في إحدى الليالي كنت افكر في موضوعٍ ما أجسد فيه زاويتي المعتادة واستطلع برامج التواصل الاجتماعي التي اصبحت الشغل الشاغل لكافة المجتمعات، والذي يطلق عليه (سيف ذو حدين)، إلا أنه وقع في ناظري عبارات من أحد الاخوة الاعزاء فإستحسنتها وهممت بترجمتها وفق فكري القاصر مع ادراكي الكامل بأن مثل هذه المواضيع لابد أن تطفو على السطح وربما تكون سبباً لحل الكثير من الخلافات العالقة بين الاسر والمجتمع بأسره.
لنتأمل خلق الله للانسان عندما ينزل من بطن أمه باكياً، وقد تأخذنا الدهشه لماذا هذا البكاء وهو يأتي الى الدنيا كي يعيش في عالم واسع مليء بالسعادة وراحة البال بينما كان محصوراً في منطقة مظلمه ضيقه جداً في رحم أمه، الا أن الدراسات أثبتت بأن تلك المنطقة تساوي الدنيا وما فيها يلعب ويلهو بكل أريحية بعيداً عن كل ما يعكر صفو سعادته، الا أن سنة الحياة وحكمة الله اقتضت ذلك، فيبدأ هذا الانسان الضعيف ينمو ويترعرع ويختلط مع بني جنسه، وفي السنوات الأولى من بداية حياته يبدأ العراك الطفولي مع من هم في سنه، وهذه بداية انطلاقة للعراك مع البشر، الى أن يصل سن الدراسة بمختلف مسمياتها التمهيدي أو الدخول للصفوف الاولى من خلال العالم الأوسع نطاقاً، وغالباً ما تكون لديه تلك الحمية للصد عن حقوقه أو الدفاع عما قد يلحق به من أذى دون أن يحكم العقل، أو يأخذ قسطاً يفكر فيه من تداعيات العواقب التي قد لا تحمد عقابها، فالوسوسة الشيطانية أحياناً لاتترك له مجالاً للتفكير فيندفع بحميته، وربما يجد من يسانده من رفاق السوء وأعوان الشيطان فيقع في المحظور، وعندما تتفاقم الأمور ويلجأ لمن هم أضلوه وقتها تطلق عبارات:(أليس لديك عقل تفكر به؟ ـــ لماذا لم تتريث؟ ــــ هل أنت طفل تلعب بك الأهواء؟ ــــ تحمل تبعيات صنيعك) ولا أبالغ إذا قلت أن أسر تشتت .. وبيوتاً تهدمت .. وقضايا فتحت ..الخ.
في حقيقة الأمر وللأسف وبشكل يومي نسمع ونشاهد هذه الاحداثيات تطالعنا في المحاكم والادعاء العام .. وغيرها من الجهات ذات الاختصاص، فهل يا ترى الندم كافٍ للاقلاع عن مثل هذه التصرفات؟! أم بعد الفعل يقبل الطرف الآخر الأسف والاعتذار أو ربما التعويض؟ .. كلها محاولات قد لا تجدي نفعاً طالما النهج سيتكرر وتعود الأمور لما كانت عليه سابقاً، وهنا لابد أن نأخذ بعين الاعتبار أن ديننا الحنيف أوصانا بالتسامح ونستشهد بالآية الكريمة (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس).
وأختتم حديثي بهذه العبارات التي لاتقبل القسمه على اثنين، فإذا اختلفت مع أخ أو قريب أو صديق أو زميل بشيء، فقط فكّر في يوم من الايام أنك كنت عزيزاً عليه.
نحن بين رحلة غياب وبين رحلة حضور .. وبين مبارك لما جاك وأحسن الله عزاءك.
من هنا تعرف أن الدنيا محطة عبور وأنها لا تساوي جناح بعوضة! .. فلا تسرق فرحة أحد ولا تقهر قلب أحد ..
أعمارنا قصيرة، وفي قبورنا نحتاج من يدعو لنا لا علينا .. ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع أثراً جميلاً بحسن خلقك ..
عودوا أنفسكم أن تكون أيامكم : احترام، إنسانية، إحسان، تفاهم، تسامح، حياة صافية! ... فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها.

أحمد بن موسى الخروصي
[email protected]