يحتفل الوطن من أقصاه إلى أقصاه بذكرى وطنية مشهودة، وهي العيد الوطني السادس والأربعون المجيد، وهي ذكرى غالية وعزيزة على قلب كل عماني وعمانية، حيث استطاع جلالة السلطان المعظم أن يجدد لعمان مجدها، وأن يقود مسيرة تنموية متكاملة في وقت قياسي من عمر الأمم والشعوب، وفي ظل تحديات سياسية وصراعات عسكرية في أجزاء من الوطن.

[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/10/228.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عوض بن سعيد باقوير[/author]

ومن هنا، فالذي حدث في بلادنا خلال الأربعة عقود والنصف الماضية يعد نقلة نوعية كبيرة في كل مجالات الحياة العصرية، حيث تحدث جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ وفي أول خطاب له عن عزمه على إقامة الدولة العصرية وقد تحقق هذا الوعد بفضل الله أولا وتكاتف ووحدة الشعب العماني مع قيادته الحكيمة..
كان البيان الأول لجلالة السلطان المعظم واضحا وجليا في جعل السلطنة دولة مدنية عصرية تتمتع بالاستقرار والسلام والانسجام بين مواطنيها والمقيمين على أرضها الطيبة. ولعل التاريخ الحديث سوف يسجل أن جلالته ـ أيده الله ـ يعني ما هي عليه عمان اليوم من تلك المفردات في عالم يموج بالصراعات والحروب والكراهية، وهذا يعد واحدا من أهم الإنجازات الإنسانية التي يشار لها بالبنان من خلال هذا الفكر السامي المتقدم للقيادات الحكيمة والتي تضع شعوبها في قلب اهتمامها من خلال الإرادة والتصميم والفكر السياسي القائم على المصداقية والحكمة رغم التحديات الكبيرة التي كانت تمر عليها السلطنة خاصة. خلال العقد الأول من سبعينيات القرن الماضي والمراقب المحايد لما جرى من تنمية وتحديث وسياسة خارجية موضوعية وحيادية وصادقة يصل إلى نتيجة بأن وراء هذا الفكر المستنير قيادة لديها القراءة الصحيحة للأحداث من خلال المبادئ التي اختطها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في أن تكون عمان محطة للسلام والتسامح والمحبة للخير، والتعاون مع الأمم والشعوب، والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وهذا بلا شك انعكس على سلوك شعبها، وجعل بلادنا اليوم دولة تحظى بالاحترام الكبير من كل دول العالم، حيث يسعى جزء من العالم المضطرب لطلب المساعدة في حل عدد من قضايا الصراع الحالية، ولعل اليمن آخر تلك المشكلات ومن قبلها الملف النووي الإيراني، حيث تم حل الإشكال وتجنيب المنطقة كارثة محققة.
إن السلطنة أصبحت لاعبا سياسيا مهما، وهذا ما تحدث عنه ساسة العالم شرقه وغربه، ولا تزال السلطنة تواصل مساعيها الخيرة لحل المشكلات، وهو دور مقبول ومرحب به إقليميا ودوليا، وهذا يعود إلى حكمة قيادة جلالته ـ حفظه الله ورعاه. إن الأعياد الوطنية هي محطات للفخر والاعتزاز بما تحقق من إنجازات كبرى لا تحتاج إلى تعليق، فهي تتحدث عن نفسها في مكان على أرض عمان الطيبة، والأعياد هي أيضا للتأمل والإصرار لمواصلة المسيرة، وتحقيق من المكاسب الشعب العماني. ولعل من المظاهر اللافتة هو التفاف الشعب العماني حول قيادته لمدة 46 عاما، وهي ظاهرة قل أن تتكرر حيث الحب الكبير من الشعب العماني لقائد المسيرة جلالة السلطان المعظم، حيث إن هذا الحب والولاء والمشاعر الجياشة بين جلالته وشعبه تعد ظاهرة لافتة في دول العالم الحديثة، وهناك محطات كثيرة في هذا السياق. ولا شك أن عمان وهي تعيش أفراحها تستذكر الأيام الصعبة، والآن تعيش عمان أجمل أيامها وهي تلبس حلتها القشيبة حيث تعيش عمان قاطرة متواصلة للتنمية في كل أرجاء الوطن، وتتواصل الأجيال التي تعد عماد الإبداع في مستقبل الوطن من خلال سلاح المعرفة والعلم، وهي من الأساسيات الحضارية لأي أمه وشعب. ولعل انتشار الجامعات والكليات والمدارس لهو دليل علي اتساع منظومة المعرفة والإبداع من خلال الجيل الجديد الذي يعول عليه الكثير في مسيرة التنمية الشاملة.
