عمان ــ وكالات:
دخل الأردن مرحلة الصمت الانتخابي، قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة اليوم الثلاثاء. وتعد هذه الانتخابات هي الأولى بعد التعديلات التي أقرها البرلمان الأردني على قانون الانتخاب الجديد، إذ تجري الانتخابات بنظام القائمة النسبية المفتوحة. ويتنافس على مقاعد البرلمان نحو 1252 مرشحا بينهم 253 امرأة على 130 مقعدا من بينهم 15 مقعدا للنساء. وأكدت الهيئة المستقلة للانتخابات أن حوالي 74 ألف مراقب سيقوم بالإشراف على العملية الانتخابية، إضافة للمتطوعين المرشدين لتسهيل العملية الانتخابية. من ناحية أخرى، قال وزير الداخلية سلامة حماد إن الوزارة اتخذت جميع الإجرءات الأمنية واللوجستية اللازمة لدعم الهيئة المستقلة للانتخاب المناط بها إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة وإدارتها والإشراف عليها في مختلف مراحلها. وقال حماد إن الحكومة وبتوجيهات ملكية سامية حريصة على توفير كل ما من شأنه إجراء الانتخابات بنزاهة وشفافية عالية، وفقا لوكالة بترا الرسمية. وأكد وزير الداخلية أن العملية الانتخابية مناطة بالهيئة المستقلة للانتخاب، في حين يقتصر دور الحكومة ووزارة الداخلية على تقديم الدعم اللوجستي والأمني وكل ما تطلبه الهيئة.
وبحسب نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز "الفينيق" للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية الذي يتخذ من عمان مقرا، فإن 32 في المئة من المستطلعين أكدوا أنهم سينتخبون أحد أبناء عشيرتهم أو أقاربهم، بحسب النتائج التي نشرت في أغسطس الماضي، فيما أكد 27 في المئة ان الانتخابات "واجب وطني".
ويقول هاني عجور (55 عاما) إنه جاء من أجل "دعم" صديق مرشح، "على الرغم من أنني فقدت الثقة في الانتخابات". ويضيف "لسوء الحظ النتائج معروفة مسبقا، والحكومة تأتي بالأشخاص الذين تريدهم" الى البرلمان. والمشكلة أيضا أن هناك فقط وعودا سرعان ما ينساها المرشحون بعد الانتخابات". ولكنه يقول ان كل هذا لن يمنعه من المشاركة في التصويت اليوم الثلاثاء المقبل "فقط من أجل مساعدة صديقي". اما محمد الذي تحدث باسم مستعار، فيقول، وقد جلس في إحدى زوايا الخيمة، "أنا لا أثق بوعود المرشحين قبل الانتخابات". ويضيف "بعد نحو ثلاثين عاما من العمل في مجال الأمن، أستطيع أن أؤكد لك "أنهّم اذا فازوا، فسينسون حتى نساءهم وأطفالهم، فما بالك بالنسبة الى ناخبيهم الذين أوصلوهم الى البرلمان؟". ويشير الى انه يأتي كل يوم الى مقر الحملة الانتخابية "لأنه واجب علي"، ولتمضية نصف ساعة "كي لا يزعل مرشح قبيلتي". ولكنه يؤكد أنه لا ينوي المشاركة في الانتخابات والادلاء بصوته لأي مرشح. "حتى إذا جاء والدي من قبره ورشح نفسه لهذه الانتخابات، فإنني لن أمنحه صوتي". ويضيف ان الكثير من الناخبين فقدوا الثقة في العملية الانتخابية بسبب التزوير والولاءات القبلية.
من جهته، يقول حبيب لطفي، وهو كهربائي من وسط عمان، "أنا سأصوت لمجرد ممارسة حقي في الانتخابات"، مشيرا الى ان "معظم المرشحين يعملون من أجل مصلحتهم الشخصية وليس من أجل تحسين وضع حياة الناس". وللسبب نفسه، يقاطع بلال شلبي، الانتخابات في كل مرة. ويقول "الانتخابات تجلب النواب الذين لا يعملون من أجل مصلحة ناخبيهم. وبدلا من ذلك، فهم يعملون من أجل تمرير قوانين تزيد من عبء الأردنيين"، في إشارة الى ارتفاع الاسعار والضرائب.
وتأثر الاقتصاد الاردني بشدة جراء النزاعات في البلدان المجاورة كالعراق وسوريا، وبسبب استضافة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين يشكلون عبئا على كاهل المملكة المحدودة الموارد. ورسميا، بلغت نسبة البطالة حوالى 14 في المئة، فيما تشير تقديرات مستقلة الى انها تتراوح بين 22 و30 في المئة من السكان الذين يشكل الشباب تحت الثلاثين عاما نسة سبعين في المئة منهم. ويأمل الشباب الأردنيون في وصول جيل جديد من السياسيين الى البرلمان قادرين على العمل من أجل مستقبل أفضل للبلد. وبعد أن قاطعت الانتخابات الأخيرة، قررت سوسن (ثلاثينية) المشاركة في الانتخابات هذه المرة. وتقول المرأة الشقراء انها تأمل بوصول "مجموعات جديدة من المرشحين مع برامج جديدة تغذي الأمل من اجل إحداث تغيير كبير". وتضيف "هذا هو السبب الذي جعلني أقرر المشاركة والتصويت في الانتخابات". ويعبر سامر قبعين (أربعيني) عن تفاؤله ايضا، ويقول "الديمقراطية لا تبنى في يوم وليلة". ويضيف "صحيح أن الانتخابات عندنا لا يزال يهيمن عليها المال والعلاقات القبلية، أكثر من الجدل السياسي، ولكننا نحن نحاول تدريجيا ان نغيير ذلك". ويشارك في الانتخابات رجال أعمال وأعيان قبليون من دون انتماء سياسي معروف، إلا ولاءهم للسلطة، ما يقلل من حظوظ بقية المرشحين والاحزاب السياسية ذات الميزانيات الصغيرة. ودعت الهيئة المستقلة للانتخابات الناخبين الى التصويت تحت شعار "صوت لبلدك، صوتك ليس للبيع".