علي بن سالم الرواحي:حفلت اللغة العربية بأساليب متفننة في التعبير عن المعاني وذلك نابع من سعتها اللفظية وتأديتها البلاغية, ولمّا كان القرآن الكريم منزلاً باللغة العربية بل هو حافظها من الضياع, فإنه احتوى على فنون تعبيرية معجزة وألفاظ جميلة عذبة بلا تنافر ولا اختلاف بينها كيف لا؟ وهو كلام الله الذي فاق كل كلام, ومن هذه الفنون الذي احتواها ألفاظ العام والخاص, ويقعان في الكلمة النحوية سواء كانت اسماً أو فعلاً أو حرفاً.1) تعريف العام: العام والخاص ضدان لا يجتمعان في لفظ واحد, فإن وقع أحدهما فيه ارتفع الآخر عنه, وهنالك تخصيص العام.والعام لغة اسم فاعل بمعنى الشامل, واصطلاحاً بمعنى اللفظ المستغرق للصالح له دفعة واحدة بلا حصر.فخرج منه لفظ (السماوات) فهي خاصة بالسماوات السبع, و(أل) فيها تدل على العهد, وهي معدودة منحصرة.وخرج منه بـقيد (دفعة) اللفظ المشترك لأنه لا يدل على كل معانيه دفعة واحدة بل من تناولها بالبدلية, فلفظ (العيون) مثلاً يكون عاماً على العيون الباصرة أو على العيون النابعة أو على العيون النفيسة كالذهب, لكن لا يعمها جميعاً في نفس الوقت, وبذا يكون معناه محدوداً, وكذا حال اللفظ المستعمل حقيقة أو مجازاً لا يدل عليهما دفعة واحدة, وكذا النكرة المجردة مثل (رجل) فهو لا يدل دفعة واحدة على أفراده , بل يصلح أن يطلق على رجل واحد وعلى رجلين وعلى ثلاثة وهكذا أي على دفعات متعددة, وخرج منه (المطلق) لأن يدل على أفراده بالبدل والتناوب لا دفعة واحدة, وهناك من يعبر في التعريف عن (دفعة) بـ(حسب وضع واحد), ويبدو إن كلا التعبيرين بمعنى واحد.وخرج بـقيد (بلا حصر) اسماء الأعداد كالمليون والألف والمليار.مثال العام:(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) (المائدة ـ 38), فلفظتا (السارق والسارقة) ينطبقان على كل سارق وسارقة بلا تحديد.2) تعريف الخاص: الخاص لغة اسم فاعل بمعنى المنفرد ,أما الخاص: فهو اللفظ الدال على معنى واحد , ويكون هذا المعنى الواحد شخصاً كـ (زيد), أو نوعاً واحداً كـ (رجل), أو جنساً واحداً مثل (إنسان) , أو أسم عدد كألف ومليون, واسم جمع كقوم ورهط وفريق.مثال الخاص:(فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا)(الأعراف:37), فـ (زيد) هو ابن حارثة حب رسول الله (صلى الله عليه وسلم).3) تعريف التخصيص: التخصيص لغة: التعيين والتحديد و(خصص له) أي أفرد له, واصطلاحاً: إخراج بعض أفراد العام عن حكمه بدليل نقلي أو بدليل عقلي واجتماعي كالقياس والعقل والتقرير والاجماع, فالأول كقوله تعالى:(لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة ـ 32), فأخرج من جملة (علم) ما علمهم الله سبحانه تعالى, ومثال العقلي:(بلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ..)(الأحقاف 24 ـ 25), فمن العقل نخصص (كل شيء) لكل شيء قابل للتدمير بواسطة الريح, فخرج منه الجبال والسماوات والأرض والعرش.