علي الشيباني: الإسلام جعل يوم الأضحى عيداً للمسلمين وشرع فيه الأضحية ذكرى لفداء إبراهيم بابنه
وليد المرزوقي: قبل الشروع في عملية الذبح يجب تهيئة المكان والأدوات الواجب توفرها مع مراعاة الشروط الصحية اللازمة
كتب ـ يوسف الحبسي:
يحل غداً "الأثنين" أولى أيام عيد الأضحى المبارك، ومع اقترابه ترتفع وتيرة استعدادات في أسواق المواشي والهبطات بمختلف محافظات السلطنة حيث يقبل المسلمون على شراء أضحية العيد، وشهدت العديد من الولايات أمس الأول الجمعة العديد من الهبطات وتراوحت أسعار المواشي وتفاوتت بين الماشية المحلية .. وغيرها المستوردة، وتسلط الوطن الضوء على فضل الأضحية، وكيفية اختيارها، كما نتطرق في هذا الموضوع إلى أهمية تهيأت المكان والأدوات الواجب توفرها مع مراعات الشروط الصحية اللازمة قبل الشروع في عمليات الذبح.
* فضل الأضحية
قال علي بن عوض بن سيف الشيباني، إمام وخطيب جامع السلطان قابوس الأكبر: إن هذا اليوم هو يوم الفداء، ذلك اليوم الذي نزل فيه جبريل من السماء بأمر رب العالمين على إبراهيم خليل الله وبيده الفداء، وهو كبش عظيم ليقوم بذبحة إجابة لربه، لأن إبراهيم الخليل رأى في المنام ذات ليلة أن الله يطلب منه ذبح ولده وفلذة كبده ابتلاء له واختباراً، وفي صباح هذه الليلة التي رأى فيها الخليل رؤياه شرع يفكر تفكيراً عميقاً ويتروى في هذه المنام الذي لم يسبق له من نوعه مثال، وسمى هذا اليوم يوم التروية وهو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، ولما جاء النوم للخليل في ليلة التاسع من ذي الحجة رأى الرؤيا نفسها بنصها، لا تغيير فيها ولا تبديل فعرف أنها من الله تعالى، وسمى اليوم يوم عرفة، ورؤيا الأنبياء وحي، وفي اليوم العاشر من شهر ذي الحجة أحضر الخليل ابنه اسماعيل وخاطبه بلطف بما رأى، وعندما سمع ولده ذلك النبأ الخطير أدرك إسماعيل أن في هذه الرؤيا وتنفيذها البر لوالده والطاعة لخالقه، فتلقى الأمر بقلب مفعم بالإيمان واليقين، وقال لأبيه:(يا أبت إفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)، وفي هذا منتهى البر لأمر الله العلى القدير الذي أحاط بكل شيء علماً، وطلب الله العليم الخبير لابد وأن يكون لحكمة سامية تلك الحكمة في هذا البلاء العظيم للأب والابن الوحيد إسماعيل، ولما ظهر من الأب والابن حسن الطاعة وجميل الامتثال فدي إسماعيل بذبح عظيم وكانت الذكرى في الآخرين والسلام إلى يوم الدين، وقد قص الله تعالى علينا هذا الموقف بأروع ما يكون، وصور لنا الموضوع بصورة تدل على كمال اليقين، وتمام الثقة بالله، قال تعالى حكاية عن الخليل إبراهيم:(رب هب لي من الصالحين، فبشرناه بغلام حليم، فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم، وتركنا عليه في الأخرين، سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين، إنه من عبادنا المؤمنين).
وأشار الشيباني إلى أن الإسلام جعل يوم الأضحى عيداً للمسلمين، وشرع فيه الأضحية ذكرى لهذا الفداء، والأضحية شرعت في السنة الثانية من الهجرة، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:(ضحى النبي (صلى الله عليه وسلم) بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده سمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما)، وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويترك في سواد، وينظر في سواد، فأتى به ليضحي به فقال لها يا عائشة: هلمي بمدية، ثم قال: اشحذيها على حجر ففعلت ثم أخذ الكبش فأضجعة ثم ذبحة ثم قال: بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد)، ومعنى يطأ في سواد إلى آخر الحديث: أن فمه أسود وأن قوائمه سوداء وحول عينيه سواد، فنسأل الله تعالى جلت قدرته أن يعيد علينا هذا العيد أعواما عديدة وأزمنة مديدة ونحن ننعم بنعمة الأمن والإيمان والسلامة والإسلام إنه نعم المولى ونعم النصير.
