فى ذكرى إنتاجه وتصويره الـ 56القاهرة ـ من حسام محمود:لا يزال فيلم العظماء السبعة رغم مرور عقود عليه أبدع ما قدمته سينما الغرب الأميركي ويتواصل الإقبال على مشاهدته بقوة بين جماهير العالم حتى أن من شاهدوه يبلغون الملايين بل ونسجت السينما العالمية منه قصصا وأعمالا فنية عديدة حظيت بمتابعة ضخمة فيما حافظ الفيلم الأصلي على مكانته كتعبير عن استثمار البطولة الفردية جماعيا لرفع الظلم عن كاهل الفقراء والضعفاء. وقد أكمل الفيلم عامه الـ56 وهو فيلم ملحمي مقتبس من الفيلم الياباني "الساموراي السبعة" الذي قدم عام 1954 من إخراج أكيرا كوروساوا وتجاوزت ميزانيته وقتها 300 مليون ين وفاز بجائزة الأسد الفضي في مهرجان فينيسيا لعام 1954 ورشح لعدة جوائز عالمية منها ترشيحان لجائزة الأوسكار. ولعل نجاح فيلم "الساموراي السبعة" دفع صناع سينما أفلام الغرب الأميركي لتقديم نسخ أميركية منه ساهمت بشكل كبير في ترسيخ فكرة البطل المنقذ التي اجتاحت عقول شعوب العالم خاصة النامية والفقيرة منها التي تيقن داخلها من خلال السينما أن وجود البطل المغوار النبيل هو المنقذ من مشاكلها مما شكل وجدان مجتمعاتها علي هذا النحو الفريد من الفنون وانعكاساتها علي الواقع وطرق التفكير.ملحمة كلاسيكيةفيلم "العظماء السبعة" قدمه المخرج الموهوب جون ستورجس مخرج الروائع الذي قدم أفلاما عديدة على نمط "الهروب الكبير" الذي رشح لجائزة الأوسكار لأفضل مونتاج وجائزة الجولدن جلوب لأفضل فيلم دراما وجائزة نقابة الكتاب الأميركية لأفضل دراما مكتوبة. وفيلم "العظماء السبعة" تدور أحداثه حول قرية صغيرة من المزارعين المكسيكيين يتعرضون للاستغلال والقهر من قبل زعيم عصابة يدعى كالبيرا فيذهبون لطلب المساعدة من أمريكيين مهرة فيستقدمون سبعة رجال محملين بالسلاح إلى القرية بهدف مساعدة أهلها على مواجهة تلك العصابة المجرمة. والفيلم قام ببطولته تشارلز برونسون وستيف ماكوين وإيلاى والاك الحاصل على جائزة الأوسكار الشرفية وجائزة إيمي برايم تايم لأفضل ممثل مساعد في مسلسل درامي وجائزة توني لأفضل ممثل في مسرحية ويول براينر الحاصل علي جائزة الأوسكار لأفضل ممثل وجائزة قاعة مشاهير جرامي وجائزة المجلس الوطني للمراجعة لأفضل ممثل وجائزة توني الخاصة وأيضا هورست بوتشولز وبراد دياكستير.وفتح الفيلم الأصلي مجالا خصبا لأبطاله ليكونوا فتيان السينما من الطراز المثالي في هذه الفترة الزمنية حيث قدم بعدها تشارلز برونسون العديد من الأعمال المتميزة منها "معركة سان سيباستيان" و"وداعا ياصديقي" و "حدث ذات مرة في الغرب" وفيلم "الشمس الحمراء" و"أوقات عصيبة" عن رواية من قبل تشارلز ديكنز و"من العاشرة حتى منتصف الليل" . وأيضا انطلق النجم ستيف ماكوين الذي قدم فيلم "بابليون" و"حصي الرمال" وشارك في فيلم "الهروب الكبير" وكذلك قدم النجم يول براينر فيلم "في ظل العمالقة" و"العالم الغربي" و"مقتل النهاية" . فيما برع إيلاي والاك الذي لعب دور زعيم العصابة العديد من الأدوار المتميزة منها "كيف غلب الغرب" و"الطيب والشرس والقبيح" وغيرها من الأعمال .وقد استطاع الفيلم تحقيق إيرادات آنذاك 5 ملايين دولار أميركي محققا ضعف ميزانيته مرة ونصف ورشح لجائزة الأوسكار والجولدن جلوب . وهو العمل الذي تم تعريبه بعنوان فيلم "شمس الزناتي " بطولة زعيم الكوميديا الفنان عادل أمام مع مصطفي متولي ومحمود حميدة وأحمد ماهر ونهى العمروسي. وكذلك دخلت أفكار قصة الفيلم الأميركي المستوحي من الفنون اليابانية في كثير من قصص الدراما والرومانسية وحتى الكوميديا العربية من خلال فكرة الاستعانة بالآخرين لدعم الأفراد والجماعات في الدفاع عن حقوقهم وقضاياهم سواء كانت هذه الحقوق مادية أومعنوية وإنسانية لكن المهم هو حسن التصرف والذكاء في تحقيق الهدف والغاية.