تعد المتاحف والمعارض التي تقام في المناسبات المختلفة ضرورة وطنية يتم عبرها الحفاظ على التراث الوطني، وحماية وحفظ الموروث الثقافي للتعريف بمفرداته كثروة وطنية، وهو دور يسعى لإعلاء الفخار الوطني وبث وتنمية الروح والانتماء في النفوس الفتية. فحماية أعز ما نملك من تراث ثقافي يعتبر حفظًا في الأساس على الهوية الثقافية للوطن، كما أن ذلك ينشر الوعي لدى المواطن ويعرفه بأهمية الحفاظ على تراثه كشاهد تاريخي على أصالة الشعب، كما يتيح الفرصة إلى الأجيال القادمة الاضطلاع على تاريخها وتاريخ أجدادها وعلى تراث شعبها الثقافي. فتاريخ الشعوب لا يمكن أن يعيش إلا من خلال تنشيط الذاكرة الثقافية، وتشكل المتاحف والمعارض أبرز الأماكن المهمة في تنشيط تلك الذاكرة، كما تعد المكان الذي يربطنا بالماضي من خلال الآثار والممتلكات الثقافية، فهي شهادة على الماضي التي تحفظ به جميع الآثار المادية التي خلفها السابقون.فبدون المتحف الوطني لم يكن ليعرف العمانيون وزوارهم بأن تاريخ بلادهم يتخطى المليوني عام من الإرث البشري، ففي السلطنة وجدت لُقى لثلاث حقب زمنية رئيسية هي: العصر الحجري القديم، والعصر البرونزي، والعصر الحديدي، حيث تتضمن لُقى العصر الحجري أولى الدلائل على الاستيطان البشري، أما لُقى العصر البرونزي فتسلط الضوء على التحول الاجتماعي والاقتصادي الهائل خلال الألفية الرابعة قبل الميلاد، وكذلك ظهور حضارة مجان الغنية بالنحاس، كما توجد لُقى من سلوت وأخرى تمثل حقبة الوجود الساساني والبارثي.إن اهتمام السلطنة بالمتاحف يعود إلى بواكير عصر النهضة المباركة حيث حرص حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على الاهتمام بها لإدراكه أهميتها في حفظ التاريخ العماني التليد؛ لذا أولى التراث الثقافي بمختلف أشكاله ومضامينه المادية أهمية خاصة، وأصدر أوامره السامية بالعناية به عناية متميزة، تدرك أهميته ودوره الملموس في النهوض بالحياة الفكرية والفنية والإبداع والابتكار، مما كان له الأثر الواسع في وجود مجموعة من المواقع الثقافية والطبيعية العمانية على لائحة التراث العالمي والتي تمثل دليلًا واضحًا على مساهمة العمانيين عبر العصور المختلفة في بناء الحضارات وتواصلها وتفاعلها مع الثقافات الأخرى.وتفتح المتاحف والمعارض التي تبرز التراث العماني المجال للباحثين والدارسين للاطلاع على الأبحاث والدراسات المتاحة في هذا الجانب، والتعرف عن كثب على هذه المفردات التراثية العمانية ذات الجذور الراسخة في عمق التاريخ العماني وتنبع من تراب هذا البلد العزيز، فهي معارض ومتاحف مختصة بتناول مكنونات التراث الثقافي العماني عبر العصور، وهي صروح علمية ثقافية تمثل السلطنة تراثًا وثقافةً، كما تشكل وجهة لجميع المهتمين بالتراث والتاريخ العماني من داخل البلاد وخارجها، كما تعد معلمًا حضاريًّا يقدم التاريخ والموروث الذي تزخر به السلطنة وما بناه الأجداد عبر الأزمنة المتعاقبة للجميع وللأجيال القادمة ولكل من يزور السلطنة، كما تعد تلك المناسبات والمتاحف الموجودة في السلطنة عنصرًا جاذبًا لقطاع السياحة، حيث إن السياحة لا تحصر على قطاع الفنادق والمنشآت الترفيهية، وإنما لا بد أن تكون هناك اكتمالية من خلال الترويج بالثقافة والتعريف بها، وأن وجودها وإقامتها سيشكل نقلة نوعية لقطاع السياحة بالسلطنة.ومن هذا المنطلق فإن استغلال مهرجان مدينة صلالة السياحي وما يمثله من جذب للمواطنين والمقيمين والزوار، والقيام بإقامة المعرض الوثائقي (عمان تاريخ وحضارة)، الذي ضم أكثر من 240 وثيقةً ومخطوطًا إلى جانب عدد من العملات والطوابع النادرة لتوثيق تاريخ وحضارة السلطنة في مختلف الحقب الزمنية الموروث الحضاري للسلطنة، يمثل استحضارًا إلى أمس واستشعارًا للحاضر، واستلهامًا للمستقبل، يتم عبره إطلاع الشباب العُماني على ما تم إنجازه من تقدم وتطور خلال مسيرة عصر النهضة المباركة، وتعريفهم بتاريخ عُمان الذي حافظت عليه على مر العصور، وأكدت على التمسك به، ويفتح آفاقًا جديدة لجميع الباحثين والمؤرخين والدارسين والمهتمين بالمجال التاريخي وذاكرة الوطن، كما يدعم قطاع السياحة الثقافية.