[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/06/aa1.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سالم الفليتي[/author]
الأوصاف المعدلة للإلتزام 1- تعليق الإلتزام على شرط "ماهيته وأنواعه"
الأصل في الإلتزام أنه ينشأ مستحق الأداء بين شخصين على محل محدد بمجرد تحقق السبب المنشئ له الذي قد يكون العقد وقد يكون الإرادة وهو ما إصطلح تسميتها "المصادر الإرادية"، وقد ينشأ نتيجة العمل المرتب للمسؤولية أو الإثراء بلا سبب وهي ما تعرف بالمصادر غير الإرادية.
إلا أن الإلتزام قد ينشأ إستثناءً من هذا الأصل فيكون موصوفاً بوصف من الأوصاف يعدل من نظامه القانوني كأن تكون نشأته معلقة على شرط الذي هو موضوع مقالتنا هذه.
وقراءتنا عن الشرط تقتضي منا أولاً بيان ماهيته، وثانياً تعداد الشروط الواجب توافرها في الواقعة التي تصلح أن تكون شرطاً، وأخيراً بيان الآثار المترتبة عليه.
ونقصر مقالتنا هذه لبيان ماهية الشرط.
أولاً ـ تعريف الشرط:
وصف من أوصاف الإلتزام وهو أمر عارض أو خارجي مستقبل غير محقق الوقوع (الوجود) يترتب على تحققه وجود الإلتزام أو زواله، وهذا ما أكدته المادة (293) من قانون المعاملات المدنية العماني بأنه:"يكون الإلتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوجود"، في حين أن المشرع الإماراتي في قانون المعاملات المدنية عرف الإلتزام في المادة (420) منه بأنه:"أمر مستقبل يتوقف عليه وجود الحكم أو زواله"، أما القانون المدني المصري فقد عرف الشرط وفقاً للمادة (265) بالقول:"يكون الإلتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوقوع"، في حين أن قانون الموجبات اللبناني عرف الشرط في المادة (81) منه بالقول:"الشرط عارض مستقبل غير مؤكد يتعلق عليه تولّد الموجب أو سقوطه ويكون له مفعول رجعي إلا إذا تحصل العكس من منشئه الفريقين أو من ماهية الموجب..".
يتضح لنا بجلاء من النصوص السابقة أن الشرط يجب أن يكون أمراً مستقبلاً من ناحية أولى وغير محقق الوقوع من ناحية أخرى. كما يتضح لنا أن الشرط نوعان: إما أن يكون شرط واقف (شرط تعليق)، وإما أن يكون شرط فاسخ (شرط إلغاء).
فالشرط الواقف هو: أمر مستقبل غير محقق الوقوع يترتب على وقوعه وجود ونشأة الإلتزام، ومثاله: أن يهب شخص منزلاً إذا تزوج ابنته، أو أن يهب الأب مركبة لابنه إذا تفوق في إمتحان الثاني عشر .. هذه الأمثلة وغيرها يتوقف وجود الإلتزام على أمر مستقبل غير محقق الوجود.
لذا إذا إقترن وجود الإلتزام بأمرٍ ماضٍ أو بأمرٍ متحققٍ بالفعل من وقت توافر السبب المنشئ للإلتزام فإنه في هذه الحالة لا يعتبر شرطاً وبالتالي لا يعتبر الإلتزام إلتزاماً مشروطاً وإنما إلتزاماً منجزاً، مثال هذا الأخير: إذا إتفق إنسان مع آخر على إعطائه جائزة نقدية إذا نجح في إمتحان معين في الوقت الذي يكون فيه هذا الأخير قد نجح فعلاً في الإمتحان المراهن عليه، كان الإلتزام عندها منجزاً وليس مشروطاً.
أما الشرط الفاسخ فهو: الشرط الذي يتوقف إنقضاء الإلتزام أو زواله على تحققه، وهو أيضاً أمر مستقبل غير محقق الوجود، مثاله: على تعليق إنتهاء إيجار الشقة على نقل المستأجر خارج محافظة مسقط الموجودة فيها الشقة، خذ على ذلك مثالاً آخر كأن يهب شخص لزوج ابنته داراً على أن تنفسخ هذه الهبة إذا إنتهت العلاقة الزوجية بالطلاق مثلاً.
والعبرة في تكييف الشرط إنما تكون بحقيقة الواقع وبصرف النظر عما يصفه المتعاقدان، إذا ما كان هذا الوصف غير مطابق لما تم الإتفاق عليه فعلاً، كما يتضح لنا من الأمثلة السابقة وأياً كان نوع الشرط فإن مصدره يكون دائماً تصرفاً قانونياً أي العقد أو الإرادة المنفردة، فلا يتصور نشوءه من غيرهما، كما أن هذا الشرط وأياً كان نوعه لا يكون صحيحاً مرتباً ومنتجاً لآثاره سواء على وجود الإلتزام أو على إستمراره، إلا إذا كان شرطاً ممكناً ومشروعاً غير متوقف تحققه على محض إرادة المدين بالإلتزام.
هذه قراءة سريعة في ماهية الشرط وأنواعه كوصف معدل للإلتزام.
لمزيد من الفائدة يمكن للقارئ الرجوع إلى قانون المعاملات المدنية العماني وتحديداً الكتاب الأول، الباب الثاني، الفصل الثالث.

* أستاذ القانون التجاري والبحري المساعد
كلية الزهراء للبنات
[email protected]