إن الأمن والاستقرار والانسجام المجتمعي لهي أدوات مهمة لانطلاق أي تنمية شامله، وما تحقق لهو واحد من أهم الإنجازات الوطنية. وهذا لم يأتِ من فراغ، بل هو استراتيجية وطنية وفكر واضح لجلالته نحو إيجاد وطن آمن ومستقر ليتفرغ أبناؤه للتنمية والإبداع بعيدا عن الصراعات التي مزقت المجتمعات وزرعت الكراهية. إن عمان اليوم تعيش آمنة ومستقرة، وهذه نعمة واجبة الشكر والحمد لله.
إن الوحدة الوطنية هي واحدة من أهم المكاسب الوطنية للنهضة العمانية الحديثة، وهذا أمر لا بد من التذكير به خاصة للأجيال الجديدة، وهذا المنجز لا بد من المحافظة عليه في عالم يتسم بالمشكلات واختلاط المفاهيم الفكرية. ولا شك أن قيمة الإنسان والحفاظ على مكتسباته وأمنه لهي أدوات مهمة لأي دولة، فليس اليوم لبلادنا خصومة مع أي دولة على مستوى العالم، وهناك نموذج قدمته السلطنة للعالم.
إن التحولات التاريخية للأوطان من حال إلى آخر هي مهمة معقدة وصعبة، وهذا الحال ينطبق على السلطنة، فجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وجد بلدا متخلفا ومتأخرا، وهنا تأتي همم وإرادة القادة، والمنظور الاستراتيجي للتحول السريع وانتشال شعب ووطن من حال إلى حال، وهنا تكمن الصعوبة والمشقة لهذه المهمة المعقدة في ظل تحديات كبيرة وانقسام وتشتت ما يجعل المنجز الوطني مضاعفا من حيث الجهد المضني للقائد ومحدودية الموارد، ومن هنا تأتي الاحتفالات الوطنية كشعور وطني عام للامتنان لقائد المسيرة ـ حفظه الله ورعاه ـ على ما قدمه من تضحيات جسيمة في الحرب والسلم، ومن جهد مضنٍ في خدمة وطنه وشعبه، وهذا لحد ذاته يظل سجلا تاريخيا يسرد للأجيال في موسوعة التاريخ الحديث لعمان وأجياله المتعاقبة، حيث يرفل الوطن الحبيب بالأمن والاستقرار والفخر والعزة والتنمية الشاملة والمتواصلة في كل ربوع الوطن.
وبهذه المناسبة الوطنية المشهودة نرفع التهاني والتبريكات لقائد المسيرة المباركة جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والشعب العماني الكريم، ونسأله سبحانهأان يمتع رمز الوطن بالصحة والعافية والعمر المديد مواصلا قيادته الحكيمة لمزيد من التنمية والازدهار للوطن والشعب، وأن يتحقق للوطن المزيد من المنجزات الحضارية ليبقي الوطن دوما عزيزا كريما يقيادة جلالته.. إنه سميع قريب مجيب الدعاء.. وكل عام والجميع بخير ومسرة. ■