في إطار الإدارة الرشيدة لموارد المياه

كتب – مصطفى بن احمد القاسم:
تولي السلطنة ممثلة بوزارة البلديات الاقليمية وموارد المياه بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات الحكومية المعنية بهذا القطاع الحيوي والهام موضوع المياه أهمية بالغة لأسباب عديدة أهمها تاريخ العمانيين مع المياه منذ قرون وما عرفت به السلطنة من ادارة رشيدة لمواردها المحدودة اعتمادا على ذكاء وفطنة العمانيين فعندما كانت التقنيات محدودة اعتمد العمانيون على حكمتهم وسواعدهم وقاموا بتطوير نظام الأفلاج وإدارته بطريقة تعتمد الترشيد والعدل في توزيع المياه مما ساعدها على تطوير الزراعة في بيئة صعبة، ومع تطور التقنيات الحديثة واصل العماني على نفس المنوال حيث قام بتقييم وتنمية وإدارة الأحواض المائية الجوفية مما ساعد على اكتشاف أحواض مائية هامة على غرار المسرات ورمال الشرقية وللاستفادة القصوى من كل الموارد المائية قامت السلطنة بتنفيذ السدود بمختلف انواعها لحصاد اكبر كمية ممكنة من المياه التي كانت تضيع هدرا في البحر أو الصحراء .
السدود وأهميتها
وقد قسمت السدود في السلطنة الى ثلاثة أنواع رئيسة وهي سدود للتغذية الجوفية حيث بلغ عددها (44) سدا وشيدت تلك السدود على رسوبيات الأودية الحصوية بهدف احتجاز اكبر كميات ممكنة من مياه الفيضانات يتم استغلالها لاحقا في تغذية الخزان الجوفي الحصوي، وذلك عن طريق السماح بالتدفق البطيء للمياه في مجرى الوادي بأسفل السد، وعادة ما تكون مدة احتجاز المياه في بحيرة التجميع أقل من أربعة عشر يوما وهذا ما تمليه المتطلبات الصحية والفنية. ويقدر متوسط ارتفاع سدود التغذية الجوفية بالسلطنة بإحدى عشر مترا، كما يقدر متوسط طول السدود بحوالي (2.8) كيلومتر، ومتوسط حجم بحيرة تخزينها بحوالي (4) ملايين متر مكعب وتبلغ السعة التخزينية الإجمالية لسدود التغذية الجوفية حوالي (99.62) مليون متر مكعب وبلغ كميات المياه المحتجزة بسدود التغذية الجوفية منذ إنشائها وحتى منتصف سنة 2016 م حوالي ( 1609) مليون متر مكعب.
ويساهم هذا النوع من السدود في الحفاظ على الزراعة في عمان حيث من خلال دعم المخزون المائي الجوفي في الأماكن التي تشكو عجزا وذلك من خلال توفير كميات هامة من المياه للآبار والأفلاج التي تتأثر سلبا خلال فترات الجفاف المتكررة أو قلة الأمطار.
والنوع الثاني سدود التخزين السطحية وتمثل أهمية كبيرة في تخزين مياه الأودية رغم سعتها التخزينية المحدودة ( ما عدا سد وادي ضيقة) حيث اثبتت هذه السدود كفاءة تشغيلية عالية ووجدت قبولا من المواطنين إذ استخدمت مياهها بصورة واسعة خاصة من قبل المواطنين القاطنين بالمناطق الجبلية. وتم إنشاء (106) سدود تخزينية بمختلف محافظات السلطنة. ويعتبر سد وادي ضيقة أكبر سد تخزيني سطحي وتبلغ سعته التخزينية ( 100 ) مليون متر مكعب في حين أن إجمالي السعة التخزينية لبقية السدود لا تتعدى (233) ألف متر مكعب.
وقد ساهمت هذه السدود في توفير المياه للزراعة خاصة في الجبال (الجبل الأخضر وظفار) مما ساعد على المحافظة على الطابع الزراعي لتلك القرى الجبلية وساهم في توفير العيش الكريم للأهالي وساعد على تثبيتهم في تلك الأراضي.
ويعد سد وادي ضيقة من أفضل المشاريع التي نفذت في السلطنة وله دور تنموي كبير في السلطنة حيث أنه يساعد في تطوير الزراعة في المناطق الواقعة أسفل السد نظرا لتوفر المياه بصفة مستدامة وبنوعية جيدة وباقل التكاليف ما سيرفع العائد الاقتصادي الزراعي وبالتالي المساهمة في تنمية القطاع بالسلطنة وكذلك توفير مياه الشرب والاستخدامات المنزلية بكميات كافية ونوعية جيدة لولاية قريات وقراها بصفة مستدامة ومضمونة الجودة.
كما أن توفير المياه عن طريق السد سيعمل على تقليل الضغط على الخزانات الجوفية الساحلية نتيجة وقف الضخ من الآبار مما سيقلل من مشكلة تداخل مياه البحر التي تهدد مزارع الشريط الساحلي
وساعد تنفيذ المشروع أيضا على التقليل من مخاطر الفيضانات وبالتالي المساهمة في المحافظة على ممتلكات المواطنين والبنية التحتية القائمة والتشجيع على الاستثمار في المنطقة من خلال تنفيذ مشاريع سكنية وصناعية تنموية أسفل السد كما نشأت على السد حركة سياحية نشطة.
والنوع الثالث سدود الحماية حيث تم تشييد عدد (2) سدود للحماية من مخاطر الفيضانات بمحافظتي مسقط وظفار بسعة تخزينية إجمالية (99.2) مليون متر مكعب بالإضافة إلى (11) سد للحماية تشرف عليها بلدية مسقط.
وتساهم هذه السدود في التقليل من مخاطر مياه الفيضانات مما يساعد على تطوير البنية الأساسية أسفل موقع السد مثل التجمعات السكنية والطرق ويشجع المستثمرين على بعض المشاريع التنموية ولعل سد الحماية في صلالة دليل كبير على ذلك.
وفي عام 2015م انتهت الوزارة من تنفيذ مشروع تحديث وتوثيق بيانات الآبار في السلطنة، وقد أظهرت بيانات المشروع أن إجمالي عدد الآبار العاملة بالسلطنة يصل إلى (146547) بئراً حتى شهر يونيو لعام 2016م.
وتتضمن شبكةُ مراقبةِ الرصد الهيدرومترية بالسلطنة أكثرَ من أربعة آلافِ نقطة مراقبة موزعة على مختلف محافظات السلطنة وتستخدم بعض من هذه المحطات أحدث التقنيات المتمثلة في نقل البيانات عن بُعد خاصة قياسات الأمطار والآبار والأودية . وتنقسم شبكة المراقبة إلى شبكة مراقبة المياه السطحية وشبكة مراقبة المياة الجوفية.
كما نفذت الوزارة العديد من البرامج الاستكشافية من أهمها مشروع تحديث الميزان المائي للسلطنة 2012م، مشروعُ تعزيز توفر المياه (2011-2015م)، بالتعاون الفني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومع مكتب التقنية النووية السلمية بوزارة الخارجية وجامعة السلطان قابوس وشركة تنمية نفط عمان وذلك بهدف تطبيق أفضل التقنيات في مجال تقييم الموارد المائية.