا يعيشون في جو اسري ذي طابع مميز لاتعتريه الشائب او الاصهارات الحياتية، فالقاطنون في القرية بمثابة اسرة صغيرة، من خلال اجتماعاتهم شبه اليومية والتعرف على احتياجاتهم وهمومهم .. وغيرها من الامور التي تعتريهم، وعلى الجانب الآخر، ورغم بعد المسافة وقلة التواصل، الا أن العزيمة والاصرار في التواصل المجتمعي مبدأ لامناص منه، ناهيك عن قلة ما باليد بسبب الظروف التي مر بها سلفنا الصالح، الا أنه من اولويات الوفاء بالواجب الديني وما نصت عليه سنة المصطفى ـ عليه أفضل الصلة والسلام، ولو عرجنا على واقعنا المعاصر نجد أن الامور اكثر بساطة ويسر فالحمد لله اصبحت بفضل التكنولوجيا الحديثة ميسرة وفي متناول الايدي، فبإستطاعتنا أن نضع برنامجاً اكثر دقة من خلال تقسيم برامجنا الحياتية معتمدين على التخطيط السليم في كيفية البرمجة اليومية، ولاضير أن يكون لصلة الرحم اولويات ذات اهمية في التواصل المجتمعي، ومن بينها صلة الرحم، وحتى نكون اكثر شفافية في الطرح، فقد أصبحت الاسرة بعيدة كل البعد عن معرفة الاقرباء الارحام بسبب عوامل عدة من بينها النزوح من القرية الى اماكن متعددة بسبب طلب المعيشة مما جعل الفجوة تكبر وتتسع الى أن أصبح الحال عدم معرفة الجار لجاره رغم انه من نفس القرية او البلدة التي عاش فيها الاباء والاجداد، واصبح اللقاء يقتصر على المساجد والاسواق والشوارع .. وغيرها من الاماكن العامة، أضف الى ذلك عدم مبالاة الشباب في التواصل سواء صلة الرحم او المجتمع بشكل عام، وهذه ضريبة ندفعها نحن اولياء الامور، والحديث يطول ويطول في هذا المجال ولاتتسع الصحف لشرحها.
اذن حرياً بنا أن نعيد حساباتنا، ونضع النقاط على الحروف بحيث يكون لدينا وقت مع الاسرة لتعريفهم بما يجب المثول اليه لتفادي إنقراض تلك الظاهرة الخطيرة التي تفشت في مجتمعنا العماني المتماسك، والذي سار على نهجه سلفنا الماضي، كما أن علينا أن نطبق مانص عليه القرآن الكريم والسنة النبوية، وأن نضع نصب أعيننا ما تعلمناه من سلفنا الصالح في كيفية الالتزام بهذا النهج السوي، وهذه مهمة اولياء الامور ومن في حكمهم، ولو اعتمدنا هذه السياسية الحميدة فالتأكد بعد فترة قصيرة نجد مجتمعنا عاد كسابقه، هذ ارث لابد من المحافظة عليه.

أحمد بن موسى الخروصي