في تجسيد لماض مجيد حفره صناعها وبحارتها
ـ جابت البحار لـ43 عاما وتعتبر أول سفينة تتحول من الأشرعة إلى محركات الديزل
ـ بمهارة النوخذة واجهت أمواجا عتيدة وعواصف شديدة لتستقر بالرشة محاطة بالسنبوق والهوري والماشوة

صور ـ العمانية: تعتبر ولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية من الولايات البحرية في السلطنة تزخر بمقومات سياحية بحرية جعلت منها وجهة للسياحة الداخلية
والخارجية وهي ولاية اشتهرت بتاريخها البحري العريق وتميزت بصناعة السفن البحرية والصيد والنقل البحري.
وقد جاب بحارة ولاية صور عددا من البحار والمحيطات بواسطة السفن بأنواعها المتعددة حيث جعلت الولاية من (سفينة) الغنجة شعارا لها يعبر عن تاريخ هذه المدينة العريق.
وتعتبر السفينة (فتح الخير) آخر السفن التي كان يضمها الاسطول البحري الذي كانت تمتلكه ولاية صور، والذي كان له دور في التعريف بعمان في مختلف الموانئ التي رست فيها، وقد تكللت جهود المخلصين من أبناء الولاية بشراء السفينة "فتح الخير" وإعادتها الى موطنها الأصلي الذي صنعت فيه.
وتمتاز سفينة (فتح الخير) بمتانة صنعها وجودة أخشابها وجمال شكلها لتكون بذلك تحفة تاريخية تمثل الماضي المجيد لأهالي صور صُناعاً وبحارة، وهي من نوع من أنواع سفينة الغنجة، وقد عادت (فتح الخير) الى صور يوم الجمعة الثامن عشر من شهر يونيو عام 1993 بعد شرائها من اليمن وتولى قيادتها النوخذة محمد بن حمد بن ناجم الغيلاني.
وقد صنعت سفينة (فتح الخير) في عام 1370هـ الموافق 1951 للعام م بحي (الرشة) بمدينة صور، وأشرف على صنعها الأستاذ محمد بن خميس العريمي. وتعود ملكيتها للنوخذة سعيد بن علي بن خميس ولد شيلة القاسمي واستغرق صنعها عاماً كاملاً وشارك في صنعها عدد من أمهر النجارين في ذلك الوقت.
وتعتبر سفينة (فتح الخير) أول سفينة تتحول من نظام الأشرعة الى محركات الديزل وتم ذلك في عام 1957م وتتكون ألواحها من أخشاب (الساج) و(البنطيج) و(السدر) و(الميط) و(القرط) و(الفيني) وقاعدتها صنعت من خشب (الينجلي) أما الصاري فهو من خشب (الفيني).
ويعد النوخذتان عبد الله بن راشد بن سعيد المهنا السناني وسعيد بن مبارك العتيقي أبرز من تولوا قيادة السفينة، وقد خدمت هذه السفينة مدة لا تقل عن 43 عاماً منها 24 عاماً في ولاية صور و19 عاماً في إمارة دبي واليمن بعد بيعها، وجابت السفينة الدول والبحار والمحيطات خاصة البصرة ودول الخليج العربية والموانئ العربية والفارسية واليمن وشرق افريقيا والهند.
وخلال رحلاتها وجولاتها البحرية قامت سفينة (فتح الخير) بنقل البضائع من موانىء عمان إلى الدول الأخرى.
والسفينة كانت تحمل على متنها الصادرات العمانية التي تتمثٌل في التمور، والأسماك المملحة والمجففة، والليمون الجاف، والملح وتستورد التمور العراقية والإيرانية، والزعفران، والبن اليمني، والأخشاب، والتوابل من شرق افريقيا.
ومن البضائع التي كانت تستورد عبر هذه السفينة الحبوب بأنواعها والأرز، والقمح، والسكر، والأقمشة القطنية والحريرية، والخزفيات الصينية، وحجر (القرمد الكيري) الذي يستخدم في أسقف المنازل وأمام البوابات في الهند.
ومما هو معلوم أن رحلات السفن العمانية كانت لا تخلو من الصعاب وهي تبحر عبر بحر العرب وبحار المحيط الهندي وتتعرض للكثير من الصعاب كارتفاع الأمواج
والرياح الشديدة والعواصف إضافة إلى الأمطار لكن مهارة الملاح العماني أو النوخذة جعلته يتعامل مع هذه الصعاب بثقة حيث واجهت سفينة فتح الخير مثل هذه الصعاب في العديد من الفترات.
وتوجد السفينة حالياً بمنطقة (الرشة) وقد تم تهيئة موقعها ليكون موقعاً سياحياً لأبناء المدينة والزوار من مختلف الجنسيات وتم تجميل المكان وتزويده بعدد من السفن الصغيرة كالسنبوق والهوري،والماشوة وإلى جانبها مركز فتح الخير.