سنتعرف في مقال اليوم عن صفة جديدة من صفات التقين وهي (كثرة القنوت)، فمن هم القانتين وكيف تكون من القانتين، أسأل الله تعالى لكم الخير وأن نكون من العابدين القانتين، وتعريف كلمة القانتين هم المتعبدون والمطيعون لله تبارك وتعالى.
قال الله تبارك وتعالى:(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الأحزاب)، وهذا دليل واضح من الكتاب العزيز أن الله تعالى جعل منزلة ومرتبة القانتين عالية، وأن لهم مغفرة من الله تعالى والأجر في الدنيا والآخرة .
* معنى القنوت:
أولاً: معاني القنوت في اللغة( قنت .. القنوت) يرد القنوت في لسان العرب، على المعاني التالية: الإمساك عن الكلام، والسكوت: الدعاء، والتسبيح :الصلاة.
فيصرف في كل واحد من هذه المعاني، إلى ما يحتمله اللفظ في سياقه، من آية، أو حديث، أو عبارة) قال ابن سيده، فيما نقله عنه ابن منظور، في كتابه:(لسان العرب):القنوت: الطاعة، هذا هو الأصل، ومنه قوله تعالى:(والقانتين والقانتات) (الأحزاب ـ 35).
القانت: الذاكر لله تعالى، كما قال عزوجل:(أمن هو قانت ءاناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة)ً وقيل: القانت: العابد والقانت في قوله عزوجل:(وكانت من القانتين) (التحريم ـ 12)، أي من العابدين والمشهور في اللغة، وحقيقة القانت أنه القائم بأمر الله، فالداعي إذا كان قائماً، خص بأن يقال له: قانت، لأنه ذاكر لله تعالى، وهو قائم على رجليه .. فحقيقة القنوت: العبادة، والدعاء لله عزوجل، في حال القيام، ويجوز أن يقع في سائر الطاعة، لأنه إن لم يكن قياماً بالرجلين، فهو قيام بالشيء بالنية قال ابن سيده: والقانت القائم بجميع أمر الله تعالى وجاء في مفردات الراغب الأصفهاني، في تفسير معنى القنوت، أنه لزوم الطاعة مع الخضوع، وفسر بكل واحد منهما في قوله:(وقُومُوا لله قانتين) (البقرة ـ 238)، وقوله تعالى:(كل له قانتون) (البقرة ـ 116)، (الروم ـ 26)، قيل: خاضعون، وقيل: طائعون، وقيل: ساكتون، ولم يعن به كل السكوت، وإنما عنى به ما قاله ـ عليه الصلاة والسلام:(إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الآدميين، إنما هي قرآن وتسبيح)، وعلى هذا قيل: أي الصلاة أفضل؟ فقال:(طول القنوت)، أي الاشتغال بالعبادة، ورفض كل ما سواه. وقال تعالى:(إنّ إبراهيم كان أمةً قانتاً) (النحل ـ 120)، (وكانت من القانتين) (التحريم ـ 12)، (أمّن هو قانت ءانآء اليل ساجداً وقآئماً) (الزمر ـ 9)، (اقنتي لربك ..) (آل عمران ـ 43)، (ومن يقنت منكن لله ورسوله) (الأحزاب ـ 31)، (والقانتين والقانتات) (الأحزاب ـ 35)، (فالصالحات قانتات) (النساء ـ 34) وفي زاد المعاد (4): أن القنوت يطلق على القيام، والسكوت، ودوام العبادة، والدعاء، والتسبيح، والخشوع، كما قال تعالى:(وله من في السماوات والأرض كل له قانتون) (الروم ـ 26)، وقال تعالى:(أمن هو قانت ءانآء اليل ساجداً وقائماً يحذر الأخرة ويرجو رحمة ربه ..) (الزمر ـ 9)، وقال تعالى:(وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين) (التحريم ـ 12)، وقال زيد بن أرقم:(لما نزل قوله تعالى:(وقوموا لله قانتين) (البقرة ـ 238)، أمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام).
ثانياً ـ معاني القنوت في القرآن الكريم: لقد جاء ذكر القنوت، في القرآن الكريم، في ثماني سور، في اثنا عشر موضعاً، وثلاثة مواضع منهن مكية، في النحل، والروم، والزمر، وبقيتهن مدنيات، في سور: البقرة وآل عمران والنساء والتحريم والأحزاب، وتدور معاني القنوت في هذه المواضع على الطاعة والاستجابة والاستكانة والخضوع والخشوع والإقرار بالعبودية، ثم تأتي بمعنى الطاعة عامة، والطاعة لله عزوجل، ولرسوله (صلى الله عليه وسلم)، والطاعة في سكون والطاعة في خشوع والخشوع في الصلاة وطول الركوع في الصلاة.
