الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ورحمة الله تعالى للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .. بعون الله تعالى في رحاب شهر رمضان المبارك مع سورة من القرآن الكريم نعيش حولها من خلال موقع المصحف الإلكتروني متدبرين مقاصدها ومحاورها لنسعد في الدارين والله تعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
سُميت ‏هذه ‏السورة ‏بهذا ‏الاسم ‏لغالبية ‏أحوال ‏الإنسان ‏فيها‏، ‏سواء ‏منذ ‏النَشْأَةِ ‏والتَدَرُّجِ ‏معه ‏ سواء ‏في ‏النعيم ‏أو ‏العذاب، وسُميت ‏أيضاً ‏‏(هل ‏أتى ‏على ‏الإنسان) ‏‏ ‏‏(‏والإنسان‏) ‏‏ ‏‏(‏والأمشاج‏‏) ‏‏ ‏‏(‏والأبرار) ‏‏ ‏وسورة ‏‏(‏الدهر).
وهي مدنية من المفصل، آياتها (31) وترتيبها (السادسة والسبعون)، نزلت بعد الرحمن، بدأت بأسلوب استفهام (هل أتى على الإنسان) وتسمى (سورة الدهر).
سبب نزول السورة:
قال تعالى:(ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً) قال عطاء عن ابن عباس وذلك أن علياً بن أبي طالب نوبة أجَّرَ نفسه يسقي نخلاً بشىء من شعير ليلة حتى أصبح وقبض الشعير وطحن ثلثه فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له الخزيرة فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام ثم عمل الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أسير من المشركين فأطعموه وطووا يومهم ذلك فأنزلت فيه هذه الآية.
وتعالجُ السورةُ أمورًا تتعلقُ بالآخرة، وبوجهٍ خاصٍّ تتحدثُ عن نعيمِ المُتَّقينَ الأبرارَ في دارِ الخُلدِ والإقامة في جنَّاتِ النعيمِ، ويكادُ يكونُ جوُّ السورةِ هو جوُّ السور المكيةِ لإيحاءاتها وأسلوبها ومواضيعها المتنوعةِ.
ابتدأت ببيان قدرة الله في خلق الإنسان في أطوار، وتهيئته ليقوم بأنواع العبادة المكلف بها، من قوله تعالى:(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً) إلى قوله تعالى:(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً).
تحدثت عن نعيم أهل الجنة، في قوله تعالى:(إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً، عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً).
ذكرت أوصاف السعداء بإسهاب، من قوله تعالى:(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً، إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً).
أشادت بما لهم عند الله في دار الكرامة من نعيم مقيم، من قوله تعالى:(فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً).
سردت نعيم أهل الجنة في المأكل والمشرب والملبس ومن يخدمهم ،من قوله تعالى:(مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً) إلى قوله تعالى:(إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً).
ختمت بأن هذا القرآن هو تذكرة لمن له قلب يعي أو فكر ثاقب يستضيء بنوره، من قوله تعالى:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً) إلى قوله تعالى:(يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) .. والله أعلم.

اعداد ـ أم يوسف