زكاة الفطر لها فضل عظيم يصل الى أفراد المجتمع كافة، فهي تسهم في تطهير النفس والمال، ورفع الدرجات، وحصول البركة، وزيادة الأجر والمثوبة، ونفي الفقر، ومواساة المحتاجين، وترابط المجتمع المسلم، زكاة الفطر طعمة للمساكين.
في يوم العيد يوم فرح للمسلمين، ولا يريد الشرع أن يوجد في المسلمين في يوم فرحهم من يمد يده، ولا يريد الشرع أن يوجد في يوم فرح المسلمين من هو جائع، إذن أغنوهم بها عن السؤال في ذلك اليوم حتى يعيش المسلمون كلهم في فرحة، وأن تعم هذه الفرحة بلا منغصات، كمنغص الجوع، ومنغص هم صاحب العيال بعياله، من أين يطعمهم، فليفرح العيال، ورب العيال جعل إغناء المساكين بالطعام في ذلك اليوم ليشاركوا بقية المسلمين الفطر فرحة حتى لا يكون هناك في مجتمع المسلمين من هو منغص في يوم العيد.
وأضيفت هذه الزكاة إلى الفطر لأنها تجب بالفطر من رمضان، وهذه يُراد بها الصدقة عن البدن والنفس ومصرفها كزكاة المال لعموم:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ..) وزكاة الفطر صدقةٌ تُخْرَجُ في آخر رمضان قبل صلاة العيد لأجل أن يشارك الفقراء إخوانهم في فرحة العيد بعد إتمام الصيام، قال ابن عباسٍ ـ رضي الله عنهما:(فرضَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلّم) زكاةَ الفطرِ طُهرةً للصائمِ من اللغوِ والرفثِ وطعمةً للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)، وهي واجبة على كل فرد من المسلمين، فرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير.
يقول الدكتور عامر القضاة: الصائم في سعيه وابتغائه الرزق في حياته يصيب ويخطئ، يحسن ويسيء، فيحتاج لتطهير نفسه وتزكيتها، فجاءت زكاة الفطر، قال تعالى:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ..) (التوبة ـ 103)، فالزكاة طهارة للقلب والنفس، وطهرة من اللغو والرفث.وصيام المرء متوقف على تخليص نفسه من شحّها وبخلها، وعلامة ذلك مبلغ زهيد تطيب به نفسه، لأنه يعلم أن صدقته تقع في يد الرب سبحانه قبل أن تقع بيد الفقير.
ويقول الدكتور مصطفى إسعيفان: تحقق زكاة الفطر مقصدين يعود أحدهما على المزكي والآخر على من مستحق الزكاة، أما الأول: فهو تطهير الصائم مما عساه يكون قد وقع فيه مما يتنافى مع حكمة الصوم وأدبه، كالشتم والنظر المحرم والغيبة ونحو ذلك، فتكون زكاة الفطر بمنزلة جبرٍ لهذا النقص، أو تكفير له إلى جانب المكفرات الأخرى من الاستغفار والذكر والصلاة .. وغيرها. وهي بهذا المعنى تشبه عملية الترميم للصيام من اللغو والرفث ومما لا ينسجم مع طبيعة الصيام.
ومما يعود كذلك على المزكي أيضاً أن هذه الصدقة تسهم في تطهير نفسه من داعية الشح، وتعوده البذل والعطاء قال تعالى:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) (التوبة ـ 103). وأما المقصد الثاني: فهو أنها إعانة للمعوزين من الناس، خاصة في يوم العيد، فيوم العيد يوم فرح، ولذلك كان من الأوقات المُتخيرة لإخراج زكاة الفطر صبيحة يوم العيد وقبل الاجتماع للصلاة، حتى لا يحتاج الفقراء إلى التطواف على أبواب الأغنياء ليعطوهم، وحتى لا يكون بين المسلمين من هو منغص في هذا اليوم البهيج، وجاء في الحديث:(أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم).
جعل الله لنا في ختام شهرنا عبادة عظيمة، ألا وهي زكاة الفطر، فتعالوا نتلمس بعضاً من حكم الشرع في هذه العبادة:
أولاً: هي صدقة مالية، تخرج من الأموال نشتري بها طعاماً، والطعام من المال، فشيء نجود به لله إذن، وتقديم للمال.
ثانياً: أنها محدودة بصاع، لم يرهق الشرع الناس، ما فرض عليهم أكثر من صاع عن كل شخص، وإذا رجعنا إلى الحكمة منها أن للشرع فيها مقصدان أساسيان:
الأول: طهرة للصائم، فالشرع يحرص على تطهير الصائمين من الذنوب والمعاصي وأن يرقعوا ما انخرق من صيامهم، فصدقة تكملان ما نقص، تجبران النقص أو الخلل، وهكذا صدقة الفطر من أهميتها أنها تجبر خلل الصيام، وما أكثر ما يقع من الخلل من قبلنا، إذن طهرة للصائم.
المقصد الثاني للشرع: طعمة للمساكين لأن يوم العيد يوم فرح، ولا يريد الشرع أن يوجد في المسلمين في يوم فرحهم من يمد يده، ولا يريد الشرع أن يوجد في يوم فرح المسلمين من هو جائع، إذن أغنوهم بها عن السؤال في ذلك اليوم حتى يعيش المسلمون كلهم في فرحة، وأن تعم هذه الفرحة بلا منغصات، كمنغص الجوع، ومنغص هم صاحب العيال بعياله، من أين يطعمهم، فليفرح العيال، ورب العيال جعل إغناء المساكين بالطعام في ذلك اليوم ليشاركوا بقية المسلمين الفرحة حتى لا يكون هناك في مجتمع المسلمين من هو منغص في يوم العيد.
وإذا فهمنا هذا عرفنا لماذا نخرج زكاة الفطر طعاماً لا غير، أولاً: لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها صاعاً من طعام.
ثانياً: قصد الشرع: أغنوهم بها عن السؤال في ذلك اليوم، وقوله في الحديث الآخر: (وطعمة للمساكين) زكاة المال، وأيضاً من الصدقات العامة، لكن هذه تحديداً زكاة الفطر صاعاً من طعام طعمة للمساكين، زكاة الفطر تذكر الإنسان بمسؤوليته في الإنفاق؛ لأن زكاة الفطر عنك وعمن تلزمك نفقتهم من أهل بيتك، فتذكرك أنك مسؤول عن الزوجة، والأولاد ذكوراً، وإناثاً، وإذا كنت تعول والديك أيضاً، فتذكر بالمسؤولية في الإنفاق؛ لأنك ستعد وتقول: أنا، وزوجتي، وأولادي، نحن ستة، نحن ثمانية، نحن كذا، وهكذا تخرج عدد الأصواع بحسب عدد أفراد الأسرة، فتذكرك بمسؤولية الإنفاق نحوهم، هذه الزكاة فيها دقة، بمعنى أنك لا بد أن تلتزم بالوقت الذي جاءت فيه.

إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري
(المصدر: مراجع مختلفة)