* كيفية اختيار الأضحية
وقال الدكتور وليد بن سعيد المرزوقي، رئيس قسم علوم الحيوان والبيطرة بكلية الزراعة والعلوم البحرية في جامعة السلطان قابوس: يهل علينا عيد الأضحى المبارك، والذي يقوم عدد كبير فيه من المسلمين بأداء أهم سنن هذا العيد وهو أن يقوم بذبح الأضحية، وذلك حسب المقدرة المالية لكل مسلم فهي سنة مؤكدة وليست واجباً، ومن المعروف أن الأضحية تكون في أيام التشريق، وهي الأيام الثلاثة الأولى من عيد الأضحى المبارك، والتي تبدأ بعد صلاة عيد الأضحى المبارك.
وأضاف: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حدد لنا كيفية اختيار الأضحية المناسبة من أجل ذبحها في العيد الأضحى المبارك، ومنها أن تكون خالية من العور أي عينيها سليمة تماماً،كما تكون خالية من العرج أي أقدامها الأربعة سليمة أيضاً، إلى جانب أن تكون غير مصابة بالضعف أو الهزال وغير مقطوعة الأذن أو الذيل، وأهمية معرفة سن الأضحية أو عمرها فكل نوع من الأضاحي لا يجب أن يقل عن سن معين، وعليه يجب أن تكون الأضحيةسمينة، وحسنة المظهر، وخالية من العيوب التي تؤثر في وفرة لحمها وجودته، وأن يكون الشعر أو الصوف نظيفًا ولامع الملمس، وغير متساقط في بعض أجزاء الجسم، ولا يتم نزعه بسهولة ولا يكون الحيوان هزيلاً، والتأكد من عدم وجود جرحبالجسم أو طفيليات خارجية .. كما يجب التأكد من عدم وجود إسهال، فضلاً عن عدم وجود إفرازات كثيرة ظاهرة من الفم أو الأنف، وأن تكون الأسنان سليمة حسب العمر وجميعها لبنية، وأن تكون العينان لامعتين ولايوجد بها التهابات أو إفرزات أو إحمرار، وانتقاء االحيوان نشط الحركة وتجنب الخامل.
* قبل الشروع في الذبح
وأشار إلى أن قبل الشروع في عملية الذبح، يجب تهيئة المكان والأدوات الواجب توفرها مع مراعات الشروط الصحية اللازمة والتي تتخلص في النظافة، ووفرة الماء …الخ، كما يجب أن يكون الشخص الذي يقوم بنحر الذبيحة نظيف الجسد واللباس، وبعد نحر الأضحية وإزالة الرأس والرجلين الأماميتين، يجب الشروع في سلخ الأضحية، باتخاذ الاحتياطات اللازمة لكي لا تتلوث اللحوم بأوساخ الصوف واجتناب عملية نفخ الأضحية عن طريق الفم، بعد هذه العملية وقبل فصل الجهاز الهضمي، يجب غسل السكين وتنظيف اليدين، لأن استخراج هذه الأعضاء تعتبر مرحلة حساسة من الناحية الصحية، لذا يجب قطع المصارين بدون تلويث اللحوم وجعل هذه الأعضاء في وعاء خاص ونظيف قبل غسلها، وبعد ذلك، ودائماً مع مراعاة عملية تنظيف السكين يجب القيام بإخراج الأعضاء المتبقية "الرئتين، القلب والكبد" وإيداعهم في وعاء آخر، وبعد هذه العملية يفتح جوف السقيطة لإفراغ الدم والماء المتجمع، تم يصب الماء داخلياً وخارجياً، ولتجنب التعفنات يجب أن لا ننسى إزالة المتانة التي تكون مملوءة بالبول، وكذا إزالة الشرج.
