[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/07/ssaf.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"] ناصر اليحمدي [/author]
الوطنية ليست كلمة تخرج من الحناجر فقط وشعارا يرفع للتعبير عما يكنه الإنسان نحو بلاده من حب وانتماء بل هي أيضا عمل قبل أن تكون قولا وتصرفات تدل على هذا المعنى والشعور.
والإنجازات التي تحققت طوال مسيرة النهضة المباركة على يد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأبقاه ـ خير دليل على أن الشعب العماني وقائده مفعمون بالوطنية وتسري في جسدهم مسرى الدم وإلا ما تكاتفت العزائم ونهضت الهمم لتحقيق هذه الإنجازات التي تعد بمثابة معجزات.
لقد حرص الشعب الوفي على التعبير عما يشعر به من وطنية فياضة وعاطفة جياشة تجاه الوطن وقائده بشتى الصور فتارة نرى الأهازيج والفرق الشعبية تجوب الولايات للاحتفال بالمناسبات الوطنية وهي تترنم بالأشعار التي تتغنى بحب الأرض الطيبة والثناء على قائدها المفدى وتارة أخرى نرى مسيرات الابتهاج التي تطوف البلاد لتعلن ولاءها وتأييدها للسياسة الحكيمة وغير ذلك الكثير.
ومؤخرا شاهدنا مظهرا جديدا من المظاهر التي تدل على أن العماني وطني حتى النخاع حين قام 2016 شخصا يحملون الشموع الملونة المضاءة بتشكيل علم السلطنة وذلك خلال احتفالية رعاها معالي الشيخ خالد بن عمر المرهون وزير الخدمة المدنية على مسرح حديقة القرم الطبيعية بحضور عـدد من الوزراء والمسئولين وأعضاء مجلس الشورى ليسجلوا رقما قياسيا في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ويرفقوا اسم السلطنة في هذه الموسوعة العالمية التي أضاء اسم السلطنة فيها من قبل بعدد من الإنجازات أيضا مثل تدشين أكبر بطاقة تهنئة لحضرة صاحب الجلالة بمناسبة عودته إلى أرض الوطن بسلامة الله وبلغت مساحة البطاقة وقتها 198 مترا مربعا وكذلك حياكة أكبر كمة عمانية بلغ عرضها مترين وطولها 1,8 مترا وتصنيع أكبر كرة قدم في العالم والتي بلغ قطرها 10 أمتار والذي يقارب ثلاثة طوابق بناء وبوزن 750 كيلو جراما وإعداد أكبر طبق للحلوى العمانية وأكبر طبق كبسة دجاج في العالم وأكبر قدر مكبوس لحم إلى آخر هذه الإنجازات المبدعة.
إن مبادرة "شموع العلم" التي أطلقها موظفو وزارة الصحة بالتعاون مع عدد من مؤسسات القطاع الخاص احتفالا بالعيد الوطني السادس والأربعين المجيد في رأيي أنها لم تسجل رقما قياسيا في موسوعة جينيس فقط بل أيضا سطرت بأحرف من نور هذا الشمع في سجل التاريخ معنى أكبر للوطنية وترجمت المعنى الحقيقي للولاء والانتماء للوطن الغالي وقائده المفدى.
لاشك أن ما يشعر به العمانيون من سعادة غامرة بمناسبة العيد الوطني السادس والأربعين المجيد إنما هي تعبير عن الامتنان لحضرة صاحب الجلالة أعزه الله لما وفره لهم من أمن وأمان واستقرار ورخاء وازدهار وهي مكتسبات لا تقدر بثمن ولا يوجد على وجه البسيطة ما يفيه حقه لما قدمت أياديه البيضاء من معروف وجميل لهذا البلد المعطاء .. فأرادوا بمثل هذه المبادرة أن يبعثوا رسالة للعالم توضح مدى حبهم الغامر لقائدهم والتفافهم حوله وسيرهم على نهجه .. فقد حقق أحلامهم وحولها إلى واقع معاش ورفع اسم بلادهم عاليا وآن الأوان لرد الجميل .. وكما أضاء جلالته حياتهم وملأها بالنور والأمل والإنجازات وكان أبقاه الله شمعة تحترق من أجل أبنائه فقد عبروا بهذه المبادرة البسيطة عن تقديرهم لجهوده وأنهم يقتدون بنهجه الحكيم في التضحية من أجل الوطن.
لاشك أن مثل هذه المبادارات المبدعة تجسد الوجه الحضاري العماني خاصة أن الاحتفالية أظهرت ما يزخر به تراثنا العريق من إنجازات حضارية قديمة وحديثة أثبت القائمون عليها أن ماضينا عظيم ومستقبلنا زاهر وسوف تتواصل الأجيال في الحفاظ على ما حققه قائدهم من مكتسبات شامخة وستكمل المسيرة وتواصل مشوار التنمية.
