فيما تستعد أوبرا دي ليون الفرنسية للعرض الثاني

مسقط ـ "الوطن" :
تواصل دار الأوبرا السلطانية مسقط اليوم تقديم العرض الثاني لرائعة موتسارت الخالدة أوبرا (دون جيوفاني)، والتي تقدمها على المسرح فرقة (أوبرا دي ليون) الفرنسية، حيث قدم العرض الأول الخميس المنصرم وسط حضور عاش رائعة موتسارت منذ عام 1787، ملخصا حبكة "دون جيوفاني" في عنوانها الطويل ("الفاسق يُعاقَب، أو دون جيوفاني")، حيث يعيش "دون جيوفاني" في عالم الليل المعتم، إلّا أن ارتباكه العاطفي واضطرابه الأخلاقي تغطي عليهما موسيقى موتسارت بقناع من الأنغام المرحة والاحتفالية ترتبط بعالم اللذّة الذي يعيش فيه. تتقن شخصية "دون جيوفاني" التنكّر والبحث عن نساء جدد والهرب من ضحاياه السابقات، فنجده مجبرًا في خضم ذلك على تقمّص شخصيات وتمثيل طبقات عدّة تخترق بنية مجتمع القرن الثامن عشر.
تبرز أوبرا "دون جيوفاني" ولع موتسارت بمواضيع الرعب والقصاص والقوى الشيطانية. فشكّل هذا العمل رحلةً معمّقة في الجوانب المظلمة من الحياة والمتعة والظواهر الخارقة للطبيعة، ما لم تشهده من قبل الأعمال الأوبرالية لذاك العصر. لكن كانت هذه المواضيع تشغل موتسارت وظهرت في أبهى صورها في رائعته الأخيرة، "قداس الموتى"، التي استخدم فيها سلّم ري الصغير نفسه المعبّر عن القوى الشيطانية لكن لم يتسن له أن يكملها.
إن موتسارت بلجوئه بإلحاح للقوى الخارقة للطبيعة بداية من أول نغمات وترية استهل بها افتتاحية العمل-، استطاع أن يتحدى جمهور الأعمال الهزلية التقليدية التي تتميز بحبكاتها سهلة التنبؤ بها وشخصياتها الكوميدية المتكرّرة. فقد جسّدت موسيقى "الأومبرا" عالم الظلام بأفضل طريقة على المسرح بكل ما ينطوي عليه هذا العالم من شغف وعواطف وعمق ورعب وعنف، حيث شكّل ذلك استكمالًا لأعمال موتسارت المفعمة بأجواء الأشباح كما في كونشرتو البيانو رقم 20 في سلّم ري الصغير (مصنف 466، 1785) والسيمفونية رقم 38 "براغ" في سلّم ري الكبير (مصنف 504، 1986)، وكانت تلك البدايات المفضية لـ "قداس الموتى"، في سلّم ري الصغير (مصنف 626) الذي منعه الموت من إنهائه.
وقد تركت أوبرا "دون جيوفاني" أثرًا كبيرًا على أدب القرن التاسع عشر، فقد وجد الكثير من كبار الأدباء أن خصائصها الظلامية رومانسية بالفعل ومنهم جورج برنارد شو، وإرنست هوفمان، وسورن كيركيغارد الذي قال إن "دون جيوفاني" هي الأوبرا المثالية والكاملة في عصرها.
يلعب دور (دون جيوفاني) في هذه النسخة من العمل الباص باريتون سيمون ألبرجيني، الذي وقف من قبل على مسارح أشهر دور الأوبرا في العالم وقدم أدوارا مميزة، وتؤديها أوركسترا وجوقة (أوبرا دي ليون) التي تأسست عام 1983، وكان أول قائد لها هو المايسترو اللامع "جون إليوت غاردينر"، وفي سبتمبر 2008، أصبح "كازوشي أونو" قائد الأوركسترا الدائم لمدة عشر سنوات تقريبا، وسيخلفه لاحقًا "دانييلي روستيوني" في سبتمبر 2017.