* فحص الأعضاء
وقال الدكتور وليد المرزوقي: تتميز الأغنام بقلة الأمراض الخطيرة التي تتنقل إلى الإنسان عن طريق تناول اللحوم وهكذا يجب القيام بفحص الأضحية "اللحوم والأعضاء" للتأكد من سلامتها، وبالنسبة للسقيطة (اللحم) عند ملاحظة أي تغيير في لون اللحم "أحمر داكن أو أصفر" يجب الاتصال بالمصالح البيطرية التي تنظم مداومة يوم العيد، مضيفاً: أن هناك العديد من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان ومنها الأكياس المائية التي تمثل أهم الإصابات وأكثرها انتشاراً، وهو مرض طفيلي مشترك بين الحيوان والإنسان "دورة الطفيلي"، هذا المرض يكون على شكل أكياس مائية في الرئة والكبد في بعض الحالات يصيب القلب كذلك، إذا لوحظ كيساً أو اثنين بعضو ما، يمكن إزالته مع عدم فتقه وتفريغ محتواه واستهلاك الباقي من العضو المصاب وإذا كانت الإصابة بليغة يجب إتلاف العضو بأكمله، كذلك من الأمراض يرقة الدودة الشريطيةوهذا المرض الطفيلي يكون على شكل نقط بيضاء في الكبد أو أكياس مائية بالوجه الداخلي للكبد أو في شحم الأمعاء (بولفاف)، وفي هذه الحالة يجب تنقية الأعضاء المصابة إذا كانت الإصابة خفيفة، وإذا كان العضو مملوءاً بالنقطالبيضاءفيجب إتلافه بأكمله، من الأمراض أيضاً ديسطوميا: هو مرض طفيلي يصيب الكبد ويعرف لذاالعامة "بوفرطوط الكبد" ويظهر بقنوات الكبد عند شرحها، فإذا كانت الإصابة خفيفة يجب تنقية الكبد وغسله، وإذا كانت الإصابة بالغة حيث تصبح الشرايين الداخلية للكبد صلبة مع تغير لونها إلى الأبيض "تشمع الكبد" يجب إتلاف العضو بأكمله وعدم استهلاكه.
وذكر الدكتور وليد المرزوقي أيضاً من الأمراض دودة الرئة وهو طفيلي يصيب الرئة ويكون على شكل حبة بارود في أسفل الرئة، في هذه الحالة يجب إزالة الجزء المصاب، وكذلك من الأمراض تلوث الرئة بالدم وتنتج هذه الحالة عند الذبح، بحيث يتسرب الدم إلى داخل الرئة عن طريق القصبة الهوائية، وفي هذه الحالة يجب إزالة الجزء المصاب من الرئة، ومنها أيضاً دودة الرأس تلاحظ هذه الدودة عند فتح الرأس على طول الخواشم، لا يشكل هذا الطفيلي أي خطر على صحة المستهلك، وعند معاينة يجب إزالته، وبعد الانتهاء من عملية الذبح وفحص اللحم والأعضاء، يجب إتلاف الأعضاء غير الصالحة للاستهلاك، كما يجب تنظيف مكان الذبح والأدوات المستعملة بواسطة المواد المنظفة الضرورية، وفي حالة أي شك في الإصابات المذكورة أعلاه يجب الاتصال بالمصالح البيطرية.
وعن انتقال العدوى إلى الإنسان قال: طرق انتقال العدوى من الحيوان إلى الإنسان متعددة فمنها ما ينتقل عن طريق تناول اللحوم مثل الديدان الشريطية والحويصلات المائية والحمى المالطية والدرن وبعض الأمراض البكتيرية والفيروسية، وقد تنتقل العدوى إذا ذبح الإنسان الحيوان المصاب وفيه جروح، أو لمس الدم الملوث، فقد يصاب بمرض حمى الوادي المتصدع، والحمي النزفية .. وغيرها.
* طرق الوقاية
وقال رئيس قسم علوم الحيوان والبيطرة بكلية الزراعة والعلوم البحرية في جامعة السلطان قابوس: أن هناك عدة اشتراطات، أولاً: أن الأضحية يجب أن تكون خالية من الأمراض خاصة الأمراض التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، ويجب الاهتمام بطرق التعامل مع الحيوان قبل الذبح، بدءاً من المزرعة مروراً بطرق النقل إلى إراحة الحيوانات في حظائر، وثانياً: فحص الحيوان قبل الذبح وهذا الفحص بالغ الأهمية حيث أن استبعاد الحيوان المريض، وثالثاً: فحص الحيوان بعد الذبح ويتم على أساس علمي وبواسطة طبيب بيطري مدرب للوقوف على الإصابات المختلفة وإجازة ما هو صالح للاستهلاك الآدمي، أما رابعاً: الرقابة الفنية لجميع الأنشطة داخل المسلخ وهي الحد من جميع مصادر التلوث المختلفة، حيث أن أي خطأ في أي خطوة من خطوات إعداد الحيوان قد يؤدي إلى تلوث اللحوم.