لقد عبر حاملو الشموع عما يجيش في صدر كل عماني من مشاعر حب وإخلاص لقائدنا المفدى وباني نهضتنا العظيمة .. وما يحسه من فخر لما وصلت إليه البلاد من تقدم وازدهار وتنمية وإرساء بنية تحتية صلبة قادرة على رفع أركان الدولة العصرية وتنمية مستدامة يمتد عطاؤها حتى الأجيال القادمة.
كل التحية للقائمين على مبادرة شموع العلم ونعاهد حضرة صاحب الجلالة أن نبقى دائما تحت ظل قيادته الرشيدة نعمل قدر استطاعتنا على مواصلة مسيرة العطاء والتنمية التي أرسى دعائمها وأن نحافظ على مكتسبات النهضة المباركة .. أدام الله مجد جلالته وأنعم عليه بموفور الصحة والعافية وأبقاه لنا نبراسا هاديا وفكرا سديدا وحكمة بليغة.

* * *
احذروا .. مسلمو بورما على طريق الإرهاب
الهجمة الوحشية التي يتعرض لها مسلمو بورما وصمة عار في جبين الإنسانية كلها إذ كيف يسمح ضمير المجتمع الدولي لهذه الفئة من البشر أن يقتلوا ويشردوا وتهدم منازلهم ويطردون من وطنهم ويعتقلون بدون تهم سوى أنهم مسلمون.
الغريب أن جميع دول العالم المتقدم تدعي حماية الأقليات الدينية والعرقية وبالرغم من ذلك تصم آذانها عن الانتهاكات المتكررة والممنهجة التي تتعرض لها أقلية الروهينجا المسلمة وتجبرها على ترك وطنها والهروب إلى الدول المجاورة حيث فر أكثر من 30 ألفا إلى بنجلاديش وغيرها بعد مقتل أكثر من 86 شخصا على يد السلطات المحلية ليعيشوا في مخيمات إيواء لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف.
لقد دفع بطش السلطات المحلية كثيرا من أبناء هذه الأقلية إلى اللجوء للعنف لمقاومتها وحماية أنفسهم وهذا بالتأكيد رد فعل طبيعي على ما يواجهونه من ظلم وتمييز وهو ما ألصق بهم تهمة العنف والإرهاب رغم أن ما يرونه من صنوف الاضطهاد هو الإرهاب بعينه.
السؤال الذي يفرض نفسه .. ألا يشكل ما يعانيه مسلمو الروهينجا من انتهاكات تهديدا للأمن والسلم الدولي أم أن المجتمع الدولي لا يرى تهديدا سوى ما ترتكبه الجماعات الإسلامية المتطرفة أما إذا تعرض له مسلمون فهو لا يشكل بالنسبة لهم أي تهديد ؟.
يجب أن يعرف العالم أن الاضطهاد والتمييز الذي يعاني منه مسلمو بورما بسبب دينهم وعقيدتهم يجعلهم فريسة سهلة للتنظيمات المتطرفة التي تصطاد في الماء العكر وتبحث عن أمثال هؤلاء الذين يسعون للانتقام من العالم الذي ظلمهم والتنفيس عما يعتري صدورهم من غل وغيظ وحزن وبالتالي يسهل تجنيدهم وتوظيفهم للقيام بأعمال إرهابية منافية للقيم الإنسانية وساعتها يقال إن المسلمين إرهابيون.
على المجتمع الدولي والهيئات الأممية أن تتحمل مسئولية تدهور الأوضاع في بورما وكل ما يتعرض له المسلمون هناك من انتهاكات وعنف رسمي .. كما عليهم أن يتحملوا مسئولية ما سوف يترتب عليه من انتشار للإرهاب والعنف في العالم أجمع .. فالتنظيمات الإرهابية مثل داعش وغيرها تبحث لها عن موطئ قدم بعد تضييق الخناق عليها في سوريا والعراق وليبيا وسوف تتجه لمثل هذه المناطق المشتعلة والتي تشكل لها بيئة مثالية للتغلغل وتجنيد أعضاء جدد لتنشرهم بعد ذلك حول العالم يعيثون فسادا وتدميرا.
الحل أن تختفي كافة أشكال العنف والتمييز ضد المسلمين في كل بقاع الأرض حتى لا نعطي التنظيمات الإرهابية فرصة على طبق من ذهب لاستغلالهم واستثمار مشاكلهم فيما يعود على المجتمع ككل بالعنف وعدم الاستقرار.
أما الأمة الإسلامية فإن مسئوليتها مضاعفة لأن ديننا الحنيف أمرنا أن يكون المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ومثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى .. وما أكثر جراح الجسد الإسلامي فكثير من أعضائه يشتكي ويعاني العنف والاضطهاد والظلم وبالرغم من ذلك يقف باقي الأعضاء مكتوفي الأيدي يغضون الطرف عما يحدث لأشقائهم من إبادة جماعية مثل التي يشهدها مسلمو الروهينجا .. فهل يفيق المسلمون قبل أن يأتي اليوم الذي لا يجدي فيه البكاء على اللبن المسكوب ؟.

* * *
آخر كلام
ليست العبقرية – في أغلب الأحيان – سوى صبر طويل.