[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/06/a.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عبدالعزيز الروشدي[/author]
يُقال بأن الحوافز في العمل هي جزء أساسي من علم الاقتصاد، وتعتبر من المُعتقدات الأساسية في هذا العلم، حيثُ أنّه بالإمكان ربطها بمجالات عديدة في الحياة. فعلى سبيل المثال، وفي هذا العالم المتسارع بكل ما فيه والذي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم، أصبح من الصعب تطبيق المبادئ (التقليدية) في بيئة العمل التي تتسم بالجدّية والاحترافية وسرعة الأداء والإنجاز.
إذن، فما هو العائد الاقتصادي الذي يمكن أن نحققهُ من خلال التطبيق الفعلي للحوافز على مستوى المؤسسات بشكلٍ عام ؟
يقول الاقتصادي والكاتب الأميركي الشهير ديفيد سميث في كتابه (دعوة للغداء) "حاولت السياسة السابقة للحكومة البريطانية توعية الناس لعدة سنوات بمخاطر السرعات العالية على الطرقات ولكنها لم تجني الثمار من ذلك، الآن تشجع تطبيق وضع كاميرات المراقبة وفرض غرامات باهظة على المخالفين، ولكن ذلك لم يكبح من السلوكيات والتفاعلات البشرية. من هنا نجد أن أمان الطريق من الحالات التي يمكن تطبيق مثال الحافز عليها. حيث سيستفيد السائقون الآمنون الذين لم يدانوا من قبل من تخفيض أقساط التأمين عمن يقودون بأقصى سرعة. إذن، من الممكن أن يعمل الحافز في مجال أمان الطرق كوسيلة للحماية".
وقس ذلك على المجالات الأخرى، فلا يمكننا أن نرفع من كفاءة الموظفين ونزيد من إنتاجيتهم باستخدام الوسائل الرقابية التقليدية.
وبحسب بعض الإحصاءات والدراسات فإنّ أكثر المؤسسات التي تشهد تهرباً من العمل في العالم هي تلك المؤسسات التي تفرض تقنيات وأساليب رقابية ذكية جداً على موظفيها. إذن، فالنتائج من المُحتمل أن تكون عكسية، وفي هذا الجانب من المهم تفعيل مبدأ الحافز والرقابة الذاتية عوضاً عن التفنّن في فرض القيود المُفرطة.
الحوافز كذلك ليست مُقتصرة على بيئة العمل فحسب، بل تشمل مجالات عديدة كالأعمال التطوّعية، المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الحوافز لأجل تشجيع البحث العلمي والاختراع والابتكار، لتشجيع طلبة المدارس والجامعات.. إلخ.
على مستوى المدارس يُمكن تفعيل المبادئ العلمية الحديثة في التعليم بدلاً عن التلقين، كالمشاهدة الجماعية للأفلام الوثائقية المُتعلقة بالمناهج المدرسية، والقيام بالرحلات الميدانية التي تُحفّز الطلبة على التعلّم بالتجربة وغيرها من الأفكار التي تُنمّي خيالهم وتصقل قدراتهم ومواهبهم.
ولنأخذ على ذلك مثالاً من اليابان، حيثُ تم تأسيس معسكر باسم " الحياة هي التكنولوجيا"، هذا المعسكر يُعنى بطلبة المدارس الذين يطمحون لتأسيس شركاتهم الخاصة في المجالات المختلفة كتقديم خدمات الإنترنت والبرمجيات، ويقوم بتحديد مسارهم ورسم خطة كل مشروع من حيث الأنشطة المتعلقة به وتسويق المُنتجات والخدمات. وفي نهاية البرنامج التعليمي والتدريبي يقوم كل فريق بإنتاج وبرمجة التطبيقات الذكية.
يقول ديفيد هوجس وهو بروفيسور في جامعة نورث كارولاينا: " إنّ الابتكار أصبح مهارة أساسية تؤثر بشكل غير مباشر في الاقتصاد العالمي، وأنّه من المؤسف أن تفتقر الأنظمة التعليمية التقليدية إلى تصوّر علمي قابل للتطبيق داخل الفصول الدراسية يجعل من الإبداع والابتكار معيارا هاما في التعليم".
فلا تنمية من دون الابداع والابتكار، والفرقُ كبير بين تسيير الأعمال وبين تطويرها وفق المبادئ العلمية الحديثة التي تتناسب وحجم التكنولوجيا وتطبيقاتها العديدة.
إن هذا العصر وتعقيداته يضعنا أمام تحدّيات كبيرة لإيجاد البدائل والوسائل المتقدّمة لتنمية مواردنا البشرية وتطوير الأعمال، وذلك بالطبع لا يتأتّ إلا من خلال تحفيز الأجيال وتهيئة التربة الخصبة لهم لتحقيق الأهداف والطموحات.