إن التسامح في بلادنا "عمان" ليس صفة مرتبطة بأمرٍ معين في جهةٍ ما أو لفئةٍ دون اخرى بل هو علاقة وطيدة متجسدة في حياة كل منا ـ نحن العمانيين ـ ولله الحمد وقد فطرنا عليها منذ ان وجدنا على هذه الارض.وقد حباالله تعالى أهل عمان هذه الصفة وهذا الخلق منذ القدم فأكرمهم بفضله ـ سبحانه ـ بفهم واسع وصحيح لهذا الدين وكيف يطبق تعاليمه، فكانوا خير الدعاة الناجحين للإسلام بحسن خلقهم وتسامحهم في كثير من الأقطار سواء كانوا عبر آسيا أو أفريقيا، كما شهد لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بذلك، وقد مكنتهم هذه الصفات الحميدة من نسج علاقاتهم التجارية في البر والبحر حتى وصلوا أقصى الشرق والغرب، فدخل الناس على أيديهم في دين الله أفواجاً.ومن أبرز مظاهر التسامح العماني أنه لم يعرف في بلدنا "عمان" صراعات طائفية في تاريخه الطويل منذ أن دخل العمانيون الإسلام إلى يومنا هذا والمتتبع لهذا التاريخ يلاحظ بل يجد صفحات مشرقة من التلاحم والتواد بين أتباع المذاهب والديانات الإسلامية المختلفة، وهذا ما نلحظه من السماح لأتباع تلك الديانات بممارسة شعائرها الدينية بكل حرية.ولعلنا نضرب أكبر مثال وشاهد حي على ما ذكرناه سابقاً .. هو وجود (معرض الاسلام) الذي تخطو في مسيرته وتتبناه وزارة الاوقاف والشئون الدينية بالسلطنة وتجوب به مختلف البقاع من دول العالم منذ فترة ليست بالقريبة .. حيث انطلق ذلك الوفد العماني في آخر محطاته خلال الاسبوع الماضي الى بروناي دار السلام ليكمل فعالياته بكل جدٍ وعزيمة ليظهر قيم التفاهم والتعايش والحوار بين الأديان ولينقل تجربة وبصمة العمانيين في هذا المجال وفي ممارسة شعائرهم الدينية خاصة ونشر القيم الإنسانية الرفيعة وإيصال رسالة السلام في العالم وسط أجواء من التوترات الإقليمية وامتداد رقعة التطرف والإرهاب والعنف، كما أن ايصال تلك الرسالة تعتبر رداً على كل هذه الممارسات اللاإنسانية والتي تتعارض مع تعاليم الأديان والثقافات المحبة للرحمة والسلام .واعجبني ما قاله معالي فيهين داتؤ الحاج بدر الدين بن عثمان وزير الشؤون الدينية البروناوي في كلمته اثناء الافتتاح، حيث قال:"ليس ثمة مسعى أجمل وأكمل من نشر هذا النوع من الخير في كل مجتمعات العالم وحيث وجد الإنسان، عملاً برسالة الاسلام التي جاءت في القرآن الكريم:(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وفي قوله عزوجل في سورة الكافرون:(لكم دينكم ولي دين)".ان التسامح الديني والتفاهم السلمي بين الأمم والثقافات والشعوب هو مطلب جميع المسلمين في أقطار المعمورة لان الدين الاسلامي والدعوة اليه لا تقوم الا على اساس الصدق والإخلاص والتسامح بين جميع الافراد ونقل هذه الصفة للآخرين، فليس من العجب أن ينشأ المسلم على فكر من التسامح والتعايش مع الآخرين وهو يحمل تلك الامانة العظيمة وهي رسالة الإسلام التي تنبع من صميم تشريعاته عقيدة وعملاً فيكون مسؤولاً في كل شئ عن اعماله وتصرفاته في هذه الحياة ويحاسب عليها ثواباً وعقاباً.ولا شك اننا كمسلمين يتوجب علينا ـ كما اوصانا ديننا الحنيف ـ من غرس هذا الخلق الفاضل في نفوسنا وتطبيقه بين أهلنا وأبنائنا وبني جنسنا في جميع شؤون حياتنا .. لكي نعيش في سعادة وسلام وأمن وأمان .. ولنرتقي في سلم المجد وفي أعلى المراتب.ولذلك كانت هناك ثقافة التعايش المشترك بين الامم والشعوب من اجل التفاهم وغرس بل وتعزيز هذه الثقافة من اجل الوصول الى هدف واحد في شتى المجالات الحيايتية وهو نشر الاسلام والاخلاق الفاضلة بيننا كمسلمين وعرب واعطاء صورة واضحة لغيرنا من تلك الأمم والاديان الاخرى غير العربية وغير المسلمة.وأخيراً .. نذكر صورة أخرى لهذا التسامح العماني وهو ما نراه بصفة شبه يومية خلال زيارة الوفود من بقاع مختلفة من غير المسلمين الى جامع السلطان قابوس الأكبر ، إنها حقاً رسالة ـ للجميع ـ بتسامح ديني وطابع أخلاقي رفيع.علي بن صالح السليميمن أسرة تحرير "الوطن"[email protected]