دراما الصمودأصبحت قصة "العظماء السبعة" على مر العصور الفنية واحدة من كلاسيكيات السينما الأميركية منذ تقديمها أول مرة عام 1960 حيث رسخت لفكرة أن مواجهة الظلم والاستبداد بطلب المعاونة من محترفين ليس ضعفا لكنه شجاعة بالصمود أمام القهر والجبروت خاصة لو كان من قبل عصابات ومجرمين كضرورة وحتى وإن كانت نسبة نجاح هذه المغامرة ضعيفة. وقصة الفيلم التي خطفت قلوب الملايين أصبحت لا تعرف الشيخوخة حيث أنه يتم تقديمها مرارا وتكرارا في نسخ كثيرة منذ الستينات والسبعينات من القرن الماضي كذلك تم تقديم قصة "العظماء السبعة" في مسلسلات تلفزيونية أهمها مسلسل أميركي مكون من موسمين الأول به 9 حلقات والثاني به 12 حلقة في الفترة من 1998 حتى عام 2000 وحققت نسبة مشاهدة مرتفعة واستمر عرضه لفترة طويلة. ويبدو نجاح هذا الفيلم قد ألهم العديد من صناع السينما والدراما لتقديم صورة الأبطال المنقذين في العديد من الأعمال وعدد من الأفلام التلفزيونية والمسلسلات الدرامية. ومؤخرا طرح فيلم العظماء السبعة بنسخة 2016 من إخراج أنطوان فوكوا وبطولة دينزل واشنطن ولوك جريمز, وكريس برات وهالاى بينيت ومات بومار وفينى جونس وبموسيقى جيمس هورنرو وتكلف الفيلم إنتاج بحوالي 90 مليون دولار أمريكي وتم تصويره في باتون روج بلويزيانا إحدى الولايات بأميركا ويعرض في حوالي 38 دولة حول العالم وعرض أيضا في مهرجان تورنتو بكندا وبمهرجان فينسيا وحقق ما يزيد عن 108 مليون دولار حول العالم.النسخة المبتكرةكان الفيلم الأميركي الأصلي القديم “العظماء السبعة” يترجمه البعض “السبعة الرائعون” اقتباسا هوليوديا غربيا من اليابانيين حيث يستعيد فيه علي النمط الغربي تقاليد المحاربين اليابانيين القدماء في الزمن الإقطاعي “الساموراي” الذين كانوا يعيشون أواخر عصر البطولة التي تعتمد على قيم الفروسية وتقديم الخير والدفاع عن الشرف وحماية الضعفاء والتصدي للمتجبرين الأشرار. ولعل سينما هوليوود استمدت أيضا من هذا الفيلم الياباني الذي كان يمتد إلى أكثر من ثلاث ساعات فيلما آخر أصبح الآن من كلاسيكيات السينما الأميركية وهو فيلم “العصبة المتوحشة” كأحد أهم أفلام مخرجه "سام بكنباه " ولكن بتنويعة أخرى وملامح جديدة ترتبط بنهاية عصر الشجاعة في الغرب الأميركي. أما الفيلم الجديد “العظماء السبعة” طبعة 2016 الذي أخرجه أنطوان فوكوا فصحيح أنه يمتلئ بمشاهد العنف والحركة مع الكثير من المواقف والتعليقات الطريفة إلا أنه يفتقر إلى الشيء الأساسي الذي كان يميز العمل القديم لجون سترجس وهو السيناريو الذي يقدم تحليلا للشخصيات السبع من المنقذين ويبرز ملامحها الإنسانية والخلفيات التي جاءت منها بعيدا عن تلك الصورة الكاريكاتورية التبسيطية بالفيلم الجديد رغم أنه أدخل على القصة شخصية امرأة شابة جميلة هي “إيما” التي تقوم بدورها الممثلة الجذابة "هايلي بينيت" في دور أرملة شابة فقدت زوجها على أيدي عصابات الأشرار الذين يفرضون شروطهم على تلك القرية التي يبدو معظم سكانها من المهاجرين الأيرلنديين وهي تلجأ إلى استدعاء الحماية من طرف "سام شيزلون" الذي يتعين عليه البحث عن فريق من رفاقه القدامى والقادمين الجدد أيضا لكي يتولوا الدفاع عن القرية ضد الأشرار خصوصا وأن شيزلون كان بينه وبين زعيم عصابة الأشرار ثأر قديم وأنه كان يبحث عنه لتقديمه للعدالة كونه أحد المكلفين الفدراليين بتعقب المجرمين لكن هذه المرة يتعين عليه ورفاقه القيام بالمهمة دون انتظار لأي مكافأة باستثناء الحصول على طعامهم اليومي . وفي الفيلم القديم بالنسخة الأصلية كانت القرية التي تطلب النجدة والحماية قرية مكسيكية تتعرض لغارات اللصوص الذين فرضوا عليها دفع إتاوات دون تقديم أي حماية بينما في فيلم النسخة الجديدة لهذا العام كانت القرية ترفض دفع الضرائب لسلطة لا توفر لها الحماية. وفي الفيلم الجديد القرية أميركية تعاني فساد النظام حيث يتعاون مأمور القرية مع اللصوص ويخضع لهم بدلا من تطبيق القانون . وفي فيلم ستينات القرن الماضي كان يول برينر زعيم السبعة العظام يبذل جهدا كبيرا للبحث عن رفاق لإقناعهم بقبول المهمة وكان الفيلم يستغل رحلته في البحث عن هؤلاء لنسج ملامح إنسانية تبرز الشخصيات بينما سكان القرية المكسيكية يتعرضون لتهديد وخطر ويرغبون في الصمود وقهر المجرمين.