في رحاب فضل طلب العلم وحب والعلماء نتحدث وأول ما نتذكرة , نتذكر حديث رسول الله )صلى الله عليه وسلم( الذي يقول فيه:(فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم)، ويقول في حديث آخر:(فضل العالم علي العابد, كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب) وقال )صلى الله عليه وسلم(:(مُعلّم الخير يستغفر له كل شيء, حتى الحيتان في البحر).
وللعلم مكانة عظيمة وفضل كبير, والمسلم مطالب بأن يبحث عن العلم ويبحث عن العلماء, ويجالسهم, فهُم القوم لا يشقى جليسهم، قال رسول الله )صلى الله عليه وسلم(:(إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب)، فالعلماء هم بمثابة سراج منير للناس, ومصابيح في الدنيا والآخرة, هم أعلى من القمرين والنجوم, مع أنها أرفع وأنور في المشارق والمغارب, لأنها يحجبها الغمام, ونور العلم لا يحجبه سبع سماوات. ويكفينا أن نعلم فضل طلب العلم من قول رسول الله )صلى الله عليه وسلم(:(من سلك طريقا يلتمس فيه علماً, سهّل الله له طريقاً إلى الجنة, وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم, رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد, كفضل القمر ليلة البدر, علي سائر الكواكب, وإن العلماء ورثة الأنبياء, وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً, إنما ورثّوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)، وقوله )صلى الله عليه وسلم(:(من سلك طريقاً ..) حسياً أو معنوياً ونكّره ليتناول أنواع الطريق الموصّلة إلى تحصيل أنواع العلوم الدينية والمعني: سهّل الله له بسبب العلم طريقاً, من طرق الجنة.
والعلم أخي المسلم هو: طريق السعادة في الدنيا والآخرة وهذا كله يدل على بيان فضل العلماء وشرفهم عند الله تعالى, إذا هم التزموا بما تعلموه, وكانوا قدوة للناس، فالعلم النافع هو الذي ينفع صاحبه أولاً ثم يظهر أثر ذلك في التعامل بين الناس بعضهم البعض، وواجب على العالم أو على العلماء جميعاً: أن يبلّغوا دعوة الله سبحانه وتعالى إلى جميع البشرية, ويكون التبليغ كما أمر الله عز وجل بالموعظة الحسنة، قال الله تعالى:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة, وجادلهم بالتي هي أحسن) (النحل ـ 125)، وقال رسول الله )صلى الله عليه وسلم(: (بلغوا عني ولو آية) ولا يجوز للعالم أن يكتم علما تعلّمه عن الناس، ولقد حذّر من ذلك رسول الله )صلى الله عليه وسلم( فقال:(ما من رجل يحفظ علماً فكتمه إلا أتى يوم القيامة ملجما بلجام من نار) لقد أخذ الله تعالى العهد والميثاق على أهل العلم الذين أوتوا الكتاب أن يبيّنوا هذا العلم للناس ولا يكتمونه قال تعالى:(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه, فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلا فبئس ما يشترون) (آل عمران ـ 187)، ومعنى هذا أن تعّلم العلم للنشر لا للكتمان، قال تعالى:(إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) (البقرة ـ 174)، قال الإمام ابن كثير في هذا المعنى: إنما يأكلون ما يأكلون في مقابلة كتمان الحق نار تأجج في بطونهم يوم القيامة, ولا يكلمهم الله يوم القيامة, وذلك لأنه غضبان عليهم, لأنهم كتموا وقد علموا, فاستحقوا الغضب من الله عز وجل، فتبليغ الدعوة أمانة يجب أدائها, لكل من يهمك أمره وخاصة من تعولهم مثل الزوجة, والأبناء, ثم أعلّم غيري بهذه الدعوة, لأن رسول الله )صلى الله عليه وسلم( يقول:(الدين النصيحة) ومن يفكر في سعادة الدارين فعليه أن يتقي الله تعالى في دينه وفي كل أمور حياته, لأن الله تعالى يقول:(قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلاً)، وقال تعالى:(ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين) (فصلت ـ 31) ثم إن من خدم العلم خدمه الناس, ومن خدم المحابر, دانت له المنابر, ومن صان العلم صانه العلم, ومن أهان العلم هان علي الناس, فرضي الله عن العلماء لأنهم خدموا دينهم ابتغاء وجه ربهم, وعلي كل مسلم ومسلمة واجب تجاه دينهم: فلا بد من القيام به, حتى لا يكونوا من المقصّرين أو المفرّطين.
اللهم يا ربنا إنا نسألك علماً نافعاً, وقلباً خاشعاً وعملا ًمتقبلاً, ورزقاً واسعاً, وشفاء من كل داء يارب العالمين اللهم آمين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

إبراهيم السيد العربي
إمام وخطيب جامع الشريشة/ سوق مطرح