وعليه فالقانت هو الخاشع، المطيع لله ورسوله، العابد، الراكع، المستكين له، الخاضع لأمره، الخاشع في صلاته، الذي يطيل في صلاته، وركوعه والقنوت مرتبة عالية، لأنه يُذْكر بعد الإسلام، والإيمان، ولهذا فالإسلام بعده مرتبة يرتقى إليها، وهو الإيمان، ثم القنوت ناشيء عنهما وهذا بيان تفصيلي، للمواضع التي جاء فيها لفظ القنوت، مع تفسير موجز لمعنى القنوت، في كل موضع، مع تصنيف الآيات موضوعياً.
الكون كله قانت لله (وقالوا اتخذ الله ولداً سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون) (البقرة ـ 116)، (وله من في السموات والأرض كل له قانتون) (الروم ـ 26)، ومعنى (قانتون) في الموضعين: أي مقرون بالعبودية، مطيعون، خاشعون لله خاضعونوعليه، فالقانت هو الخاشع، المطيع لله ورسوله، العابد، الراكع، المستكين له، الخاضع لأمره، الخاشع في صلاته، الذي يطيل في صلاته وركوعه.
والقنوت مرتبة عالية، لأنه يُذْكر بعد الإسلام، والإيمان، ولهذا فالإسلام بعده مرتبة يرتقى إليها، وهو الإيمان، ثم القنوت ناشيء عنهما.
وهذا بيان تفصيلي، للمواضع التي جاء فيها لفظ القنوت، مع تفسير موجز لمعنى القنوت، في كل موضع، مع تصنيف الآيات موضوعياً.
* الكون كله قانت لله:
(وقالوا اتخذ الله ولداً سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون) (البقرة ـ 116)، (وله من في السموات والأرض كل له قانتون) (الروم ـ 26). ومعنى (قانتون) في الموضعين: أي مقرون بالعبودية، مطيعون، خاشعون لله خاضعون.
* القنوت صفة الأنبياء:
كما جاء في ذلك في وصف إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام:(إن إبراهيم كان أمة قانتاً) (النحل ـ 120)، وقانتاً هنا، تعني: الخاشع، المطيع.
* فضل القانتين وأهل القيام والتهجد:
(أمّن هوقانت ءانآء اليل ساجداً وقآئماً يحذر الأخرة ويرجو رحمة ربه ..) (الزمر :9). وكلمة قانت هنا، تعني: الخشوع في الصلاة، والتهجد (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) (البقرة ـ 238).
الأمر بالقنوت خطاباً لمريم ـ عليها السلام:(يا مريم اقنتي لربك واسجدى واركعى مع الراكعين) (آل عمران ـ 43). والقنوت هنا، بمعنى: طول الركوع في الصلاة، امتثالاً لأمر الله تعالى. وفي خطاب القرآن لأمهات المؤمنين ـ رضوان الله عليهن:(ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقاً كريماً) (الأحزاب ـ 31) أي: تطع الله ورسوله، وتستجيب ثم جاء في ذكر القنوت، على أنه صفة ملازمة، للمؤمنين، والمؤمنات:(إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات) (الأحزاب ـ 35). أي:المطعين، والمطيعات، في سكون. (الصابرين والصادقين والقانتين) (آل عمران ـ 17)، أي: الطائعين، الخاضعين. (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ..) (النساء ـ 34)، أي: مطيعات لأزواجهن. (مسلمات مؤمناتٍ قانتات ٍ) (التحريم :5)، مطيعات،(وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين) (التحريم ـ 12)، أي: من المطيعات.
ثالثاً ـ المعنى الاصطلاحي للقنوت : وقد ذهب ابن حجر العسقلاني إلى أن (القنوت يطلق على معان، والمراد به هنا الدعاء في الصلاة، في محل مخصوص من القيام)
ومع أن المراد بالقنوت هنا، هو الدعاء في الصلاة، فإن هذا المعنى، يجمع المعاني الأخرى المرادة من القنوت، لأنه دعاء، في قيام، في صلاة، لا كلام فيها، إلا ذكر الله، في طاعة لله، وعبادة خالصة، خاشعة، وإقرار بالعبودية .. وللحديث بقية.

إعداد ـ محمد عبدالظاهر عبيدو
إمام وخطيب جامع محمد الأمين